أمام عجز أو تواطئ السلطات المحلية عن تنظيم ظاهرة الباعة الجائلين التي غزت شوارع تطوان الرئيسية، وخاصة على مستوى شارعي محمد الخامس والجزائر " باب التوت " والتي أصبحت تقض مضجع المواطن التطواني وتشوه جمالية المدينة المصنفة كتراث عالمي، تطرح الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول مصادر تمويل هؤلاء الباعة بالمنتوجات والألبسة المتنوعة، والتي تحول من خلالها البعض من بائع جائل إلى قار ودائم، وامتلاك أماكن أصبحت حاليا على هيئة دكاكين متنقلة. شمال بوست حصلت على صور حصرية لإحدى السيارات من نوع " رونو إكسبيريس " تتولى تزويد الباعة الجائلين المتواجدين بشارع محمد الخامس والشوارع الرئيسية المحيطة به بالبضاعة التي يتم عرضها للبيع بالاتفاق المسبق مع بعض رجال السلطة المحلية من أعوان السلطة ورجال القوات المساعدة. وأفادت مصادر خاصة لشمال بوست أن هذه السيارة تعد بمثابة المزود الحصري لباعة شارع محمد الخامس، حيث يتعرض كل شخص يرفض التعامل معها ومع بضاعتها لشتى أنواع الضغوط، إما بإكراهه على مغادرة شارع محمد الخامس بالتهديد والوعيد، أو بدفع أحد أتباعهم لعرض نفس بضاعته أمامه بثمن أقل. ويتفاجئ مرتادو المقاهي بشارع محمد الخامس مباشرة بعد صلاة العشاء بحملة تمويهية يقودها بعض أعوان السلط مصحوبين برجال القوات المساعدة لإفراغ الشارع من الباعة الجائلين لمدة محددة من الزمن لا تتعدى مسافة قطعهم الشارع في اتجاه ساحة المشور، قبل أن يعاود النشاط التجاري بوتيرة أكبر. وأصبحت هذه العملية مكشوفة بالنسبة للعديد من الملاحظين، باعتبارها أداة ابتزاز فقط لاستخلاص الإتاوات، وخاصة من طرف المزودين الرئيسيين والمسؤولين عن الباعة الذين يشتغلون تحت إمرتهم وببضاعتهم، حيث يتم التنسيق معهم بشكل مسبق، في حين يترك الشخص الخارج عن هذه الدائرة في مواجهة مصيره المحتوم إما بالانصياع إلى رغبات والعمل تحت سلطة المزود الرئيسي أو الطرد من الشارع. كما يلفت الانتباه كيفية إخلاء الباعة الجائلين عند أي زيارة مفاجئة لأحد رجال السلطة المحلية، حيث يمر شخص بسرعة البرق أمام الباعة الجائلين وإصدار حركة معينة، يتم خلالها جمع محتويات البضاعة جانبا والاختباء في العمارات الموجودة بشارع محمد الخامس، أو التواري في الأزقة الجانبية، في مشهد كوميدي مكشوف للعيان، ويعبر عن تواطئ مفضوح بين الجميع رجال السلطة والباعة الجائلين.