بعد إلغاء محكمة الاستئناف لطنجة منتصف شهر أكتوبر الماضي، للحكم التاريخي وغير المسبوق بالمغرب الذي أصدرته المحكمة الابتدائية في يناير من السنة الجارية، قبل أن تسقطه محكمة الدرجة الثانية، مرة أخرى القضاء ينتصر من جديد لطفل ولد من علاقة غير شرعية، حيث قضت مؤخرا المحكمة الابتدائية بمدينة زاكورة بحق الطفل في الانتساب لأبيه المُغْتَصِب. وأفاد مصدر قضائي قريب من الموضوع، بأن قرار المحكمة الابتدائية بمدينة زاكورة الذي منح للطفل حقه الطبيعي في الانتساب إلى أبيه، جاء بناء على شكاية تقدمت بها أم الطفل في مواجهة عشيقها الذي سبق له أن اغتصبها وأنجبت منه طفلا في ماي 2005، لكنه رفض الاعتراف بابنه وأنكر علاقته بأمه، حيث ظلت الأم تنتظر أبحاث المحققين في قضيتها التي ظلت تروج أمام المحكمة لحوالي 12 سنة، قبل أن تصدر ابتدائية زاكورة مؤخرا حكمها الجريء القاضي بثبوت بنوة الطفل لأبيه الذي اغتصب أمه. وأضاف المصدر نفسه، أن المحكمة اعتمدت في حكمها الذي انتصر لحق الطفل في الانتساب لأبيه، على تقرير الخبرة الجينية أو تحاليل الحمض النووي التي أجريت على الطفل والمدعى عليه، حيث أثبتت أن هذا الأخير هو الأب البيولوجي لابنه، مما أفضى إلى اعتراف قضائي أمام المحكمة، وتراجع الأب/ المدعى عليه عن إنكاره علاقته بعشيقته وعدم منازعته في أبوته للطفل، وهو ما اعتمدته المحكمة في حكمها، وحجتها في ذلك ما نصّت عليه المادة 142 من مدونة الأسرة التي عرفت البنوة على أنها النتيجة الطبيعية لاتصال جنسي بين رجل وامرأة، إذ يكون الولد في هذه الحالة ابنا طبيعيا لطرفي العلاقة التي يشترط فيها أن تكون شرعية. هذا، وأشهرت المحكمة في وجه المدعى عليه، قبل تراجعه عن منازعة أبوته لطفله الذي أنجبته أمه بعد اغتصاب نتج عنه حمل، الاتفاقيات الدولية الخاصة بالطفل، وكذا مقتضيات دستور المملكة المغربية الخاصة بحماية الطفل، ومصلحته الفضلى وفق ما جاء في الفصل 32 من الدستور، والذي أولى الأهمية بالدرجة الأولى لحق الطفل الطبيعي في معرفة والده، ومن ثم هويته بغض النظر إن كان الأب طبيعيا أم بيولوجيا، لما في ذلك من تأثير إيجابي على تكوين شخصية الطفل وتجنيبه آثار الوصم الاجتماعي، تورد مصادر "اليوم24". القرار الثاني غير المسبوق والصادر عن المحكمة الابتدائية بزاكورة، فتح نقاشا عموميا بمواقع التواصل الاجتماعي، حيث أشاد ناشطون حقوقيون ومتتبعون بالحكم الابتدائي الذي انتصر من جديد لطفل زاكورة، لكنهم في الوقت نفسه لم يخفوا تخوفهم من إلغاء هذا الحكم الابتدائي كما حصل لطفل طنجة. وشدد الحقوقيون المتتبعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لحالات الأطفال الذين يتم إنجابهم من علاقة غير شرعية أو اغتصاب نتج عنه حمل، بأن تتم إحاطة حقوق هؤلاء الأطفال بمقتضيات الدستور المغربي، وكذا الاتفاقية الأوروبية بشأن ممارسة حقوق الأطفال الموقعة بستراسبوغ التي صادق عليها المغرب بتاريخ 27/03/2014، حيث نصت الاتفاقية في مادتها السابعة على أنه "يسجل الطفل بعد ولادته فوراً، ويكون له الحق منذ ولادته في حمل اسمه وفي اكتساب جنسيته، كما يكون له استنادا إلى الاتفاقية الدولية نفسها، الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما"، يقول مصدر حقوقي، مؤكدا أن الاتفاقية التي صادق عليها المغرب، ألزمت الدول الأطراف في الاتفاقية، بالتعهد بالحفاظ على هوية الطفل بما في ذلك جنسيته، واسمه وصلاته العائلية على النحو الذي يقره القانون، وأنه إذا حُرم أي طفل بطريقة غير شرعية، من بعض أو كل عناصر هويته، يكون من واجب الدول الأطراف تقديم المساعدة والحماية من أجل الإسراع بإعادة إثبات هوية الطفل.