1. الرئيسية 2. اقتصاد المعادن الإستراتيجية.. APRI: المغرب مؤهل لقيادة شراكة ثلاثية مع الصين والاتحاد الأوروبي الصحيفة – بديع الحمداني الأربعاء 9 يوليوز 2025 - 14:04 قال معهد أبحاث السياسات الإفريقية "APRI" إن المغرب يمتلك من المقومات الجيوسياسية والموارد الطبيعية ما يؤهله للعب دور محوري في صياغة نموذج ثلاثي جديد لحوكمة مع كل من الصين والاتحاد الأوروبي في مجال الاعتماد على المعادن في الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة، في ظل اشتداد التنافس العالمي على المعادن الحيوية. وأشار التقرير، الذي اعتمد على مقابلات مع 26 خبيرا في مجالات السياسات العامة والاقتصاد الأخضر والتعاون الصناعي، إلى أن المغرب يمتلك احتياطات استراتيجية من الفوسفاط، والكوبالت، والنيكل، والمنغنيز، والنحاس، ويُحتمل أن يكون منتجا ناشئا لليثيوم، ما يجعله فاعلا رئيسيا في سلاسل التوريد العالمية الخاصة بالبطاريات، السيارات الكهربائية، وألواح الطاقة الشمسية. وقال المركز في تقريره إن التعاون الثنائي المنفصل مع كل من بكين وبروكسيل قد يؤدي تقليص الفرص بالنسبة للمغرب بدل توسيعها، داعيا في هذا السياق إلى إنشاء إطار ثلاثي منظم يجمع بين قدرات الصين التصنيعية، ومعايير الاتحاد الأوروبي في الاستدامة والحوكمة، والطموحات الصناعية للمغرب. ووفق التقرير، فإن الصين تقدم نموذجا سريعا وفعالا في الاستثمار وتطوير البنية التحتية، لا سيما من خلال مبادرة "الحزام والطريق"، بينما يركز الاتحاد الأوروبي على المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) والشفافية، في وقت يسعى فيه المغرب إلى تحقيق القيمة المضافة محليا وبناء قدراته الصناعية في قطاع المعادن الحيوية. وسلط المعهد الضوء على مشاريع صينية كبرى بالمغرب، مثل مصنع البطاريات الكهربائية قرب الرباط باستثمار يفوق 6.4 مليار دولار، وشراكات مع شركات مغربية في تصنيع المواد الكاثودية، مقابل استثمارات أوروبية ترتكز على الطاقة المتجددة وتكنولوجيا الهيدروجين الأخضر، ومشاريع تطوير استخراج العناصر الأرضية النادرة من الفوسفوجيبس. ورغم تزايد الاستثمارات، أشار التقرير إلى أن التعاون لا يزال مُجزءا بين أطراف تتبنى أولويات متباينة، ما يجعل المغرب أمام فرصة لقيادة إطار تعاوني ثلاثي يوازن بين السرعة الصينية والمعايير الأوروبية، ويحول التنافس إلى تنسيق عملي في مجالات التمويل، ونقل التكنولوجيا، والتنمية الصناعية المستدامة. واقترح مركز APRI خمس مجالات أساسية لبناء هذا النموذج، وهي التمويل المشترك، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات، وتحفيز الاستثمار الخاص، والتعلم المتبادل للسياسات، داعيا إلى إطلاق صندوق استثماري صيني-أوروبي يمول مشاريع مغربية تراعي معايير الاستدامة والشفافية، مع التركيز على التصنيع المحلي. كما لفت التقرير إلى ضرورة إنشاء مناطق صناعية مخصصة لمعادن الانتقال الطاقي، لا سيما قرب طنجة والقنيطرة، تقدم حوافز للشركات التي تلتزم بنقل التكنولوجيا وتوظيف الكفاءات المحلية، داعيا المغرب إلى إصدار "ميثاق استدامة" خاص بقطاع المعادن يدمج مبادئ من تشريعات كل من الاتحاد الأوروبي والصين. ومن المقترحات التي تضمنها تقرير المركز المذكور، إطلاق "معهد للمهارات الخضراء" يُموَّل من ضرائب التعدين والشراكات الدولية، ويُعنى بتكوين الموارد البشرية في مجالات مثل التعدين المستدام، والتكرير، وإعادة التدوير، وتصنيع البطاريات، لضمان توطين القيمة الصناعية وتعزيز قدرة المغرب التنافسية في السوق العالمي. كما أضاف التقرير أن المغرب، بفضل اتفاقياته التجارية مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، وموقعه الجغرافي بين إفريقيا وأوروبا، يمكنه أن يلعب دور همزة وصل استراتيجية في تأمين سلاسل الإمداد العالمية للمعادن النادرة، وتقليل الاعتماد على مصادر تقليدية تهيمن عليها أطراف محددة. ولفت المعهد إلى أن البيئة السياسية المستقرة في المغرب، إلى جانب مشاريعه الكبرى في الطاقة المتجددة وتحلية المياه، تعزز من جاذبيته الاستثمارية وتقلل من المخاطر، ما يجعله أكثر قدرة على اجتذاب الاستثمارات طويلة الأمد في قطاع المعادن المرتبطة بالتحول الطاقي. وأشار التقرير إلى أن التحدي الأكبر يكمن في التوفيق بين التزامات المغرب التنموية، ومتطلبات كل من الصين وأوروبا، لا سيما في ما يتعلق بالحوكمة البيئية والمعايير الاجتماعية، مشددا على أن نجاح المغرب في تصميم نموذج تعاوني ثلاثي متوازن سيشكل سابقة دولية يمكن تكرارها في دول الجنوب العالمي.