بوريطة يجري مباحثات مع وزير الخارجية المصرى على هامش مجلس الجامعة العربية        ناصر الزفزافي خارج السجن لأول مرة منذ 2017 لتشييع والده (فيديو)    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    غاستون باشلار: لهيب شمعة    17 قتيلاً و21 جريحاً في خروج قطار سياحي عن مساره بالبرتغال    مونديال 2026 ( الجولة 7 -المجموعة 5) ..في مواجهة منتخب النيجر ،أسود الأطلس يسعون لتأكيد مسارهم الصحيح    الدخول المدرسي.. عودة التلاميذ إلى المدارس تعيد الزخم للمكتبات    مواجهة فنزويلا.. هل ستكون مباراة ميسي الأخيرة في الأرجنتين؟    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    نقابة موظفي التعليم العالي تندد ب"خروقات" خلال الإضراب الوطني وتعلن عن خطوات احتجاجية جديدة    مشروع قانون جديد يرفع التعويضات الممنوحة لضحايا حوادث السير    الفيفا تطلق المرحلة الأولى من بيع تذاكر مونديال 2026    مدرب ديجون السابق يشيد بنضج أكرد    تداولات الافتتاح بورصة الدار البيضاء    صيادلة المغرب يحتجون على "اختناق القطاع" وسط جدل أسعار الأدوية المرتفعة    الإصابة تبعد أشرف داري عن معسكر الأسود    ريال بيتيس يضم سفيان أمرابط على سبيل الإعارة    المغرب يوسع أسواق التوت العليق إلى 26 دولة    ناصر الزفزافي يحضر في جنازة والده                سنتان ونصف حبسا نافذا لمتهمة بالإساءة للذات الإلهية            إلزام شركة "غوغل" بدفع 425 مليون دولار لتعويض مستخدميها عن جمع بياناتهم    بلجيكا تتجه نحو الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء قبل نهاية 2025    الصين ترد على واشنطن: مكافحة المخدرات أولوية وطنية ولسنا مصدر الفوضى العالمية    لحماية الأطفال .. "روبلكس" تعطل ميزة المحادثات في الإمارات    مجزرة جديدة إثر قصف خيام نازحين    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    المنتخب البرتغالي مرشح لمواجهة المكسيك في إعادة افتتاح ملعب "أزتيكا" (وسائل إعلام مكسيكية)    29 قتيلا في غرق قارب بنيجيريا    الذهب يستقر قرب أعلى مستوياته وسط توقعات خفض الفائدة الأمريكية    الجديدة.. مطلب ملح لفتح شارع L وفك الخناق عن محاور حيوية بالمدينة    الاستثمار الدولي... وضع صاف مدين ب 693,1 مليار درهم في 2024    ترقب بناء وتجهيز داخلية لفائدة المتدربين بالمعهد المتخصص للتكنولوجيا التطبيقية بتارجيست    استعدادات تنظيم النسخة الرابعة من الملتقى الجهوي للمقاولة بالحسيمة    الدرك الملكي بأزلا يوقف مشتبها في سرقته لمحتويات سيارة إسعاف    لشبونة.. مصرع 15 شخصا وإصابة 20 آخرين إثر خروج عربة قطار سياحي عن مسارها    "ميتا" تطلق إصدارا جديدا من "إنستغرام" لأجهزة "آيباد"    "آبل" تتيح نموذجي ذكاء اصطناعي مجانا    ذكرى المولد النبوي .. نور محمد صلى الله عليه وسلم يُنير طريق الأمة في زمن العتمة            دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    جمعية ساحة الفنانين تطلق مخططها الاستعجالي لإنقاذ مايمكن إنقاذه    هدية غير متوقعة من عابر سبيل    دراسة تكشف أهمية لقاح فيروس الجهاز التنفسي المخلوي لكبار السن    شرب كمية كافية من السوائل يساعد على تخفيف التوتر    أمينوكس سعيد بالحفاوة الجماهيرية في مهرجان السويسي بالرباط    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية        الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور طه عبد الرحمان في درس حسني: الفعل المبدع يكون حداثيا ولو خالف حداثة الآخرين
نشر في التجديد يوم 13 - 11 - 2003

أثبت الدكتور طه عبد الرحمان، رئيس منتدى الحكمة للمفكرين والباحثين، أن المسلمين قادرون على المساهمة في بناء الحداثة الأخلاقية في شقها المعنوي رغم تأخرهم في بنائها من الناحية المادية، منطلقا من استقراء الواجبات الرحمية في الثقافة الإسلامية التي تؤكد أن الأصل في الموجودات على اختلافها هو التراحم تخلقا باسم الرحمان من أسماء الله الحسنى.
وأوضح الأستاذ الفيلسوف بجامعة محمد الخامس بالرباط، خلال الدرس الحسني الذي ألقاه أول أمس الثلاثاء في موضوع:مبدأ التراحم وتأسيس الحداثة الأخلاقية، أن الحداثة الأخلاقية المبنية على خلق التراحم مشروع سلوكي شامل يحول الانفصالات مع التراث والطبيعة والحيز بنوعيه الجغرافي (الأوطان) والفيزيائي(عالم الاتصال) إلى علاقة اتصال وتصالح وبر شبيه بعلاقة الأم بولدها المنفطم عنها.
ودعا الأستاذ طه عبد الرحمان الإنسان المعاصر إلى التخلق بأخلاق الرحمان والارتقاء بعقله من رتبة التفكير الذي يقف عند الأسباب الظاهرة للأشياء إلى التفكر الذي ينفذ إلى ما وراء هذه الأسباب من مقاصد وقيم، مستخلصا أن إنسان الحداثة المتخلقة إنسان ثابت وآمن ورحيم.
وبين الأستاذ طه أن الحداثة حركة إبداعية قادرة على درء التحديات والابتلاءات، فالفعل المبدع يكون حداثيا ولو خالف حداثة الآخرين، والفعل الذي لا إبداع فيه لا يكون حداثيا ولو قلد حداثة الآخرين، وهذه الحداثة، يضيف المحاضر، تخالف الحداثة المادية التي تبرأت من الأخلاق وخربت قسما منها مما تولد عنها ثلاثة مشاريع انفصالية:
- أولها الانفصال عن التراث: والمراد به إلغاء حرمة التراث سواء كان دينيا أو ثقافيا أو سياسيا أو اجتماعيا وإنهاؤه من الوجود.
-وثانيها الانفصال عن الطبيعة: بإلغاء حرمتها والتدخل فيها مما أنتج آفة الخوف منها وأخل بعلاقة الواجب والحقوق نحوها.
- والثالثة الانفصال عن الحيز: فتم إلغاء الحيز الجغرافي(الأوطان) باختراقها، وإلغاء الحيز الفزيائي بتأثير وسائل الاتصال مما نتج عنه آفة التشرد.
ولا يمكن تجاوز هذه الانفصالات، حسب الأستاذ طه عبد الرحمان، والآفات المترتبة عنها( التزلزل،الخوف، التشرد) إلا بتأسيس حداثة متخلقة تخضع علاقة الإنسان بالتراث والطبيعة والحيز لقانون الواجبات الذي تخضع له علاقة الأم بولدها، فكما أن: الأم تزود رضيعها بأسباب الانفطام، فكذلك هذه الأطراف تزود الإنسان بأسباب لولاها ما استطاع أن ينفصل عنها وبناء على ذلك: فكما أن عناية الأم بولدها توجب عليه أن يبر بها فكذلك إمدادات التراث والطبيعة والحيز للإنسان توجب عليه أن يبر بها.
وحصول هذا البر مع هذه المشاريع الثلاثة، يؤكد الأستاذ طه عبد الرحمان، يحفظ الذاكرة ويمنح الثبات(البر مع الترث)، والثاني يحفظ الذرية والأمل في المستقبل(البر مع الطبيعة)، والثالث يزوده بالقوة ويحفظ هويته(البر مع الحيز).
وانتقل المحاضر إلى تقديم أركان مبدأ التراحم المؤسس للحداثة الأخلاقية، موضوع الدرس، وحصرها في ثلاثة أركان هي اسم الرحمان والرحمة والتخلق، وهي أركان يولد كل منها مجموعة من الواجبات الرحمية.
فبخصوص الركن الأول المتعلق باسم الرحمان، أشار المحاضر إلى أن الأمر يتعلق بأولى أسماء الصفات الإلهية، وهي الرحمة التي تقرر أن علاقة الرحمان بالمخلوقات علاقة قرب، مما يقوي الشعور بالمسؤولية اتجاه القرب الإلهي( القرابة الروحية)، ومن ثمة علاقة القرابة مع الغير وكذا توسيع نطاق هذا الإدراك ليشمل القرابة مع المخلوقات جميعا، مفيدا أن الأديان متفقة على اسم الرحمان من أسمائه تعالى، لذلك يشدد المحاضر: يتعين على أمم العالم الاتفاق على مفهوم الرحمانية باعتباره مرادفا لمفهوم الألوهية وما يترتب على ذلك من التراحم في التعامل فيما بينها.
أما بخصوص الركن الثاني وهو الرحمة فقد أكد الاستاذ المحاضر أنه إذا كان الانسان يرحم غيره فإنه يرحم نفسه ورحمته لغيره رحمة لنفسه ولا يكتفي الراحم بالعطف على المرحوم بقلبه بل يقدر حاجته بعقله حتى لا يتم التحايل على هذا الخلق: فالانسان مطالب برحمة الآخرين رحمته لنفسه حفظا لقيمة الإنسان، لأن الإنسان متى اتصف بالرحمة أصبح يقر بآخرية الآخر وتصير كل ذات محددة بعلاقتها بالآخر وٌيؤثر الكونية المأخوذة من الرحمة على كل كونية أخرى حيث إن وجود الكونية منوطا بوجود الرحمة.
وبخصوص الركن الثالث وهو التخلق، أبرز الأستاذ طه أن من منطلق أن القيمة الخلقية لا تنفك عن نموذجها فإن التعلق بالقيمة تعلق بالنموذج لذلك فإن الله بعث في كل قوم نموذجا وبعث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم نموذج رحمة للناس أجمعين، وشرط هذا الركن حسب المحاضر هو: أن تجمع هذه الواجبات بين الحقيقتينالرحمان والرحمة.
وخلص الأستاذ المحاضر بعد استعراض هذه الواجبات الرحمية إلى أنه: إذا تقرر أن الرحمة هي تجلي الرحمان وأن التخلق بها تخلق باسم الرحمان لزم أن يكون اسم الرحمان هو بالذات الاسم الإلهي الذي يزودنا بالقدرة على تخليق الحداثة، حداثة هذا الزمان بما يرفع التحديات التي ابتلي بها.
عبد لاوي لخلافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.