قالت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن المجلس ينتظر ما سيقدمه المجلس العلمي الأعلى من ملاحظات حول تعديل مدونة الأسرة، نظرا للاعتبار الذي يشكله هذا القانون في منظومات حقوق الإنسان، علما أن "مذكرتنا التي قدمناها للجنة المكلفة (...) واضحة، وتستند إلى قانوننا"، وزادت: "للأسف أحيانا يتخيل السياسي أشياء، فيما التوصيات همت بشكل شامل تدبير حقوق الإنسان". جاء هذا، اليوم الثلاثاء بالرباط، خلال تقديم التقرير السنوي للمجلس حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب سنة 2023، حيث جددت بوعياش دعوتها إلى "تجريم الاغتصاب الزوجي"، و"إلغاء تزويج الطفلات"، قائلة إن من أهم القضايا التي أثّرت فيها خلال السنة المعنية بالتقرير قضية فتاة قاصر زُوّجت بشكل مفروض عليها، وتتابع الآن بجريمة قتل حماتها، بعدما لم تتمكن من استيعاب معاملة الحماة والزوج ضربا، وجلدا، وعقابا، واغتصابا. كما ذكرت بوعياش، في الندوة الصحافية المنظمة بمقر المجلس الذي ترأسه، أن "إطلاق ورش تعديل مدونة الأسرة ستكون له انعكاسات على حماية الحقوق الاجتماعية للنساء والفتيات والأطفال"، وسجلت أن عدد الشكايات والطلبات لتدخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان تزايد وطنيا وجهويا، متعديا سقف 3000 شكاية، شاملة شكايات رجال ونساء مغاربة، ومهاجرين؛ ومن بين قضاياها الحق في البيئة النظيفة "بسبب حالة الإجهاد المائي غير المسبوق" التي يعيشها المغرب منذ سنة 2020، كما تشمل قضايا من قبيل "المس بالحياة الشخصية"، لجوءا إلى "آلية الانتصاف غير القضائي" التي يمثّلها المجلس. وكشفت المتحدثة إجراء "عمليات فحص جديدة للحمض النووي" للمعتقلين المتوفين في معتقل تازمامارات السري، في إطار جبر الضرر الجماعي، قائلة إن هذه السنة ستشهد الإعلان عن نتائج المختبر حول الضحايا، وهو ما تجدر الإشارة إلى أنه استجابة لمطلب من مطالب الجمعية التي تضم المواطنين الأحياء الذين تحرّروا من المعتقل سيّئ الذكر في "سنوات الرصاص". وحول "زلزال الحوز" جددت بوعياش الترحم على ضحاياه، مسجلة "التداعيات السلبية له في 169 جماعة"، وأن "التدخل كان استعجاليا بسرعة وفعالية في أقل من 24 ساعة، مع تعبئة المجتمع، ومنح صفة مكفولي الأمة لليتامى". وتأسّف المجلس، وفق كلمة بوعياش؛ لاستمرار المحاكم الوطنية في إصدار عقوبة الإعدام، علما أنها لم تطبق بالبلاد منذ عشرين سنة، قائلة إن هذا "يعيق التنصيص الدستوري على الحق في الحياة وعدم المس بالسلامة الجسدية"، وداعية إلى "الشجاعة" لأخذ سلطة من السلط "المبادرة"، لا التحجج بالتخوف من رد فعل الرأي العام؛ لأنه "في كل تجارب العالم لم تكن كل المجتمعات موافقة عندما أُلغيت هذه العقوبة". كما دعت الحقوقية ذاتها إلى "مراجعة قانون الجمعيات"، نظرا لاستمرار "بعض التحديات التي تحول دون تطور الفعل الجمعوي بشكل سلس"؛ من بينها "ممارسات بعض الموظفين الإداريين، وعراقيل مازالت تواجه"، تأسيس الجمعيات، أو تجديد تنظيم جمعها العام، أو استفادتها من القاعات العمومية. وذكرت المسؤولة الحقوقية أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان استقبل سنة 2023 ثلاث شكايات "تدعي التعرض للتعذيب"، تابعها، وزادت: "نحن في انتظار إصدار الأحكام بعد التحقيقات الضرورية للنيابة العامة"، كما تحدثت عن 149 شكاية "ادعت سوء المعاملة، وأغلبها لا تتوفر فيها عناصر التعذيب"، مفرقة بين هذا الأخير وبين المعاملة القاسية، والمعاملة الحاطة من الكرامة، ومردفة: "بعد تحرّ طويل جدا ولقاءات مع المسؤولين في الإدارات السجنية وجدنا أن عددا من الشكايات، بشكل كبير جدا، سببها خلاف وتوتر بين المعتقلين، ثم تدخل الإدارة لإعمال النظام، بما يعتبره المعتقلون تدخلا بمعاملة حاطة". ورصدت بوعياش اعتقال 4 مدونين بتهم "نشر أخبار زائفة، أو تعليقات، أو نشر فيديوهات غير صحيحة أو تمس بالحياة الشخصية"، وتحدثت عن الاحتجاجات الأبرز التي عرفها المغرب في مدة التقرير؛ وهي الاحتجاج على ارتفاع الأسعار، والوقفات المساندة لفلسطين، واحتجاجات موظفي التعليم التي لوحظ معها "توقف الدراسة 12 أسبوعا، وهي مدة طويلة بالنسبة للحق في التعليم"، مع استحضار إشكال "الجودة" في التعليم، و"الهدر المدرسي"، و"التأطير التربوي الذي مازال في حاجة إلى عمل، واستثمار للرأسمال البشري للأساتذة (...) واستعداد لإثارة الإشكالات الحقيقية، لا النقابية فقط، على أهميتها". كما ذكرت آمنة بوعياش أن المجلس يدعم دليلا يعزز قدرات موظفيه، وطنيا وجهويا، من أجل دعم ضحايا الاتجار بالبشر في أزيد من 100 قضية معروضة على القضاء، وأنه أعد دليلا ل"ضمانات وحقوق الموضوعين تحت تدابير الحراسة النظرية والمحتفظ بهم تحت المراقبة"، ثم عددت توصيات حملها التقرير السنوي حول ضرورة استكمال اعتماد كافة مكونات الحماية الاجتماعية، وتوسيع نطاقها، خاصة منها إعانات الشيخوخة والبطالة، والعمالة وإعانات حوادث الشغل، وتسريع ورش إصلاح التعليم لضمان الحق في تعليم ذي جودة للجميع، وضرورة مواصلة الإصلاح الجبائي، وإعمال كافة مقتضيات الإصلاح؛ باعتباره أحد المقومات الأساسية لتعزيز العدالة الاجتماعية.