"الإيمان في القلب"... عبارة أصبحت ظاهرة لدى العديد من المغاربة يتم اللجوء إليها بغرض التنصل من بعض العبادات فعندما تتم منادتهم إليها ، أو يسقطون في سلوكيات منافية لتعاليم الدين يأتي الجواب بأن الإيمان في القلب وليس في المظهر بل منهم من يرافع بأن الله لا ينظر إلى أشكالكم بل إلى قلوبكم وطبعا تحشد كثير من النصوص للتبرير ليس إلا وهذا موضوع هذه المادة، فالإيمان بالفعل في القلب لكن وكما جاء في الحديث الشريف ف"الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل" في حالة تلازم ينتفي طرفها الأول بغياب الثاني والعكس، فكيف يمكن تفسير هذه العبارة "الإيمان في القلب" التي يرددها من يريدون التملص من الأوامر الربانية والتكاليف الشرعية، مع احتفاظهم بوصف الإيمان والدخول في حظيرته؟ وهل هي ظاهرة سلبية أم فيها جوانب إيجابية؟ وما الأسباب التي قد تدفع الإنسان المسلم إلى الوقوع في هذا التناقض الصارخ؟ من الزاوية النفسية الاجتماعية اعتبرت خلود السباعي، أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية في حديث ل "التجديد" أن هذه الظاهرة تندرج ضمن التناقضات الموجودة لدى العديد من الأشخاص، وقالت إنها نوع من تبرير الأخطاء، والمطلوب نوع من التناغم والانسجام مع التوجه الديني والفكري لأن التوجه تقول خلود هو معرفي ووجداني وسلوكي وأن الظاهرة تفسر بعدم مطابقة السلوك للتوجه وهو ما يكشف حسب خلود عن اهتزاز في الشخصية. كما أن هذا التبرير والتناقض حسب الأستاذ الجامعية خلود يعبر عن أن صاحبه غير مرتاح وأنه في حالة قلق، لكن هذا القلق يعني حسب الباحثة الاجتماعية وجود الأمل في تصحيح السلوك لتجاوز حالة التنافر وتحقيق التوازن المطلوب بين المعتقد والسلوك كما أن هذه التبريرات غير المنطقية وغير المعقولة تعني أنه قابل للتغيير وعلينا ألا نفقد الأمل. خلود خلصت إلى أن هذا التبرير وعلى الرغم مما يمكن أن يقال حوله فهو أفضل من المعاند أو المنكر لتلك الشعائر الدينية ويضل التناغم صعبا لكن التوتر يبقى إيجابيا ويعني وجود الحياة. من الزاوية الشرعية فمعتقد أهل السنة في الإيمان هو أنه قول واعتقاد وعمل لا يتم الإيمان إلا بمجموع الثلاثة دل على ذلك كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال أئمة السلف الصالح، فالأعمال إذن داخلة في صميم الإيمان، ومنها: أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل سبيلاً لمن يدعي هذه الدعوى للإفلات من التحقق من صحة دعواه أو بطلانها، وذلك أنه سبحانه وتعالى جعل أعمال الجوارح مصداقاً لما في القلوب وبرهاناً عليه، قال تعالى: ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) (آل عمران:31) فكان باستطاعة أي أحد أن يدعى محبة الله تعالى التي هي أساس الإيمان، كما ادعى ذلك اليهود والنصارى، حيث قال الله تعالى عنهم ( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه) (المائدة) لولا أن الله تعالى أبطل أي دعوى من هذا القبيل لا أساس لها، بأن جعل لمحبته علامة جليلة يدركها كل أحد وهي: اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم. ومنها: أن يقال لهؤلاء كيف يمكن التوفيق بين دعوى رسوخ الإيمان في القلب وتغلغله فيه وتشربه لمعانيه، مع عدم الامتثال أوامر من يؤمن به المرء، واجتناب نواهيه، واتباع من أرسله مبلغاً عنه بشيراً ونذيراً.