الدمناتي: مسيرة FDT بطنجة ناجحة والاتحاد الاشتراكي سيظل دائما في صفوف النضال مدافعا عن حقوق الشغيلة    تيزنيت: الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ينظم تظاهرته بمناسبة فاتح ماي 2025 ( صور )    عندما يهاجم بنكيران الشعب.. هل زلّ لسانه أم كشف ما في داخله؟    وزراء خارجية "البريكس" وشركاؤهم يجتمعون في ريو دي جانيرو    كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يدشن مشاركته بفوز صعب على كينيا    في عيد الشغل.. أمين عام حزب سياسي يتهم نقابات بالبيع والشراء مع الحكومة    صادرات الفوسفاط بقيمة 20,3 مليار درهم عند متم مارس 2025    تنفيذ قانون المالية لسنة 2025.. فائض خزينة بقيمة 5,9 مليار درهم عند متم مارس    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينتصر على كينيا ويشارك الصدارة مع نيجيريا قبل المباراة المرتقبة بينهما    أمطار طوفانية تغمر زاكورة.. وسيول كادت تودي بأرواح لولا تدخل المواطنين    الشرطة الإسبانية تعتقل زوجين بسبب احتجاز أطفالهما في المنزل ومنعهم من الدراسة    كلية الناظور تحتضن ندوة وطنية حول موضوع الصحة النفسية لدى الشباب    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فرنسا.. ضبط 9 أطنان من الحشيش بعد سطو مسلح على شاحنة مغربية قرب ليون (فيديو)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    نشرة إنذارية: زخات رعدية وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    كرة القدم.. برشلونة يعلن غياب مدافعه كوندي بسبب الإصابة    توقيف لص من ذوي السوابق لانتشاله القبعات بشوارع طنجة    لماذا أصبحت BYD حديث كل المغاربة؟    عمر هلال يبرز بمانيلا المبادرات الملكية الاستراتيجية لفائدة البلدان النامية    موخاريق: الحكومة مسؤولة عن غلاء الأسعار .. ونرفض "قانون الإضراب"    رحيل أكبر معمرة في العالم.. الراهبة البرازيلية إينا كانابارو لوكاس توفيت عن 116 عاما    المركزيات النقابية تحتفي بعيد الشغل    "تكريم لامرأة شجاعة".. ماحي بينبين يروي المسار الاستثنائي لوالدته في روايته الأخيرة    باحثة إسرائيلية تكتب: لايجب أن نلوم الألمان على صمتهم على الهلوكوست.. نحن أيضا نقف متفرجين على الإبادة في غزة    اتحاد إنجلترا يبعد "التحول الجنسي" عن كرة القدم النسائية    المغرب يجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 9.16 مليار درهم في ثلاثة أشهر    تقرير: المغرب بين ثلاثي الصدارة الإفريقية في مكافحة التهريب.. ورتبته 53 عالميا    الحكومة تطلق خطة وطنية لمحاربة تلف الخضر والفواكه بعد الجني    تراجع طفيف تشهده أسعار المحروقات بالمغرب    أمل تيزنيت يرد على اتهامات الرشاد البرنوصي: "بلاغات مشبوهة وسيناريوهات خيالية"    المملكة المتحدة.. الإشادة بالتزام المغرب لفائدة الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل خلال نقاش بتشاتام هاوس    معرض باريس.. تدشين جناح المغرب، ضيف شرف دورة 2025    عادل سايح: روح الفريق هل التي حسمت النتيجة في النهاية    العثور على جثة مهاجر جزائري قضى غرقاً أثناء محاولته العبور إلى سبتة    تسارع نمو القروض البنكية ب3,9 في المائة في مارس وفق نشرة الإحصائيات النقدية لبنك المغرب    الإسباني لوبيتيغي يدرب منتخب قطر    السكوري بمناسبة فاتح ماي: الحكومة ملتزمة بصرف الشطر الثاني من الزيادة في الأجور    أغاثا كريستي تعود للحياة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي    دول ترسل طائرات إطفاء إلى إسرائيل    الإعلان في "ميتا" يحقق نتائج أرباح ربعية فوق التوقعات    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدعو الحكومة إلى تحسين الأجور بما يتناسب والارتفاع المضطرد للأسعار    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    أكاديمية المملكة تشيد بريادة الملك محمد السادس في الدفاع عن القدس    الدار البيضاء ترحب بشعراء 4 قارات    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيير فيرمورين: بنكيران أزعج القصر والعثماني لن يخلفه في الزعامة
نشر في اليوم 24 يوم 16 - 05 - 2017

في هذا الحوار يكشف المؤرخ الفرنسي بيير فيرمورين، المتخصص في الشؤون المغربية، تحليله للطريقة التي ولدت بها الحكومة الجديدة ولعلاقة القصر بالساحة السياسية.
انتخبت فرنسا أخيرا رئيسا شابا يقود حركة جديدة هي «إلى الإمام» ولا ينحدر من الأحزاب التقليدية. هل يمكن برأيك تصور إيمانويل ماكرون مغربي؟

المغرب وفرنسا مجتمعان مختلفان. حتى في فرنسا جاء هذا الانتخاب بتجربة غير مسبوقة، فآخر رئيس شاب كان هو فالري جيسكار ديستان الذي انتخب عام 1974، أي بعد ماي 1968، وكان لذلك معنى سياسي. هذه المرة يرتبط التجديد بالأزمة السياسية الفرنسية، التي نعيشها منذ ثلاثين عاما، ومن أبرز تجلياتها انتقال حجم البطالة من 300 ألف إلى سبعة ملايين شخص. أي أنها أزمة خطيرة جدا، ربما اجتماعية وسياسية أكثر منها اقتصادية. يبدو أن الفرنسيين اختاروا تغيير الوضع، لكن المغرب يظل مجتمعا…

شابا بدرجة كبيرة؟

ج: نعم شاب، لكنه مع ذلك مجتمع أبوي شيئا ما، حيث النخب السياسية تعرف استقرارا كبيرا وديمومة كبيرة لزعماء الأحزاب السياسية، وهذا أمر مثير لأننا نجد دائما المسؤولين أنفسهم. قد يعني ذلك أن هناك مجالا أكبر للتجديد في المغرب، لكن الأمر سيكون في مستوى رئيس الحكومة، وهذا الأخير ينحدر من الأحزاب. لكي يعيش المغرب ما عاشته فرنسا، ينبغي تغيير المشهد السياسي المغربي.

كيف؟

لا أتوفر على وصفة جاهزة. ماكرون نجح بعدما تقدم باعتباره شخصا يريد كسر نظام الأحزاب السياسية. فهو لم ينخرط قط في الأحزاب السياسية، وغادر الحكومة بشكل سريع مسائلا بذلك الحزب الاشتراكي، وهو الآن يحاول تحكيم حزب الجمهوريين. تحالف ماكرون مع الوسط، مجسدا في فرانسوا بايرو، ولا نعرف ما إن كان الأمر سينجح أم لا. أما في المغرب، ففي الوقت الحالي الانتخابات البرلمانية ترتبط بالأحزاب، وآخر محاولة للتجديد كانت مع تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة، الذي أصبح الآن حزبا كبقية الأحزاب…

ألم تكن حركة 20 فبراير فرصة للتجديد السياسي؟

حركة 20 فبراير تتقاسم خاصية مشتركة مع باقي حركات الربيع العربي، وهي غياب الزعيم. إنها حركة رأي وشباب وجمعيات وحقوق للإنسان، لكن مع فكرة تتمثل في القطع مع فكرة الزعيم. لم يكن هناك أي أحد خلف هذه الحركة، لا في مصر ولا في تونس، ولهذا السبب تمكن الإخوان المسلمون من استعادة هذه الحركات. الشباب الذين وقفوا خلف هذا الحراك تم تهميشهم، وفي المغرب كان حزب العدالة والتنمية هو المستفيد من هذه المرحلة.

حزب العدالة والتنمية عاد، في انتخابات 7 أكتوبر الماضي، ليفوز ومن خلاله فاز رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، لكن هذا الأخير لم يتمكن من تشكيل حكومة. ما هي الأسباب برأيك؟

قد يكون ذلك عائدا إلى شخصية بنكيران التي كانت منفتحة جدا (extravertie)، ومتجاوزة للقياسات المعتادة في الحقل السياسي المغربي (atypique). ربما كان بنكيران مزعجا للقصر، لا أدري هل للملك شخصيا أم للمقربين منه أم لعائلته. عادة، الوزراء الأولون في المغرب كانوا شخصيات متكتمة، وأعتقد أن نظام حكم المخزن، وخاصة القصر، يتطلب هذا التحفظ. بنكيران له نوع من الكاريزما، وكان يبدو كفيل داخل محل للخزف. والدليل على أن المشكل كان معه شخصيا وليس مع الحزب، هو أن الرجل الثاني في الحزب نفسه تمكن من تشكيل تحالفاته في أسبوعين أو ثلاثة. أي أن ذلك يعني أن المشكل كان بالفعل مع شخص بنكيران.

ماذا عن الديمقراطية في المغرب، هل تعتقد أنها استفادت أم تضررت مما جرى منذ الانتخابات؟

لا أدري، لكن في جميع الأحوال لم تكن لما وقع صورة جيدة. فرغم أن الحكومة السابقة كانت موجودة طيلة تلك الشهور، رمزيا على الأقل، فقد مر وقت أطول من اللازم بين الانتخابات وبين تشكيل الحكومة. عمليا، لم تكن هناك حكومة ولا برلمان، بل إنه لم تكن الحكومة غائبة فقط، بل كانت هناك أشياء كثيرة تتغير في المغرب، بشأن ملف الصحراء وإفريقيا… وهو ما ترجم إلى تصاعد في نشاط القصر.

هل تعتقد أن الإسلاميين يمثلون مشكلة بالنسبة إلى المغرب، وأن البلوكاج الذي وقع مبرر؟

هناك إسلاميون كثيرون، وهذا هو المشكل. والإخوان المسلمون عموما… (يفكر) هل ينسب حزب العدالة والتنمية نفسه إلى الإخوان المسلمين؟

على العكس، يصر على أنه يمثل تجربة مغربية بالكامل.

لديهم مصلحة في تمييز أنفسهم عن الإخوان المسلمين، لما واجهه هؤلاء من مشاكل حينما وصلوا إلى السلطة، سواء في مصر أو في تونس، وتهديد وصولهم إلى الحكم أشعل حربا أهلية في كل من سوريا وليبيا، وبالتالي، أتفهم تمييز حزب العدالة والتنمية نفسه عن الإخوان المسلمين، لكنني أعرف جيدا أنهم يعرفون أن المغرب فيه وضعية خاصة جدا، حيث الوظيفة السياسية والدينية يشغلها الملك، وبالتالي، لا يمكنهم القيام بتموقع مماثل لإسلاميي باقي الدول. انطلاقا من هنا، هم يمثلون حساسية دينية لجزء مهم من الساكنة…

هل تعتبر ذلك إيجابيا؟

هذا يعني وجود تنافس مع القصر ومع الملكية التي تحتكر الحقل الديني، وتترك للأحزاب السياسية الشؤون السياسية والاجتماعية التقنية. انطلاقا من اللحظة التي يعلن فيها حزب ما مرجعيته الدينية، يصبح هناك تنافس. فالمسألة في العمق ترتبط بمن هو أفضل مسلم في البلاد.

هل تعتقد أنهم لو لم يكونوا إسلاميين لما واجهوا الصعوبات الحالية؟ هل السبب هو مرجعيتهم الدينية فقط، أم إن الأمر يرتبط باحترام الديمقراطية بصفة عامة؟

ج: قبل العدالة والتنمية كان هناك الاشتراكيون الذين قادوا التناوب بين 1998 و2002، وهي التجربة التي انتهت بتهميش حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. كانت هناك إشكالية مشابهة، فهو حزب كان يتمتع بقاعدة شعبية تاريخية، وله ماض من الاحتجاجات تجاه هيمنة الملكية، ليس في الحقل الديني هذه المرة، بل في المجال السياسي. قد يحدث الأمر نفسه مع الحركات الأمازيغية، لكننا نعرف أنهم لا يملكون حق تأسيس الأحزاب السياسية. بالتالي، ابتداء من اللحظة التي لا يكتفي فيها القصر بالوظيفة الرمزية، ويشرع في لعب دور سياسي واقتصادي، فإنه يدخل حتما في تنافس مع القوى الإيديولوجية الأخرى. هذا الأمر يأخذ بعدا أكبر حين يتعلق الأمر بالدين، لأن شرعية الملك هي قبل كل شيء دينية. إلا أن التاريخ يثبت أن صراعات أخرى حول الشرعية ممكنة. فحين لا يكتفي القصر بممارسة الوظيفة الرمزية ويهتم بالشؤون الاقتصادية والمدنية، يدخل في تنافس مع الأحزاب. قد تكون هناك منافسة بناءة، لكنها في لحظة ما تتحول إلى صراع، وكذلك كان الحال في وقت معين مع حزب الاتحاد الاشتراكي…

والآن مع العدالة والتنمية؟

يبدو أن ذلك غير صحيح، لأنه مازال هناك تعاون. صحيح أن هناك تعايشا مفروضا منذ 2011 بفعل ما وقع من أحداث، ووجود حزب تمكن من استقطاب جزء من الكتلة الناخبة التاريخية لحزب الاستقلال. والمناسبة، كان هذا الأخير أيضا في تنافس مع الملكية في مرحلة معينة حول مسألة الوطن.

الحكومة الجديدة تتسم بحضور كبير للتكنوقراط. ما وظيفة هؤلاء الفاعلين السياسيين في المغرب؟

مشكلة حزب العدالة والتنمية هي أنه صوّر كما لو أنه حزب أناس متدينين لم يدرسوا كثيرا في مستويات عليا، ومعرّبين وأقرب إلى «نخب الاستبدال». ولكي يكتسب بعض المصداقية، اختار بنكيران بعض التكنوقراط لينافس بهم القصر وباقي الأحزاب السياسية التي تدفع بهؤلاء التكنوقراط…

حين نتحدث عن التكنوقراط في المغرب، فإننا نقصد بهم، بشكل خاص، رجال القصر داخل الحكومة، وليس هؤلاء الآتين من الأحزاب.

آه، نعم، هذا أمر مختلف. ففي نهاية حكم الحسن الثاني، تولى هو شخصيا تنظيم هذا المنعرج التكنوقراطي، من خلال المراهنة على المهندسين، والاعتماد على خريجي مدرسة القناطر والطرق… هدف القصر منذ نهاية التسعينات كان هو تعويض السياسيين بالتكنوقراط، بمعنى حذف الصبغة السياسية dépolitiser عن المشهد الحكومي لإسناد الشؤون العامة والملفات الجادة إلى المتخصصين، وترك الأمور التقنية للأحزاب. لكن، يبقى هناك حيز سياسي شغله بنكيران في الفترة الأخيرة، حيث لاحظنا أنه يحسن مخاطبة جزء من الشعب، وهذه الوظيفة الكاريزمية هي أيضا موضوع تنافس بين الملكية والأحزاب السياسية.

ماذا عن الطبقة المتوسطة، هل هي موضوع تنافس أيضا، خاصة بين القصر والعدالة والتنمية؟

هذا الأمر ممكن، خاصة طبقة الموظفين على سبيل المثال. من خصائص المغرب أن الطبقة المتوسطة بقيت صغيرة مقارنة بدول أخرى مثل تونس، أو حتى ليبيا وسوريا. الطبقة المتوسطة في المغرب تبقى في حدود 15 إلى 20 في المائة، أي تلك الطبقة التي تدرس أبناءها في المدرسة العمومية، والمشكلة أساسا من موظفين محميين عبر الضمان الاجتماعي. تلك الفئة التي تقيم بالمدن وتشاهد قنوات الشرق الأوسط في التلفزيون، وكثير من أفرادها يتحدثون الفرنسية. في هذه الشريحة بالضبط كان يتموقع حزب الاتحاد الاشتراكي والنقابات، وحاليا حزب العدالة والتنمية. وهذه الفئة هي التي تمثل في البرلمان وهي التي تصوت، ومن الطبيعي أن تهتم بها المؤسسة الملكية، التي اهتمت دائما بالنخب، وهي تجيد القيام بذلك، فالمجتمع يحكم عبر نخبه، والطبقة المتوسطة هي أمر جديد على المغرب. فكلما تقدمت البلاد، اتسعت الطبقة المتوسطة، وبالتالي، لا تملك الملكية إلا أن تهتم بهذه الطبقة، وهنا تحدث المنافسة مع الأحزاب السياسية…

إلى درجة الحؤول دون بروز قيادات تتمتع بكاريزما مع نوع بنكيران؟

تاريخيا، كانت هناك شخصيات مثل المهدي بنبركة وكبار قادة الاتحاد الاشتراكي، مثل عبد الرحيم بوعبيد، وقادة دينيون تقليديون مثل الشيخ عبد السلام ياسين… لكن حالة بنكيران تبقى نادرة في المغرب، فسلفه عباس الفاسي لم يتحدث قط تقريبا إلى الشعب، وأغلبية الزعماء السياسيين لا يتحدثون إلا نادرا إلى الشعب. في بعض الدول يظهر زعماء كاريزماتيون، لكنهم يتحدثون في الفراغ، كما يحدث في الجزائر، مثلا، حيث لا يكون لخطاب الزعماء السياسيين أثر كبير. في المغرب، كان الملك الحسن الثاني يتولى هذه المهمة بشكل خاص، لكن أغلبية الطبقة السياسية الحالية، ومنذ عشرين عاما، لا تتحدث إلا نادرا إلى الشعب.

هل سيكون هناك زعماء آخرون؟ هل تعتقد أن ذلك ممكن؟

لا أدري، مبدئيا رئيس الحكومة الحالي لن يشغل هذه المهمة، لأننا نعرفه عندما كان وزيرا للخارجية. كان هناك زعماء نقابيون آخرون من هذه الطينة الكاريزمية، لكنهم لا يوجدون حاليا.

نشرت كتابا عن حكم الملك محمد السادس قبل سنوات. ما الذي تغير منذ نشر هذا الكتاب؟

ج: ذلك الكتاب يتعلق بالعشر سنوات الأولى من حكم محمد السادس، وبعدها كان هناك الربيع العربي، الذي شكل أكبر اضطراب في المنطقة العربية منذ الاستقلال، أو منذ حرب 1967 على الأقل، وبالتالي، هو حدث مهم. الديمقراطية تشق طريقها في تونس، والمغرب يبرهن عن نوع من الاستقرار، لكننا في الوقت نفسه نشهد تغيرا شاملا في بعض العوامل. نحن الآن نعرف أن المجتمعات العربية وإن أبدت استقرارا ظاهريا، قد تخفي بعض التطلعات إلى قلب الطاولة، وأعتقد أن المغاربة لاحظوا ذلك، وهو ما أفضى إلى صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، وبروز خطاب إصلاحي جديد وتغيير الدستور. هناك أيضا تطلعات شعبية تبرز في منطقة شمال المغرب، وبالتالي، حتى وإن تأكد الاستقرار، وتم تفكيك حركة 20 فبراير في العقول والأذهان، فإن زلزالا وقع. كون النظام السياسي بقي مستقرا هو أمر إيجابي له ولبقية العالم، فلا أحد يريد اشتعال حرب أهلية في المغرب، لكن، في الوقت نفسه، العوامل تغيرت…

في أي اتجاه؟

هو ما قلته، فالاستقرار الظاهري قد يخفي اختلالات في التوازن وتوترات، تماما كما يحصل مع الزلازل. الحكومات العربية تعرف الآن أن عليها أن تنتبه كثيرا إلى أن الشعوب أصبحت تعيش عصر العولمة والأنترنت، وأن المعلومة تنتقل شئنا أم أبينا ذلك، وبالتالي، يجب الحرص على نزع الألغام وزجر حالات الظلم البيّن التي تقع.

هل تعتقد أنه، وبعد مرور ست سنوات، استعادت الملكية في المغرب تنازلاتها في الربيع العربي؟

الملكية تنازلت في مستوى رمزي، قدمت جوابا عن الحدث، رغم أن المخزن لا يحب أن تقوده الأحداث. الآن استعاد السيطرة على الوضع، وهدف أي سلطة هو قيادة ومراقبة الوضع. في 2011 كان هناك فقدان للتحكم جعل لحظة قصيرة ومكثفة من التحولات والتنازلات ممكنة. ولأن الأحداث لم تنفلت، وتم تفكيك حركة 20 فبراير، فإن السلطة استعادت السيطرة، وهذا من جوهر السلطة…

هل للسياق الدولي دور في ذلك؟
بطبيعة الحال، النظام السياسي استفاد من عنصرين إيجابيين؛ الأول هو الحرب الأهلية التي اندلعت في بعض الدول العربية، والتي شكلت مصدر إحباط، والثاني هو دعم الشركاء الدوليين. هؤلاء الشركاء يقولون إن هذا النظام استطاع تجاوز المرحلة وهو مستقر، وهو أفضل الخيارات. الأوربيون يراقبون ديمقراطية في طور البناء في تونس، ويقولون لنحافظ على أفضل العلاقات مع النظام القائم في المغرب. أي أن المغاربة باتوا في مواجهة أنفسهم، والطبقة السياسية في مواجهة نفسها ومواجهة الدولة في علاقة داخلية، ولا شيء سيأتي من الخارج ليزعزع الوضعية الحالية. هذا أمر جديد لأنه خلال الربيع العربي قال الأوربيون، بشأن ليبيا مثلا، ومعهم الأمريكيون، بما أننا لم نفهم العالم العربي، فلنساعد الشعوب على التغيير. النتيجة أبانت أن خطر عدم الاستقرار كبير، وعادوا، بالتالي، إلى الوثوق في النظامين المغربي والجزائري لحماية هذا الاستقرار.

وهل تعتقد أن الطبقة السياسية المغربية قادرة على تحقيق تقدم ديمقراطي في غياب ضغط خارجي؟
ج: إنها حلقة مفرغة، لأن الطبقة السياسية لا تملك سلطات كثيرة. فهي لا تملك سلطة على الشؤون الأمنية ولا الخارجية ولا الملفات الاقتصادية الكبرى، فيما يتطلب تعلم الحكم ممارسة هذا الحكم. ما نلاحظه هو أن الإصلاحات الوحيدة التي جاءت في مجال التعليم، مثلا، كان مصدرها هو القصر، رغم أنه مجال يفترض أن يهم الأحزاب كثيرا. ما يحصل هو أن الطبقة السياسية المغربية ينظر إليها على أنها قاصرة infantilisée، حيث تم حصرها في مواقع لا تسمح لها سوى بالتعبير، فيما لا تستطيع التأثير في مستقبل المجتمع، وهو ما سميته بالحلقة المفرغة.

سبق لك أن دعوت إلى تفكيك زراعة القنب الهندي شمال المغرب بدعم من الاتحاد الأوربي…
هذه أيضا لم تفلت منك (يضحك).

بالفعل، هذه الدعوة تقابلها دعوات من داخل المغرب لتقنين هذه الزراعة، ما رأيك في ذلك؟
أعتقد أن الأمر يتعلق بشيئين مختلفين. هل المزارعون الصغار الذين ينتجون الحشيش معنيون بفكرة التقنين؟ هذه الفكرة تفترض خلق احتكار لصالح الدولة كي تقوم بشراء المنتوج وتوجيهه للاستعمال الطبي مثلا. لم لا؟ لكن ذلك لن يؤدي إلى اختفاء المافيا، بل سيؤدي إلى تحول الأنشطة المافيوزية القائمة، والتي تمارس أساسا في أوربا، نحو أنشطة أخرى. عندما يجري إنتاج الحشيش بشكل قانوني، كما يجري في هولندا مثلا، فإن القسم الأكبر من الزراعة يجري في حقول عصرية تتطلب استثمارات كبيرة وكثيرا من المياه… فيما الريف هو منطقة لزراعة بئيسة، والتقنين لن يحل المشكلة العامة، فالمزارعون الريفيون لا يتلقون إلا جزءا هزيلا من عائدات هذه التجارة.

الأمر يطرح مشكلة لأوربا أيضا؟
في جميع الأحوال لا يمكن إيجاد حل دون أوربا. هناك شبكات، ويجب أخذها بعين الاعتبار، وإلا فإن هناك خطر انتقالها إلى أنشطة أخرى مثل الكوكايين أو منتوجات أخرى. فك ارتباط الريف بهذه الزراعة جيد، لكنه لا يمكن أن يتم بدون إسبانيا وفرنسا وإيطاليا.

كما بدأنا نختم بماكرون، هل تعتقد أن انتخابه رئيسا لفرنسا خبر جيد للمغاربة؟
هو، في جميع الأحوال، لا يعرف المغرب ولا المغرب العربي جيدا. نعم يعرف التاريخ والعلاقات القائمة، لكن الأرجح هو استقرار العلاقات. لا نعرف بالضبط برنامجه ولا من سيتولى تطبيقه، لأن الحكومة لم تعرف بعد. الأرجح هو استقرار العلاقات مع المغرب، ولا أعتقد أن مفاجآت ستحدث.

*مؤرخ فرنسي متخصص في المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.