سبق لي أن خلصت في مقالي السابق "وهم الصحوة الدينية الجزء 1" على موقع كود الى أن التوحيد والإصلاح تتجه نحو مرحلة التيه الفكري والموت الاديولوجي، هذه المرحلة عرفت انقلابات قيمية عميقة، فمنذ ان انهزم الخطاب الوعظي بعد انهيار رموزه في ما يسمى بفضيحة الزواج العرفي، اي تآكل مقولات العفة وطريقة ترويج الدعوة لمجتمع محافظ مبتعد عن الرذيلة، أصبحت اليوم التوحيد والإصلاح "بل حتى العدل والاحسان" يعيشان في مرحلة دقيقة وحساسة وهو ما يمكن وصف بمخاض الولادة من جديدة أو الموت البطيء، الولادة من حيث التخلي عن الأسس الدعوية "الرسالية في الفرد والمجتمع والاسر ثم الدولة"، فبعد ان عبر العدالة والتنمية الحزب الابن البار لحركة التوحيد والإصلاح عن خطوات سياسية تعبر عن الفصل الحقيقي بين الدعوي والسياسي، أصبحت الحركة الاسلامية تتجه نحو الانحلال الدعوي او ما يمكن ان اسميه "فصل الدعوة عن الأخلاق او التربية " اي جعل الدعوة مجرد اُسلوب تفني يتلخص في إعداد دورات تكوينية وتنظيم لقاءات دعوية بعيدة كل البعد عن واقع المجتمع، من خلال تصوير أشرطة فيديو بمضامين غير تلك التي كانت تروج لها "مثال بسيط اشرطة حملة محاربة الادمان الالكتروني على موقع الإصلاح مؤخرا". فالنظر الى حدث احتفال التوحيد والإصلاح بعيد ميلاد طارق السويدان احد كبار شيوخ الدعوة والتنظير الاستراتيجي للحركات الاسلامية، بإبعاد هذا الاحتفال وهو ربما لاول مرة في تاريخ هذه الحركة تعلن بشكل علني وأمام صور الهواتف الاحتفال بعيد كانت بالامس لم تحسم في جوازه شرعيا، الامر الثاني يمكن استنتاجه هو ثقل السويدان في علاقاته مع قيادات التوحيد والإصلاح من حيث البرامج المشتركة والمصالح المتبادلة، فالمتتبع للشأن الإسلامي بالمغرب يعرف جيد ان السويدان يستفيد ماليا من الدورات التي يقيمها بالمغرب بمساعدة اخوته فالتوحيد والإصلاح. لقد قلت في وقت سابق أن في مرحلة الموت الادلوجي، حيث القادة المؤسسين للعمل الدعوي شقوا طريقهم نحو السياسية، الاخيرة تبتلع المبادئ وتغير مواقف كبار المنظرين، هذه المرحلة شكلت عنصر تحول في قيم وسلوك الإسلاميين، حيث ستظهر سلوكات مغايرة لما ذهب اليه الاولون المؤسسين "بنكيران، يتيم، باها، الشقيري، وغيرهم". سلوكات متحررة من الاديولوجيا من الشحن الطائفي، لكن في نفس الوقت تقوم بهندسة الدعوة "على شكل قوالب تقنية مع الاحتفاظ بأسلحة "تاريخية= التمسك بالماضي وبزلاته لمواجهة العلمانية في هذه المرحلة التي وصفتها بمرحلة التنمية الذاتية"، مرحلة سيطر فيها فقه اسلام السوق على شاكلة منهج الدعوة والتبليغ وشاكلة الزعامة الخاوية واللعب بأوتار العاطفة "الشيخ سار، النهاري ، وبنحماد والنجار، .." دورا كبير على مستوى تجييش الجماهير عبر الخطاب الديني الوعظي الهجومي الذي يتخذ عدوا، "هذه مسألة نفسية اكثر منها عقلية، فالإنسان دائما يحتاج الى عدو يحفزه على انتاج مواقف ردود افعال لما لا اعمال عنف"، وعلى المستوى التكويني يتم الحشد عن طريق السويدان وامثاله وهم كثر وفي بعض الاحيان بمقابل مالي.