ملف الصحراء في إفريقيا .. الدبلوماسية المغربية تُسقط شعارات الجزائر    الملك يهنئ السويد بالعيد الوطني    تعزيز النقل البحري في "مرحبا 2025"    طوابير الحجاج في مكة لحلاقة الشعر يوم عيد الأضحى    حجز كميات كبيرة من زيت الزيتون المغشوش ومشتقاته بتارودانت    اتحاد المنظمات التربوية يعلن إطلاق مبادرة لتأسيس "جبهة وطنية للدفاع عن فضاءات الطفولة والشباب"    أمير المؤمنين يؤدي غدا السبت صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد الحسن الثاني بمدينة تطوان (وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة)    متجاوزا التوقعات.. النمو الاقتصادي الوطني لسنة 2024 يسجل تحسنا بلغ 3,8%    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    التوقيت والقنوات الناقلة لودية الأسود وتونس    غموض يلف تقرير الحسابات واعتقالات تربك جماعة الرباط    قبيل مباراة المغرب وتونس.. المركب الرياضي لفاس يكتسي حلة جديدة بعد الإصلاحات    تقارير.. بيكهام سينال لقب فارس من قبل الملك البريطاني    باها يكشف عن تشكيلة المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة أمام اليابان (صورة)    فرنسا.. فتح تحقيق قضائي بتهمة التواطؤ في الإبادة بسبب عرقلة إيصال المساعدات إلى غزة    الأوقاف بطنجة تحدد موعد صلاة عيد الأضحى لسنة 2025    إسرائيل تهدد بمواصلة ضرب لبنان في حال لم ينزع سلاح حزب الله    الأدبُ المُعَاصِر هل هو مُتْرَعٌ ببُذُورَ الإحبَاط والسَّوْدَاوِيَّة والإكتئاب؟    أكثر من 42 ألف مغربي يحصلون على الجنسية الإسبانية في عام واحد    برشلونة يفكر في زيارة المغرب.. مباراة مرتقبة ومقابل مالي ضخم    ترحيلات صادمة في الجزائر تعيد فتح ملف معاناة المهاجرين الأفارقة        أسعار الذهب ترتفع    الحجاج ينهون رمي الجمرات في أول أيام العيد        عبد القادر سلامة يستعرض تجربة المغرب في مواجهة التغيرات المناخية أمام برلمان أمريكا اللاتينية والكاريبي    لحسن حداد يصدر كتابه حول الذاكرة والسيادة والجيوسياسة    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة        السياحة الوطنية تسجل أكثر من 4,2 ملايين ليلة مبيت مع نهاية فبراير    عشرات آلاف يقيمون صلاة العيد بالمسجد الأقصى وسط قيود إسرائيلية    التربص الانتقائي الخاص بأبطال المواي طاي لفئة أقل من 17 سنة بمدينة الجديدة    ترامب يصف ماسك ب"المجنون".. والأخير يهدد بإلقاء "القنبلة الكبرى"    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    يوميات حاج (8): الهدي ورمي الجمرات .. تطهير النفس وتحرير الروح    قاض يوقف "مؤقتا" حظر التحاق الطلاب الأجانب بجامعة هارفارد    الاتحاد الأوروبي يدعم المحكمة الجنائية على خلفية العقوبات الأميركية وإصدار مذكرة توقيف ضد نتنياهو    مع تأييد 81% من المغاربة لحق المرأة في العمل.. هل تكون "كوطا النساء" حلا لأزمة البطالة؟    أكثر من مليون ونصف حاج يؤدون رمي الجمرات في منى صباح الجمعة    أسود الأطلس يتعهدون بإسعاد الجماهير في وديتي تونس والبنين    مونديال الأندية: الوداد يضم المدافع الهولندي مايرس    تهنئة عيد الأضحى المبارك    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    طنجة : العثور على جثة أربعيني بمنطقة خلاء بكورنيش "مالاباطا " يستنفر الأمن    "يمكن" عمل جديد للفنان زياد جمال – فيديو-        انتخاب المغربية ليلى الزوين نائبة لرئيس فريق خبراء الإنتربول في الجرائم السيبرانية    الحجاج يودعون "عرفات" متوجهين إلى مشعر مزدلفة    كرواتيا.. المغرب يفتتح شهر السينما والثقافة العربية بمدينة كارلوفاتس    معرض للفن التشكيلي والمنتجات المجالية بمولاي ادريس زرهون    مهرجان كازا ميوزيك يتافس بقوة موازين .. والجسمي يتألق في سماء الدار البيضاء    مهرجان كناوة 2025 بالصويرة .. تلاق عالمي بين الإيقاعات والروح    قتل الكلاب والقطط الضالة بالرصاص والتسميم يخضع وزير الداخلية للمساءلة البرلمانية    بداية عهد جديد في تدبير حقوق المؤلف.. مجلس إداري بتمثيلية فنية ومهنية لأول مرة    ضوء النهار يعزز المناعة.. دراسة تكشف سر النشاط الصباحي للخلايا الدفاعية    دراسة: الإفراط في الأطعمة المصنعة قد يسرّع أعراض باركنسون    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    الناظور.. نفاد حقنة تحمي الرضع من أمراض الرئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات حاج (6): الوقوف في عرفة .. لحظة كونية تتوق إليها الأرواح
نشر في هسبريس يوم 05 - 06 - 2025

عرفة ليست مجرد أرض، ولا مجرد يوم. إنها لحظة كونية تتوق لها الأرواح كما يتوق العاشق إلى رؤية محبوبه بعد طول غياب. الوقوف بعرفة ليس توقفًا جسديًا فحسب؛ بل هو قفزة في مدار القلب، لحظة يُرفع فيها الزمان من أفقيته المعتادة، ويصبح للحظة "الآن" معنى أبدي.
هنا، على صعيد عرفة، يقف الإنسان عاريًا من كل شيء إلا منقلبه. لا يطلب، لا يفاخر، لا يُعدّ إنجازاته. فقط يقف. وما أعمق هذا الوقوف... كأنه شهودٌ على النفس، ومثولٌ أمام الحقيقة، وتحرّرٌ من ثقل ما كان.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة".
كأن الوقوف فيها، لا المناسك كلها، هو الجوهر. هو "اللقاء". وفي كل وقوف، ثمّة اعتراف، وثمّة رجاء. يرفع الحاج يديه، لا ليطلب فقط، بل ليُسلّم، ليقول لله: "أنا هنا.. كل ما فيّ لك، فأعدني إليّ كما تحب".
لا شيء في عرفة يُشغلك عنك. لا بناء يُلفت النظر، لا شعيرة تُشغلك عن الشعور. السماء وحدها هي السقف، والأرض امتداد مفتوح لخطاك، وكل ما بينهما هو مجالك الشخصي للابتهال. هنا يتجرد الإنسان من كل ما يمنعه من البكاء. وتصبح الدموع لغة مشتركة بين الغرباء.
في عرفة، تسقط الحدود: بين عربي وعجمي، بين فقير وغني، بين متعلم وبسيط. الكلّ يتساوى في الانكسار، ويتشابه في الدعاء. ومن لم يبكِ في عرفة، فقد أخطأ في الطريق إلى قلبه.
الوقوف هنا هو تدريب على الحضور الكامل. ليس فقط أن تكون في المكان، بل أن تكون فيه بكل جوارحك، بكل أحزانك، بكل فراغك، بكل آمالك. لأن عرفة لا تُدخل إليها إلا من دخل على نفسه أولاً، وجلس في صمت مع ما خبّأه العمر في أعماقه.
وقد شبّه بعض العارفين عرفة بيوم القيامة، لا لأن الحشود تتشابه؛ بل لأن القلوب تُبعث هنا. تقف وحدك، بينك وبين الله، لا وسيط ولا مقام. فقط أنت وصوتك الداخلي، ينادي: "ربّاه، إن لم أكن أهلاً لعفوك، فأنت أهلٌ لأن تعفو".
وهكذا، تصبح عرفة أكثر من شعيرة، بل هي نقطة التحول. فيها يتحرر الإنسان من صورة نفسه القديمة، ويبدأ رحلة العودة إلى ذاته الأصلية: تلك التي كانت تعرف الله قبل أن تُعميها الحياة.
ولأنها أعظم الأيام، فإن أعظم الأدعية تولد فيها، وأعظم الغفران يُكتب فيها، وأعظم الأمل يُستعاد فيها. فليس في الدنيا لحظة أكثر شبهًا بالرحمة من لحظة الغروب في عرفة، حين تصطبغ السماء بلون المغفرة، وتغمر الأرض نسائم القبول.
وفي تلك اللحظة، يدرك الحاج أنه لم يأتِ بعرفة ليضيف إلى حياته صفحة جديدة؛ بل ليبدأ كتابًا جديدًا، بعنوان: "ها قد عدتُ يا ربّ، فاجعلني كما كنت أحب أن أكون".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.