وسط تفاعل وتتبع كبيرين من طرف مختلف شرائح المجتمع على الفضاء الأزرق، ناقش برنامج ضد المحظور على الصفحة الرسمية لقناة "كاب 24 تيفي"، بإعداد وتقديم الزميل الأستاذ الكارح ابو سالم،وبحضور ثلة من الاساتذة الكبار في مجال القضاء والقانون والحريات والمهتمون بمحاربة الفساد وحماية المال والدفاع عن الحقوق، على رأسهم الدكتور "عبد الله الكرجي" عضو نادي قضاة المغرب والاستاذ "عبد العزيز رويبح" بصفته محاميا بهيئة الرباط وفاعل حقوقي ، وبحضور الاستاذ محمد المسكاوي رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام، وكذا مدير مكتب الدراسات والتنمية والاستشارة الاستاذ محمد سقراط، اضافة الى الاستاذ "هشام الغازي" المحامي بهيئة الجديدة ورئيس المنظمة المغربية لحماية العام والدفاع عن الحقوق الفردية والجماعية، في حلقة مهمة،نارية وجريئة اختار معد ومقدم برنامج ضد المحظور "مكافحة الفساد والاثراء غير المشروع بالمغرب" موضوعا وعنوانا لها. حيث أكد الدكتور عبد الله الكرجي، بعد الشكر والتحية ان سبل محاربة الفساد ترتكز اساسا على الشجاعة القانونية والقضائية وكذا السياسية على اعتبار ان المؤسسة القضائية لا تصنع القوانين بل تسهر فقط على تطبيقها، مضيفا ان تحصين القاضي واستقلال القضاء من بين الركائز الاساسية لمحاربة الفساد الضخم الذي يكلف المغرب خسارة 5% من الناتج الداخلي الخام اي مايعادل 50 مليار درهم،زيادة على مجموعة من الانعكاسات السلبية للفساد والتي تتمظهر سياسيا واجتماعيا واقتصاديا،اضافة الى مساهمته كذلك في استفحال وانتشار ظواهر العنف والجريمة. اما فيم يخص الاثراء غير المشروع فقد جاء في مداخلته القيمة والتي تتلائم مع واجب التحفظ والحياد المفروض على القاضي بم يضمنه دستور 2011 للسادة القضاة من حقوق وحريات، خاصة الحق في ابداء الرأي وحرية التعبير، حيث اعتبر الاستاذ الكرجي ان جرائم الفساد يرتكبها الاقوياء والمتحكمين، ولتعميق اسس النزاهة في العمل العام وجب تفعيل آليات المحاسبة وعدم الافلات من العقاب وسن قوانين صارمة تتلائم وجسامة الجرائم المرتكبة. بينما جاء في مداخلة الاستاذ "رويبح" انه من الضروري التعرف على الفساد لمواجهته معتبرا ان بنيته تتضمن ماهو ظاهر ومتغير، مضيفا ان مكافحة الفساد تتطلب ارادة سياسية واضحة، متأسفا كيف ان المغرب يحتل مراتبا جد متقهقرة في محاربة الفساد رغم رفعه لهذا الشعار منذ مدة طويلة، مؤكدا ان الاحزاب والفاعلين السياسيين يساهمون في تفاقم كازمة الفساد وانتشارها،معتبرا ان المشكل الاساسي هو سياسي وليس بقضائي، ولايمكن للقضاء بمفرده ان يتمكن من استئصال الفساد، على اعتبار ان السلطة القضائية مسؤولة فقط على إعمال وتطبيق القانون اما السياسة فهي المسؤولة عن انتاج القوانين، واصفا ان المغرب كالذي بين نارين،بين اشخاص يكرهون الحريات الفردية والجماعية وأناس آخرين يسعون جاهدين الى الافلات من العقاب، فقد اعتبر الاستاذ عبد العزيز ان محاربة الفساد رهين بإصلاح الاحزاب والسياسيين واصلاح جميع مكونات المنظومة المجتمعية فردا وجماعة كي لا نبقى قابعين في اسفل التراتيب،معانقين للارقام المخجلة والسوداء. بينما زكى الاستاذ المسكاوي وجهة نظر الاساتذة الكرام، مضيفا انه منذ سنة 2003 انخرط المغرب في اتفاقيات دولية تهم محاربة ومكافحة الفساد وصادق على بعضها سنة 2007، مؤكدا ان المملكة المغربية تتوفر على ترسانة قانونية ضعيفة موجهة فقط للاستهلاك الخارجي،ورغم تواجد لجان لتقصي الحقائق بالمؤسسة التشريعية الا أن مجموعة من ملفات الفساد لازالت مركونة في ردهات ورفوف المحاكم دون ان تصدر في شأنها احكاما تجبر الضرر وتشفي الغليل وتتناسب وجسامة الجرائم المالية المقترفة،موجها صكوك الاتهام الى الصفقات العمومية ذاكرا ملفي صندوق الضمان الاجتماعي وكذا لاسامير،مطالبا بقوانين تتضمن عقوبات حبسية عوض الاكتفاء بالغرامات المالية،مؤكدا على ضرورة التصريح العلني بالممتلكات بالنسبة للمسؤولين وابنائهم البالغين،اضافة الى ابراء الذمة من طرف المجلس الاعلى للحسابات،مضيفا انه منذ الاستقلال والمغرب يتخبط في الريع وشراء الذمم،زيادة على ضعف النقابات بعد اختراقها وكذا التضييق على النزهاء والمناضلين مشيرا الى انه لايجب جلد المنتخبين ورؤساء الجماعات بمفردهم على اعتبار ان الداخلية تمتلك سلطة الرقابة على الجماعات الترابية،فالمسؤولية مشتركة خاصة بعدما تقدمت الداخلية بقترح حذف الشرط التعليمي لمسيري الجماعات الشيء الذي يجعل من المنتخبين لعبة سهلة في ايادي المصالح الادارية. اما الاستاذ محمد سقراط فقد صرح على ان هناك من يعرقل ويحارب تجريم الاثراء الغير المشروع، ويحول دون خروح النصوص القانونية الى الوجود بعد بلوكاج دام منذ سنة 2012 ما يضع المغرب في موفق محرج امام المنتظم الدولي، معتبرا ان الفساد يشل حركة الاقتصاد والسياسة،موضحا ان الدولة غير جادة ولا تتوفر على ارادة حقيقة لمحاربة الفساد الشيء الذي يعيق التقدم والازدهار،فيم جدد في ختام مداخلته على ضرورة محاسبة ناهبي المال العام وتفعيل القوانين بمنطق الجزاءات واحالة التقارير على القضاء ليقول كلمته الاخيرة. اما بالنسبة للاستاذ هشام فقد اكد على ضرورة خلق مجموعة من الاليات لمحاربة الفساد بشتى انواعه على رأسه المالي والاداري، مضيفا ان عددا من المفسدين تتم متابعتهم في حالة سراح، اذ ما تم تحريك الشكاية في مواجهتهم،مسترسلا في النقاش ان تقارير المجلس الاعلى للحسابات والمجالس الجهوية تتضمن اختلالات كثيرة دون ان تتم معاقبة مرتكبيها، داعيا كذلك الى ضرورة ارساء ثقة قوية بين المواطن والنيابة العامة،مستنكرا نهب المال العام والتهرب الضريبي الذي اعتبره وجها من اوجه الفساد داعيا الدولة الى التعامل بحزم وصرامة مع مثل هذه المواضيع على اعتبار ان المواطن يطالب بأجرأة القوانين وتفعيلها على ارض الواقع لارجاع الثقة بين المواطن والمؤسسات، وقد ختم الاستاذ الغازي مداخلته بغياب الوازع الديني والاخلاقي لدى البعض يجعل منه مفسدا حقيقيا لا يخاف خالقا ولا يهاب مخلوقا،ضاربا المثال بملف الملاعب الرياضية التي عبث بميزانيتها الفساد. وتجدر الاشارة ان هذه الحلقة من برنامج ضد المحظور لقيت متابعة كبيرة من طرف المواطنين والمهتمين من مختلف طبقاتهم وشرائحهم، وداخل المغرب وخارجه حيث فتح موقع كاب 24 تيفي بوابة التصويت في وجه المتفاعلين من المواطنين حول مدى نجاح المغرب في تنزيل آليات مكافحة الفساد،فكان ان صوت المتتبعون ب 78% لصالح "لا" و 22% لصالح "نعم" الشيء الذي يؤكد ان هناك مجموعة من أبناء الشعب المغربي التي تتماهى مع الفساد وتشجع عليه وتسارع إلى الإصطفاف الى جانبه.