قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في افتتاحية لها، نشرتها قبل يومين، تحت عنوان " رئيس تونس يقودها في طريق خطير"، إن الرئيس قيس سعيد يجب أن يحترم الديمقراطية وأن يركز على المشاكل الاقتصادية للبلاد، مطالبة من المجتمع الدولي التدخل وردعه قبل أن تصبح إحدى الديمقراطيات الفاعلة في العالم العربي من الماضي. وتطرق كاتب الافتتاحية إلى الأوضاع التي تعيشها تونس في عهد الرئيس الحالي، قيس سعيد، مسلطا الضوء على الاعتداءات والاعتقالات التي تطال المحتجين، وكذا ارتفاع أعداد النشطاء الحقوقيين والصحفيين ونواب المعارضة الذين أصبحوا يواجهون محاكمات عسكرية، كل هذا حسب الكاتب يقع في تونس مهد الربيع العربي والتي حتى وقت قريب، كانت تعتبر الدولة الوحيدة القادرة على الانتقال من الدكتاتورية إلى الديمقراطية ابان ما يسمى باحتجاجات الربيع العربي التي انطلقت من تونس. وأشار الكاتب إلى أن مهندس الرد العدواني للدولة على النقاد والمعارضين هو الرئيس قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري المتقاعد الذي فاجأ الكثيرين بفوزه في انتخابات 2019 باعتباره شخصية سياسية غير معروفة، ليقوم بعد أقل من عامين على توليه منصب الرئاسة بتعليق عمل البرلمان متذرعًا بالمادة 80 من الدستور التونسي لتبرير حكمه بأمر تنفيذي في ما يحمل بصمات الانقلاب. ووقف صاحب الافتتاحية عند استبعاد قيس سعيد إجراء الانتخابات البرلمانية حتى نهاية العام على الأقل، وهو الذي يخطط لإجراء استفتاء على الدستور، يحاول من خلاله تعزيز سلطاته من خلال إعادة البلاد إلى نظام الرئاسة التنفيذية، على غرار تلك التي تمتع بها زين العابدين بن علي، الديكتاتور المخلوع عام 2011، فيما سيكون بمثابة تراجع آخر عن المكاسب التي تحققت بعد الثورة. ومع ذلك، يضيف الكاتب أن قيس سعيد فشل في تحقيق الشيء الوحيد الذي يتطلبه الشعب التونسي بشكل عاجل، وهو خطة اقتصادية قابلة للتطبيق للتعامل مع المشاكل الكثيرة التي يعاني منها التونسيين، من قبيل ارتفاع معدلات البطالة وتدهور المستويات المعيشة، مشيرا إلى أن هذه العوامل تفسر سبب تمتع سعيد بالدعم الشعبي لاستيلاءه الوقح على السلطة، بعدما أصيب التونسيون بخيبة أمل من الأحزاب السياسية القائمة والائتلافات الضعيفة والمتشاحنة التي ميزت سنوات ما بعد الثورة وأدت إلى وجود 10 حكومات في البلاد في عقد من الزمن. وأوضح كاتب الافتتاحية أن قيس سعيد وعوض العمل على ايجاد حلول للمشاكل التي يواجهه التونسيون، يحاول دائما إلقاء اللوم على الفساد ومنتقديه ومعارضيه، ومتهما إياهم بتلقي التمويل والدعم الأجنبي، ومع ذلك يضيف الكاتب، أنه كلما طال أمد المشاكل الاقتصادية، كلما تآكلت شعبيته بشكل أسرع وزاد خطر إحباط التونسيين الذي يغلي مرة أخرى. وأكد الكاتب أن العودة إلى الديكتاتورية في تونس على غرار نظام بن علي بدون ضوابط وتوازنات لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأمور، فبدلاً من ذلك، يحتاج سعيد إلى إعادة تونس إلى مسار واضح نحو الديمقراطية وتركيز طاقته على معالجة المشاكل الاقتصادية، مثل تحسين مناخ الأعمال وتقليص البطالة. واختتم الكاتب افتتاحيته بالقول: أنه " يجب على المجتمع الدولي استخدام نفوذه للضغط على قيس سعيد لكبح ميوله الاستبدادية، من خلال عمله على التخفيف من تأثير الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة اللازمة، بما في ذلك معالجة فاتورة أجور القطاع العام المرتفعة والإعانات، إذا كان هناك نظام أكثر شمولاً، أما إإذا استمر في ما يقوم به بدون رادع، فهناك خطر حقيقي من أن ما تبقى من ديمقراطية فاعلة في العالم العربي سوف يصبح من الماضي.