تعهد الرئيس المنتهية ولايته والذي خسر الدور الثاني من انتخابات الرئاسة التونسية في انتخابات الأحد بتقديم طعون لدى القضاء، وهو ما يتناقض مع ما قاله مساء الأحد من أنه يقبل بالهزيمة ولن يعترض على النتائج. وأكد في كلمة أمام مجموعات من ناخبيه أنه سيضع هيئة الانتخابات أمام مسؤولياتها، وأنه إن «كانت هناك خروقات في الانتخابات فستتحمل مسؤوليتها». ووعد المرزوقي بتكوين هيكل تنظيمي جديد اسماه حركة شعب المواطنين يجمع فيه مختلف «الثوار» في إشارة إلى جمهور النهضة وروابط حماية الثورة المتهمة بارتكاب أعمال عنف طيلة السنوات الثلاث الماضية. وتعهد بأن يدعو المواطنين إلى الانضمام للحركة الجديدة لخوض الاستحقاقات السياسية المقبلة في إشارة إلى الانتخابات البلدية، وهو موقف سيجعله في مواجهة مباشرة مع حركة النهضة التي بدأت بعض قياداتها تتهمه بمحاولة السطو على جمهورها. وأثار نجاح الباجي قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية التونسية وفشل منافسه محمد المنصف المرزوقي المدعوم من حركة النهضة الإخوانية جدلا حول انحسار مشروع الإسلام السياسي، بالتزامن مع بداية مرحلة التطبيع بين مصر وقطر. واتخذت الدوحة، التي ينظر إليها باعتبارها الداعم الرئيس للإخوان، خطوات فاعلة لإظهار حسن النوايا تجاه القاهرة، كان آخرها قرار إغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر التي كانت تعتبر منبرا إعلاميا للجماعة. ويقول دبلوماسيون غربيون إن التجربتين المصرية والتونسية متقاربتان إلى حد بعيد، فقد تطلع الإخوان في البلدين إلى قطع أبعد مسافة ممكنة في الحكم، ولم يكن الناس في مصر وتونس بحاجة إلى وقت طويل لاكتشاف فشل التنظيم. ولم تنحصر شعبية الإخوان في المناطق التي شهدت استحواذهم على نفوذ سياسي أو تلك التي تشهد صراعات دامية فقط، بل شمل المنطقة برمتها. وفي وسط الأمواج المتلاطمة لم يجد قادة التنظيم بدّا من طلب اللجوء إلى تركيا، بعدما ضاقت المنطقة العربية بهم، وتحولت من ملعب للنفوذ إلى ساحة خالية من الأصدقاء. ولا يستبعد المراقبون أن تنأى تركيا بنفسها عنهم بعد فترة خاصة أنها عملت على توظيفهم ظنّا منها أنهم سيحكمون دولا مثل مصر وتونس وليبيا، لكن فشلهم سيحولهم إلى عبء عليها قد يهدد علاقاتها الاقتصادية مع دول الخليج. وقد تبدأ الانعطافة التركية مع تصريحات أعلنها نائب رئيس الوزراء التركي بولند أرينج في الحوار مع قناة الجزيرة التركية حين أكد أن على تركيا أن تصحح العلاقات مع مصر وأن تتجاوز لأجل ذلك كل مؤاخذاتها على السلطات الجديدة. ويقول محللون إن الثورة المصرية في 30 يونيو ونجاح العلمانيين في تونس نهاية لمرحلة اتسمت بطابع إسلامي بحت بدأتها الثورتان في تونس ومصر أيضا العام 2011. ويقول محللون إن هزيمة إخوان تونس وخسارة رهانهم على الديمقراطية مؤشر بالغ الدلالة على أن الإخوان غير مقبولين شعبيا رغم الشعارات الدينية التي يرفعونها لاستقطاب البسطاء ومحدودي التفكير. وأضافوا أن ثلاث سنوات من الحكم مكّنت من تقديم إخوان تونس كما هم إلى الناس، فلا هم مع الدين لأنهم رفضوا مبدأ تطبيق الشريعة، ولا هم مع الدولة المدنية لأنهم وقفوا ضد التشريعات التي تجعل الدستور متماشيا مع القوانين الدولية. وتقول مؤشرات كثيرة إن الحركة مقبلة على انقسامات بعد الهزائم التي منيت بها سواء في الانتخابات التشريعية أو في الرئاسية، وهو ما ألمح إليه القيادي الثاني في الحركة عبدالفتاح مورو حين توقع «بأن يحدث شرخ بالنهضة وربما ينفصل جزء من قاعدتها أو شبابها عقابا لها على اختيارها». تحذير مورو يأتي ليدعم استقالة الأمين العام السابق للحركة حمادي الجبالي، فضلا عن تهديد قيادات أخرى بالانسحاب مثل الصادق شورو والحبيب اللوز، وغضب في قواعد التنظيم خاصة بالجنوب من المواقف المخاتلة لرئيس الحركة راشد الغنوشي.