قال الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، حاتم البطيوي، إن الدورة الصيفية من موسم أصيلة الثقافي الدولي السادس والأربعين تنعقد "وفق البرنامج الذي أعده مؤسس الموسم الراحل محمد بن عيسى قبل وفاته"، مشيرا إلى أن التحضيرات سارت "بسلاسة وهدوء، تماما كما أرادها الراحل، الذي ظل منشغلا بهاجس الاستمرارية حتى أيامه الأخيرة". وفي حديث نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح البطيوي أن الراحل "كان قد قسم الموسم إلى ثلاث دورات – ربيعية وصيفية وخريفية – بهدف تمديد الأثر الثقافي للموسم على مدار السنة"، مبرزا أن المؤسسة اكتفت "بإدخال تعديلات طفيفة فقط على البرنامج الأصلي". وأشار إلى أن فعاليات هذه الدورة تشمل جداريات بالمدينة العتيقة وورشات موجهة للأطفال والشباب، فيما يُنتظر أن تتضمن الدورة الخريفية، المقررة في أكتوبر، ندوة تكريمية للراحل محمد بن عيسى، إضافة إلى ندوات فنية وتكريم خاص للتشكيلي عبد الكريم الوزاني. وإلى جانب الورشات التي تستهدف الناشئة، من كتابة ورسم ومسرح وتنمية ذاتية، يسعى الموسم إلى تعزيز حضوره داخل النسيج الاجتماعي للمدينة، وفق ما يؤكده البطيوي، الذي يرى أن "قوة الموسم ليست فقط في ضيوفه ولا في برامجه، بل في التراكم الثقافي الذي بناه داخل المدينة وأوساط ساكنتها". ومنذ إطلاقه عام 1978، ظل موسم أصيلة يحمل طابع الاستمرارية رغم تحولات السياق، محافظا على طابعه المتعدد الذي يزاوج بين الإبداع الفني والحوار الفكري. وحرصت المؤسسة، بحسب المتحدث، على إشراك أطر شابة تنحدر من المدينة في الإعداد لهذه الدورة، في مجالات التنظيم والإعلام واللوجستيك، "تفعيلا لروح الانتماء المحلي وضمانا لنقل الخبرة"، كما قال البطيوي، مضيفا أن الموسم بات يمثل "إرثا جماعيا يتقاسمه كل من مرّ من هنا يوما، فنانا كان أو مفكرا أو طفلا رسم أولى لوحاته على جدران المدينة العتيقة". وفي ما يشبه العودة إلى الجذور، يراهن المنظمون على جعل الدورة الخريفية فضاءً للنقاش حول قضايا الفن والإبداع، تماشيا مع الرؤية التي دافع عنها الراحل محمد بن عيسى في سنواته الأخيرة، حين دعا إلى إعطاء "الأولوية للموضوعات الفنية بدل الانشغال المفرط بالراهن السياسي". ويؤكد البطيوي أن المؤسسة لا ترى في غياب محمد بن عيسى نهاية لمسار، بل "بداية مرحلة جديدة بروحه وبحكمته"، مذكّرا بأن الراحل كان قد أوصى بأن لا يُنسب الموسم إلى شخصه، بل إلى المدينة التي احتضنته منذ بداياته. ومن المنتظر أن تُخصص ندوة دولية خلال الدورة الخريفية لقراءة تجربة محمد بن عيسى من زوايا مختلفة، بمشاركة شخصيات فكرية وثقافية من داخل المغرب وخارجه، كثير منها اعتاد حضور موسم أصيلة لسنوات. ويرى البطيوي أن هذا التكريم سيكون "لحظة اعتراف لرجل جمع بين العمل الثقافي والدبلوماسية والمجتمع المدني"، وساهم في بناء جسور ممتدة بين ضفتي المتوسط. وبينما تتوزع فعاليات الموسم بين الفن التشكيلي والجداريات والندوات الفكرية وورشات الكتابة، يبقى رهان المنظمين اليوم هو الحفاظ على هذه الدينامية السنوية، وتطوير أدوات الاشتغال المؤسساتي، "دون المس بروح الموسم ولا بحمولته الرمزية"، كما شدد الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة.