1. الرئيسية 2. المغرب مجلس النواب يصادق بالإجماع على مؤسسة المغرب 2030 لتعزيز جاهزية المملكة لتنظيم المونديال وتظاهرات كبرى الصحيفة - خولة اجعيفري الثلاثاء 15 يوليوز 2025 - 15:08 صادق مجلس النواب، اليوم الثلاثاء بالإجماع، على مشروع القانون المتعلق بإحداث "مؤسسة المغرب 2030"، الهيئة التي يُراهن عليها لتكون المحرك المؤسساتي لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030 وكأس إفريقيا للأمم 2025، وورشا مركزيا في مشروع إعادة هندسة البنية التحتية الوطنية بمقاييس دولية. المصادقة البرلمانية، التي حازت تأييد 112 نائبا مقابل معارضة نائب وحيد، تأتي بعد أقل من أسبوع من اعتماد المشروع في المجلس الحكومي المنعقد الخميس 11 يوليوز، ما يعكس ما وصفه متابعون ب"الإيقاع الاستثنائي" الذي باتت تتحرك به الدولة لضمان جاهزية شاملة لاحتضان الحدث العالمي، وهو ما أكده الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، الذي اعتبر أن إحداث هذه المؤسسة يدخل في صلب التوجيهات الملكية الداعية إلى الاستعداد المثالي لهذه التظاهرات الكبرى، والتي تشكل لحظة مفصلية في تاريخ المغرب الرياضي والدبلوماسي. لقجع وصف اللحظة ب"التاريخية"، مشددا على أن فوز المغرب بشرف التنظيم الثلاثي لكأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال ليس مجرد تتويج لمسار رياضي دام لعقود، بل تعبير صريح عن الثقة الدولية في المملكة، وقدرتها على التنظيم المحكم والتدبير الجيد لأحداث من هذا الحجم. غير أن هذا الرهان، بحسب مراقبين، لا يقتصر على البعد الرياضي، بل يتجاوز ذلك إلى كونه فرصة لإعادة هيكلة البنيات التحتية وتعزيز الاقتصاد الوطني وتحفيز التشغيل، خصوصا في القطاعات المرتبطة بالبناء والسياحة والنقل والخدمات. ومن المنتظر أن تضطلع "مؤسسة المغرب 2030" بعدد من الاختصاصات الحيوية، من بينها التنسيق مع مختلف القطاعات الوزارية والإدارات الترابية لإنجاز الأوراش المرتبطة بتنظيم التظاهرات الدولية، إلى جانب تتبع تنفيذ الالتزامات التعاقدية مع كل من "الفيفا" و"الكاف"، والإسهام في الترويج لصورة المغرب على المستويين القاري والعالمي، كما ستتولى المؤسسة تقديم الدعم والمواكبة للجهات والمدن المعنية، لضمان جاهزية متكاملة تنسجم مع المعايير الدولية المفروضة في التنظيم. لكن، وفيما لا يختلف اثنان حول أهمية هذه الخطوة من حيث التوقيت والرمزية، فإن أسئلة حارقة بدأت تُطرح في الأوساط الاقتصادية والحقوقية بشأن مدى قدرة المغرب على تفعيل هذه المؤسسة في إطار حكامة شفافة وربط حقيقي للمسؤولية بالمحاسبة، خاصة بعد التجارب المتكررة في التدبير المفوض التي شابتها انتقادات حادة في ملفات كبرى ك"صندوق التنمية القروية"، و"البرنامج الاستعجالي للتعليم"، ومشاريع كبرى في مجالات البنية التحتية سبق أن افتُتحت تحت ضغط الزمن دون إتمام المرافق الأساسية. وتحذر بعض الأصوات من أن تكون "مؤسسة المغرب 2030" مجرد واجهة لتدبير استثنائي قد يُغري بالاستثناءات على حساب آليات الرقابة المؤسساتية، خصوصا وأنها ستكون مكلفة بميزانيات ضخمة، وتتعامل مع متدخلين دوليين، في زمن أصبحت فيه معايير الشفافية والتتبع المالي أكثر تشددا. وفي هذا السياق، يؤكد المحلل الاقتصادي سليم العلالي أن "التحدي الحقيقي ليس فقط في بناء الملاعب أو تجهيز المدن، بل في ضمان عدالة ترابية في توزيع الاستثمارات، وربطها بحاجيات المواطنين، حتى لا تتحول مشاريع البهرجة إلى فواصل احتفالية تُغطّي على فوارق تنموية صارخة." ورأت فرق الأغلبية في مجلس النواب في المؤسسة الجديدة آلية ضرورية للرفع من نجاعة الأداء العمومي، وربط الاستشراف بالمحاسبة. في حين اعتبرت المعارضة أن المشروع، رغم وجاهته، يجب أن يكون مناسبة لإعادة توزيع ثمار التنمية على الجهات الأقل استفادة، ودعت الحكومة إلى تجاوز منطق "التظاهرات الكبرى" نحو معالجة اختلالات بنيوية تمس الصحة والتعليم والبنيات التحتية الأساسية، حتى لا تتحول هذه الأوراش إلى فُرص استثمارية تبتلعها الشركات الكبرى دون أثر ملموس على حياة المواطنين. وفي الوقت الذي تعوّل فيه الحكومة على هذه المؤسسة لتكون الذراع التقني والتنظيمي لمرحلة حاسمة من تاريخ المغرب، يظل الرهان الأكبر اليوم هو ضمان انخراط شفاف ومتكامل لكل الفاعلين العموميين والخواص، وترسيخ مبدأ المراقبة المالية والسياسية، حتى لا تنتهي "مؤسسة المغرب 2030" كما انتهت هيئات وبرامج سابقة... عنوانا للأمل ومصدرا للتوجس في آن. وكانت أشغال لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب قد شهدت نقاشا محتدما، خلال مناقشة مشروع القانون المتعلق بإحداث مؤسسة "المغرب 2030"، التي ستتولى تنفيذ ومتابعة الأوراش المرتبطة بتنظيم نهائيات كأس العالم 2030، التي تستعد المملكة لاحتضانها بمعية إسبانيا والبرتغال. أصوات المعارضة، ممثلة أساسا في فريق التقدم والاشتراكية والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، لم تخف ارتياحها لإحداث هذه المؤسسة، معتبرة أن الخطوة أنهت الجدل حول محاولات بعض مكونات الأغلبية توظيف ملف كأس العالم سياسيا، في سباق استباقي محموم نحو قيادة ما بات يوصف مجازا ب"الحكومة التي ستشرف على تنظيم المونديال". واعتبرت المعارضة أن إحداث "مؤسسة المغرب 2030" بمقتضى قانون، وفي استقلالية تامة عن التركيبة الحكومية، يمثل ضمْنا وضع حد لمحاولات الركوب السياسي على هذا المشروع الوطني الجامع.