لا وطن لليسار. ووطنه العالم. وحيث يوجد شعب. ويوجد بؤس. وتوجد جماهير. ويوجد عمال. ويوجد فقراء. ويوجد فيسبوك. توجد أرض اليسار. وهناك مقاعد شاغرة لليسار في كل مكان في العالم. وفي المغرب خصوصا.نحتاج ميلونشون. وله مقعده بيننا. فمعركته لم تقتصر على فرنسا. وجمهوره لم يكن فرنسيا فحسب. بل رأينا جميعا كيف صوت عليه مغاربة كثر في الفيسبوك. وهناك من بكى. وهناك من انتابه حزن شديد. وشتم الرأسمالية. وهددها. وهناك منا من كان يأمل أن تتحول الديمقراطية الغربية الفرنسية إلى دولة شمولية. فنماذج ميلونشون هم النظام الكوبي، قبل أن يتحول إلى دولة سياحية، وورثة تشافيز في فنزويلا. ولولا الخجل لأضاف إليهما كوريا الشمالية. أما ألمانيا بالنسبة إليه فلا شيء. ألمانيا بقضها وقضيضها ليست نموذجا وألف كتابا في ذمها. إنها دولة فقيرة والشعب الألماني يعاني كما قال بعظمة لسانه. وكانت ظاهرة ميلونشون غريبة حقا في الفيسبوك المغربي. كأنه يسارنا. كأنه زعيمنا. وكانوا يعولون عليه في الفيسبوك المغربي. ويعقدون الأمل. ومنهم من كان متحمسا. وكانوا يسقطونه علينا. من شدة حرمان هذا النوع من اليسار المغربي يستهلكون زعيما ليس لهم. كنوع من التعويض. ويتمنون لو صوتوا. ولو ساعدوه. وكانت تنقصه فقط أصوات الميلونشيين المغاربة ليمر إلى الدور الثاني. لكن فرنسا عنصرية. ولا تسمح لنا بالتصويت. وتفرض علينا لغتها. وقنواتها. وشركاتها. بينما تمنعنا من التصويت لميلونشون. والظاهر أنها لا تستحق ميلونشون. والظاهر أن فرنسا لا تستحق أن يكون لديها يساري رائع كهذا. لا تستحق هذا المنقذ. رغم الحملة التي قام بها. ورغم المفاجأة التي خلقها. وإذا لم تكن ترغب فيه فرنسا. فالحزب الاشتراكي الموحد مستعد أن يستقبله. والرفيقة نبيلة منيب مستعدة أن تأخذه إلى بيت بنسعيد أيت إيدر. وتمنحه بطاقة العضوية. بحضور وسائل الإعلام. كما فعلت مع كريم التازي. وكم سيكون ميلونشون سعيدا بهذا العرض. وهو الذي فعل المستحيل ليصبح زعيما. وإذا كانت من أنا يسارية نرجسية فهي هذا الرجل. الذي جمع شتات اليسار المتطرف حوله. وأعلن نفسه مرشحا لهم. دون انتخابات تمهيدية. ودون استشارة الرفاق. وتخيلوا حزبا فيه نبيلة منيب تقدم الدروس للجميع. وعمر بلا فريج يصور البودكاستات. وميلونشون يستعد للانتخابات المغربية المقبلة ويعبىء الشعب المغربي. وهو يطل برأسه من الرسالة. ليصبح رئيسا لحكومتنا. ولو حصل هذا. وهو محتمل جدا. مادام اليسار أمميا. ومادام الزعيم طنجاويا. فأكيد أن فيدرالية اليسار ستتقدم في النتائج. وستحصل على ثلاثة مقاعد. في 2021. لكن ما يحز في نفسي. وما أعاتب عليه يسار الفيسبوك المغربي. هو أنهم لم يتعاطفوا مع مرشحين يساريين آخرين للانتخابات الرئاسية الفرنسية. ولا أحد منهم ذكر اسم فليب پوتو. ولا أحد منهم قال إنه مع ناتالي أرتو. هذا المرشحان الماركسيان التروتسكيان. المتموقعان على يسار ميلونشون. والمناهضان تاريخيا للستالينية. كلهم. كلهم. مع ميلونشون كأن لا تروتسكي مازال على قيد الحياة في الفيسبوك. كأن التروتسكيين المغاربة تنكروا لمبادئهم. وعادوا إلى تقيتهم المعروفة. وسريتهم. كأنهم شيعة الماركسية. أو كأنهم غادروا هذه الحياة وتركوها للرأسماليين يتمتعون بها ويستغلون الشغيلة. وأنا الذي لي دزينة أصدقاء تروتسكيين. وأعرفهم بالاسم. لكنهم التزموا الصمت. وبعضهم انضم إلى ميلونشون. وهو ما أعتبره خيانة وتنكرا للثورة الدائمة. وللأممية الرابعة. ولكل أعداد جريدة"المناضل(ة). والنتيجة هي أن فليب بوتو حصل على نسبة واحد في المائة من الأصوات. والرفيقة ناتالي حصلت على صفر فاصلة سبعة. وكل هذا بسبب خيانة المغاربة. الذين دعموا المرشح الستاليني. المتحالف مع الشيوعيين والمتنكر لهم والمتعالي عليهم كأي بورجوازي. بينما تنكروا لتروتسكي. وكم تفرجت في فليب بوتو وهو يشتم محاوريه وكم شاهدته من مرة يصفهم بالأوغاد ويثير سخرية البورجوازيين. بينما التروتسكيين المغاربة غائبون ولم يلعبوا أي دور وفي المحصلة لا ميلونشون ولا تروتسكي ولا المغرب ولا فرنسا ولا كوبا كأن قدر اليسار أن يكرر لازمة"في الحاجة إلى توحيد اليسار". وينظم تلك الندوة الأبدية. ويستدعي في كل مرة محمد الساسي ونبيلة منيب والبراهمة. وحتى لو كان الساسي من حديد وحتى لو كانت نبيلة جلمود صخر فاليساري بشر و يتعب. ويمل من انتظار هذه الوحدة التي لا تأتي. ومن الندوات. وأغاني قعبور. في ظل اختفاء التروتسكيين. وإخلافهم للموعد. ولهذه الفرصة التاريخية غير المسبوقة بمرشحين تروتسكيين. وتركهم الساحة فارغة ليلعب فيها ميلونشون لوحده. ويخسر مع ذلك. ولا شك أن تروتسكي غاضب جدا غاضب من الرفاق المغاربة ومن دورهم السلبي. ومن صمتهم غير المفهوم. ومن تقديمهم يد العون للقاتل ولوريث ستالين الذي اشتراهم بدعوة إلى حفل "ليمانيتي" على حساب الحزب الشيوعي وببيرات ونقانق. آه أيها الرفاق آه دائما الخائن منا. Envoyé de mon iPad