بعدما أفادت المندوبية السامية للتخطيط بأن معدل البطالة ارتفع من 11,8 بالمئة إلى 13 بالمئة على المستوى الوطني، أي بزيادة نحو 1,2 نقطة، أكدت الحكومة أن الزمن المتبقي من ولايتها "سيركز أساسا على التشغيل والماء"، لكن التساؤلات التي تطرحُ تتعلّق بالصيغ الممكنة لمحاصرة الظاهرة في سنتين ونصف، فيما يُلقى اللوم على "الحكومة عموماً، وأساساً على وزير التشغيل يونس السكوري". مندوبية التخطيط كشفت في مذكرة إخبارية حول وضعية سوق الشغل خلال سنة 2023، أن حجم البطالة ارتفع ب138.000 شخص، منتقلا من 1.442.000 شخص في سنة 2022 إلى 1.580.000 شخص في سنة 2023، وهو ما يعادل ارتفاعا بنسبة 10 بالمئة. "رقم مقلق"، وفق المحللين يسائل "شعار الدولة الاجتماعية وغياب سياسة تقشّفية عمومية تصطدم بتصور خلق فرص شغل جديدة". الدولة الاجتماعية إدريس الفينة، خبير اقتصادي رئيس مركز المستقبل للتحليلات الاستراتيجية، قال إن "مشكلة التشغيل لم ننتبه إليها إلا بعدما كشفت مندوبية التخطيط الأرقام المقلقة الأخيرة حول ظاهرة العطالة"، موضحاً أنه "من الصعوبة استئناف مسار خلق فرص شغل مادامت الحكومة لم تراجع توجه الدولة الاجتماعية، الذي خلق نوعاً من التفكير في العطالة كمخرج للحصول على الدعم"، وزاد: "على الحكومة أن ترفع شعار التشغيل الكامل مثلما هو الأمر في فرنسا". الفينة سجل ، أن "الحكومة قامت بجهود كبيرة لرفع الاستثمارات؛ ففي سنة 2024 ستصل إلى 650 مليار درهم، وهذا رقم قياسي مهم مقارنة مع السنوات السابقة"، مضيفاً أن "الإجراءات التي اتخذت لتحفيز الاستثمار الخاص ووضع تسهيلات له كانت لافتة ونموذجية، لكن الاستثمار المنتج لفرص الشغل يظل قليلا، نظراً لأن هناك مجموعة من الأسباب المرتبطة بتنزيل هذه الاستثمارات". اقرأ أيضا... * شرطي محامي يشعل خلافا بين الأمن و القضاء في المغرب؟ * هل سيستمر انخفاض اسعار الخضر بالمغرب خلال رمضان؟ * تونس والإمارات والسعودية تغزو موائد المغاربة في رمضان؟ * تغييرات مهمة في امتحانات رخصة السياقة في المغرب؟ وأشار المحلل الاقتصادي إلى التراجع المقلق الذي عرفته الاستثمارات الأجنبية الخارجية، مثلما تؤكد ذلك الأرقام"، مرجعا إياه إلى "مناخ الأعمال والضغط الضريبي الكبير وتراجع الاستهلاك وعوامل الطاقة"، وأضاف: "هناك استثمارات كبيرة بخصوص الأشغال العمومية، ولكن الجهات التي تعهد إليها مهمة التنفيذ لا تخلق فرص شغل، لكونها تشغل الآلات أكثر من اليد العاملة المغربية، وهذا إشكال كبير يجب أن تعيد فيه الحكومة النظر". "فشل رسمي" عمر الكتاني، خبير محلل اقتصادي، قال إن "مشكلة التشغيل مرتبطة بتناقض كبير بين وضعية أزمة اقتصادية معلنة وانتفاء سياسة تقشف استراتيجية"، مؤكداً أن "الوضع يطرح فعلا التساؤل: هل يشعر الفاعل السياسي والعمومي بالخطورة؟ نظرا للارتباط بين الأزمات وارتفاع نسبة العاطلين"، وقال: "إصلاح التشغيل الذي فشل فيه الوزير يونس السكوري، ومعه الحكومة كسلطة تنفيذية متكاملة، يستدعي أساساً تعبئة المال لأجل الإصلاح". الكتاني أرجع المشكلة إلى "غياب سياسة التقشف في الاستهلاك العمومي وفي الامتيازات"، مستحضرا تقريرا سابقا للبنك الدولي "كشف أن أصحاب الوظائف العالية في المغرب يحصلون على أكثر من مائة امتياز، ومنذ ذلك التاريخ ليس هناك معطى يبرز التقليل منها"، مشيرا إلى "المشاكل الأخرى المرتبطة بالدين الخارجي، وغياب رؤية واضحة بخصوص الرفع من فرص الشغل منصوص عليها ومحددة وفق برنامج مسطّر وبغايات". ولفت الكتاني إلى "صعوبة تنفيذ الوعود بخصوص التشغيل في مدة سنتين ونصف السنة المتبقية من عمر الحكومة، نظرا لأن الأوراش الكبرى تشتغل بمنطق يتم على المدى المتوسط أو البعيد، وليس القريب"، خاتماً بأن "الجهات الرسمية يتعين عليها أولا أن تشعر بخطورة الوضع، ومنها تنطلق في الإصلاح وخلق فرص عمل حقيقية تساهم في الاستفادة من الثروة الوطنية والوصول إلى الحق في الشغل وتكريس استقلالية الشباب وتجاوز الأزمة والوضع الضبابي".