فرنسا تعتزم تمويل مشاريع مهمة في الصحراء المغربية    كلاسيكو الأرض.. برشلونة يسعى لحسم الليغا وريال مدريد يبحث عن إحياء الأمل    مدرب برشلونة يحث لاعبيه على فرض هيمنتهم أمام الريال في الكلاسيكو    زيلينسكي: روسيا تدرس إنهاء الحرب    سحابة سامة تُجبر آلاف السكان على إغلاق منازلهم جنوب غرب برشلونة    تحريك السراب بأيادي بعض العرب    غ.زة تعيش الأمل والفلسطينيون يحبسون أنفاسهم    بوتين يقترح إجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول انطلاقا من 15 ماي    الصحراء المغربية.. الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    الهند وباكستان تتبادلان الاتهامات بانتهاك اتفاق لوقف إطلاق النار    ميسي يتلقى أسوأ هزيمة له في مسيرته الأميركية    القاهرة.. تتويج المغرب بلقب "أفضل بلد في إفريقا" في كرة المضرب للسنة السابعة على التوالي    أجواء احتفالية تختتم "أسبوع القفطان"    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    طقس الأحد: زخات رعدية بعدد من المناطق    في بهاء الوطن… الأمن يزهر    زلزال بقوة 4,7 درجات يضرب جنوب البيرو    موريتانيا ترغب في الاستفادة من تجربة المغرب في التكوين المهني (وزير)    بعد فراره لساعات.. سائق سيارة نقل العمال المتسبب في مقتل سيدة مسنة يسلم نفسه لأمن طنجة    الوكالة الفرنسية للتنمية تعلن تمويل استثمارات بقيمة 150 مليار بالصحراء المغربية    الاتحاد الاشتراكي بطنجة يعقد لقاءً تنظيمياً ويُفرز مكاتب فرعي المدينة وبني مكادة    دروس من الصراع الهندي - الباكستاني..    الأشبال: الهدف التأهل إلى المونديال    جناح الصناعة التقليدية المغربية يفوز بجائزة أفضل رواق في معرض باريس    المغرب – السعودية .. افتتاح النسخة الثانية من معرض "جسور" بمراكش    تقديم 8 متهمين في قضية طنين من مخدر الشيرا بالعرائش    التعاون الفلاحي يتصدر إعلان نواكشوط    فليك ينتظر هيمنة برشلونة أمام الريال    الأسهم تحفز تداولات بورصة البيضاء    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    زيارة استثنائية وإنسانية للزفزافي تنعش آمال الحل في ملف حراك الريف    البطولة.. الكوكب المراكشي على بعد نقطة من العودة إلى القسم الأول بتعادله مع رجاء بني ملال    الناظور غائبة.. المدن المغربية الكبرى تشارك في منتدى "حوار المدن العربية الأوروبية" بالرياض    بعد واقعة انهيار عمارة بفاس..التامني تسائل الداخلية عن نجاعة مشاريع تأهيل المباني الآيلة للسقوط    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    سحابة كلور سامة في إسبانيا ترغم 160 ألف شخص على ملازمة منازلهم    إسبانيا تُطلق دراسة جديدة لمشروع النفق مع طنجة بميزانية 1.6 مليون أورو    من الرباط إلى طنجة.. جولة كلاسيكية تحتفي بعبقرية موزارت    مهرجان "كان" يبرز مأساة غزة ويبعث برسائل احتجاجية    ديستانكت ومراد يرويان خيبة الحب بثلاث لغات    مهرجان مغربي يضيء سماء طاراغونا بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيس قنصلية المملكة    الموت يفجع الفنان المغربي رشيد الوالي    تنظيم استثنائي لعيد الأضحى بالمجازر.. هل يتجه الناظور لتطبيق النموذج المعتمد وطنياً؟    بالقرعة وطوابير الانتظار.. الجزائريون يتسابقون للحصول على الخراف المستوردة في ظل أزمة اقتصادية خانقة بالبلاد (فيديوهات)    بينالي البندقية.. جلالة الملك بوأ الثقافة والفنون المكانة التي تليق بهما في مغرب حديث (مهدي قطبي)    الفيفا يرفع عدد منتخبات كأس العالم للسيدات إلى 48 بدءاً من 2031    المغرب يدفع بصغار التجار نحو الرقمنة لتقليص الاقتصاد غير المهيكل    تطور دينامية سوق الشغل في المغرب .. المكتسبات لا تخفي التفاوتات    افتتاح فعاليات المعرض الدولي السابع والعشرون للتكنولوجيا المتقدمة في بكين    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل أنهى الحراك الشعبي صلاحية الأحزاب المغربية ؟

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة ناجعة ومتاحة بين يدي الشباب المغربي للإعلان عن رأيه وبلورة مطالبه المرتبطة بالقضايا الجوهرية و المصيرية للشعب المغربي ، كما أصبح " فايس بوك " وسيلة ناجعة وآنية وغير مكلفة ماديا لفضح الفساد والمفسدين بالصوت والصورة، ومنبرا للدعوة لتنظيم الحركات الاحتجاجية للتعبير عن مطالب محلية او إقليمية أو وطنية . هذه الطفرة في وسائل الاتصال والتواصل وامتلاك الشباب لناصية التكنولوجيا المعلوماتية الحديثة التي توفرها الهواتف الذكية والبرانم المعلوماتية بلغة تواصلية شبابية جديدة ، حيدت دور الأحزاب التقليدية و جعلتها عاجزة عن مسايرتها وعلى الاستفادة من إمكانياتها لتعبئة ما تبقى من أتباعها ومريديها .
قبل عقدين أو ثلاثة وقبل هذه الطفرة المعلوماتية ، و حتى قبل " الربيع العربي" ، عرف المغرب مسيرات وانتفاضات دعت إليها أحزاب ونقابات ، قوبل بعضها بالحديد والنار والسجون والمحاكمات (1981-1984…) أما اليوم فإن الاحتجاجات تجري خارج سيطرة القيادات الحزبية والنقابية.
لا شك أن الاحتجاج يحتاج إلى قيادة قوية نابعة من صميم الشعب قادرة على جعل الحاكمين يقتنعون بأنهم لا يستطيعون أن يستمروا في تجاهل مطالب الشعب المغربي وفي مقدمة هذه المطالب محاربة الفساد والمفسدين وإقرار قضاء نزيه ومستقل ، ولكن بعض احزابنا ونقاباتنا أو ما تبقى منها ، لم تعد قادرة على رفع مشعل هذه الزعامة ، وتنصلت عن مسؤولياتها في المشاركة والتنظيم والقيادة ، بل وإن بعض هذه الأحزاب تعاملت مع حركة الناس العفوية بعقلية الماضي التشكيكية، القائمة على أن أي حراك لا يقوده الحزب عليه علامة استفهام؟؟؟. وبالتالي يتعين عليها أن تعترف بأنها فقدت إشعاعها و بريقها الفكري و السياسي بانتفاء سبب وجودها الناتج عن الهوة السحيقة بينها وبين الشعب وفي مقدمته الشباب ، وذلك جراء التحولات العميقة التي طرأت على المجتمع المغربي والتي أتاحها الانفتاح على العالم الخارجي وسرعة انتشار المعلومة التي جعلت من العالم بقعة صغيرة ، وبسبب تنامي نشاط جمعيات المجتمع المدني وتنوع مجالات تدخلها وقربها المباشر من الموطنين وهمومهم ومساهمتهم في تسييرها وتدبير مواردها ومصداقية العدد الكبير منها من جهة ، و عزوف المثقفين المغاربة عن العمل السياسي خوفا من تلطيخ سمعتهم، و تخلي الأحزاب عن دورها في توعية وتأطير وقيادة نضالات الشعب مقابل البحث الحثيث عن السلطة والنفوذ والمال والجاه ، وتمييعها للعمل السياسي بوتورطها المباشر وغير المباشر في الفساد بشتى اشكاله وأنواعه من جهة أخرى . و كنتيجة حتمية لكل ذلك أضحت غير قادرة على احتكار "النضال".
وبناء عليه يمكن الجزم بأن الاحزاب قد فاتها "القطار" و أصبحت متجاوزة ولم يبق لها سوى أن " تدفع السوارت" وان تكف عن معاكسة طموحات الشباب والدفاع عن الفساد والمفسدين، وتترك الميدان لهذا الشباب الذي لا يبحث عن زعامات ولا يبحث عن مصالح آنية وخاصة، ولا يتبنى سوى ايديولوجية واحدة : الدفاع عن المظلومين والمحكورين من أبناء وبنات هذا الشعب ، و يضحي من اجل ذلك بماله ووقته، رغم الحاجة والعوز الناتجة عن البطالة وعن عدم التوزيع العادل لثروات البلاد.
في رأيي ، فإنه لم يعد للأحزاب وجه للظهور في مثل هذه المسيرات لأنها بصراحة ساهمت في تكريس واقع الإستبداد والفساد والظلم والتهميش والحكرة . و كان لزاما عليها – باعتبارها ممثلة للشعب- أن تكون سباقة للجهر بهذه المطالب في مختلف مواقعها البرلمانية والجماعاتية والإقليمية و الجهوية، سواء أكانت في موقع المعارضة أو في موقع التدبير والتسيير ، خصوصا وأن مطالب المغاربة ليست تعجيزية ولا تتطلب الاقتراض من الخارج بل لا تتعدى: توزيعا عادلا لثروات البلاد و قضاء نزيها قادر على محاربة الفساد واقتصاد الريع ، و وضع حد للإفلات من العقاب .
و لكن يبدو لي أن سياسيينا "المحترمين" لم يستوعبوا الدرس ، فهم منشغلون بالصراع حول خلق الفصائل والدروع والأجنحة أو احتلال المراكز المتقدمة في مكاتبهم السياسية و في " طحن" بعضهم بعضا باستعمال جميع الوسائل بما فيها الدنيئة والخسيسة والتنازل عن المباديء الشريفة التي ضحى من اجلها الزعماء الحقيقيون بحرياتهم وأرواحهم ، للظفر بحقيبة أو مقعد يقرب من " الكعكة الكبيرة ".
وجاءت المسيرات الشعبية لتؤكد عدم ثقة الشعب في هذه المؤسسات الصورية المسماة زورا وبهتانا " ديمقراطية" ولتؤكد كذلك على عدم الثقة في هذه القيادات الحزبية والنقابية الحربائية التي لا هم لها سوى اللهاث وراء الحقائب والكراسي والامتيازات التي يدفع الشعب ثمنها من عرقه ودمه ، ولو تطلب منها ذلك المباركة و التصفيق لسياسة الهروب الى الامام و التسويف والقمع وتغليب الهاجس الأمني وتزكية ما يسمى ب"الحوار الاجتماعي" المغشوش من أجل فرض سلم اجتماعي لامتصاص غضب الجماهير المتضررة ولجم الحركات النضالية الشعبية .
وإن تقييما أوليا لهذه المسيرات الشعبية باعتبارها شكلا من أشكال الاحتجاج الحضاري يبين أنها لا تقلق راحة القائمين على الشأن العام ولا تشغل بالهم ، فباستثناء تحركات الاجهزة الأمنية وعسكرة مناطق الاحتجاج ، وباسنثناء تغطية إعلامية رسمية محتشمة وغير موضوعية فإن المسيرات الشعبية تقابل بتجاهل تام ، ولا يرى فيها الحاكمون تهديدا لكيانهم ولا ناقوس خطر ينبههم لمراجعة سياساتهم وطرق تدبيرهم . كما أن هذه المسيرات لم تحدث التغيير المنشود على أرض الواقع ، ولم تؤد إلى تحقيق أي مكسب يذكر ، اللهم إذا استثنيا الركوب عليها و محاولة استغلالها من طرف البعض من اجل مصالح حزبية أو شخصية أو تنظيمية . أو استغلال سلميتها من طرف الدولة للظهور أمام العالم بمظهر الدولة التي تحترم حقوق الإنسان وفي مقدمتها حق التظاهر والاحتجاج السلمي ، غير هذا فان المسيرات الشعبية سواء الكبرى في البيضاء والرباط او الصغرى في المدن المتوسطة و الصغيرة والمداشر البعيدة لم تؤد الى تحقيق أي مطلب من المطالب التي تصدح بها حناجر المحتجين ؟
فهل هذا يعني ان هذه المسيرات التلقائية ليست وسيلة كافية لتحقيق المطالب وبالتالي يجب استبعادها تماما من إستراتيجية الاحتجاج ؟ وهل هذا يعني كذلك ان "بعض المسيرات" مفبركة ومخدومة يتم تحريكها -عندما يشتد الغليان – لامتصاص غضب الشارع المغربي ؟ وهل يمكن أن نستنتج أن المسيرات التلقائية/ الشبابية وحدها بدون قيادة حزبية أو نقابية باعتبارها وسيطا بين الشعب والحاكمين ، لا يمكن أن تؤدي إلى تحقيق المطالب المشروعة للشعب ؟ و هل عدم مشاركة الأحزاب ك " وسيط" رسمي معترف به مقبول عند دوائر القرار ، هو سبب فشلها في الضغط على الجهات الحاكمة الفعلية للاعتراف بحق الشعب المغربي في العيش بكرامة وحرية وطمأنينة ؟.
إن استمرار الدولة بكل مكوناتها ومؤسساتها في الاستهانة بالاحتجاجات الشعبية السلمية الوطنية والسليمة من أي مظهر من مظاهر الفئوية والطائفية و العرقية و القبلية ، وعدم استقوائها بأية جهة خارجية ، في تجاهل مطالب الشعب في رفع التهميش والحرمان والإقصاء ، ستكون له عواقب وخيمة إن عاجلا أو آجلا ، يجب أن نحذر منه وأن نعمل على تجنب مآل الحراك الشعبي في دول الربيع العربي ، هذا إذا كنا فعلا نريد مغربا ديمقراطيا وقويا قادرا على ضمان الكرامة والحرية لمواطنيه .
إن الاستقرار يتطلب إجراء إصلاح سياسي عميق وجذري يمس البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية برمتها ، وليس مجرّد روتوشات وإجراءات شكلية وسطحية لتهدئة الأوضاع حتى تمر الزوبعة وبعدها ترجع " حليمة إلى عادتها القديمة ".
حذاري، فإن لصبر الشعب حدودا ، وإن " الاستثناء المغربي " ليس قدرا محتوما !!!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.