في مشهد يعكس واقعا مؤسفا للتدبير الثقافي والفني لمهرجان "موازين" هذه السنة تحول الحفل المنتظر للفنان العراقي كاظم الساهر، الذي احتضنه مسرح محمد الخامس بالرباط، إلى ليلة من الفوضى وسوء التنظيم، خيبت آمال جمهور واسع تكبد عناء السفر ودفع مبالغ طائلة لحضور عرض لم يرق إلى الحد الأدنى من التطلعات. ورغم الإقبال الجماهيري اصطدم الحاضرون بواقع صادم يطرح أكثر من علامة استفهام حول جودة التنظيم ومعايير اختيار الفضاءات الفنية، ومدى احترام المتفرج المغربي الذي أضحى ضحية لتظاهرات تروج للبريق وتفتقر للأساسيات. وشهد المسرح الوطني حالة من الفوضى العارمة، فرغم الحماس الكبير الذي سبق الحفل اصطدم عدد من الحاضرين بتجربة تنظيمية وصفت ب"المحبطة"، إذ وجد العديد من أصحاب التذاكر أنفسهم دون مقاعد مخصصة، ما خلف حالة من التذمر والاستياء، خصوصا أن أثمان التذاكر بلغت مستويات مرتفعة وصلت إلى 2000 درهم. ولم تقتصر المشاكل على غياب التنظيم داخل القاعة، بل شملت أيضا وراء الكواليس الذي تحول إلى منظر شبيه ب"السوق"، إضافة إلى جودة الصوت التي وصفت ب"الرديئة"، وهو ما أثر بشكل مباشر على استمتاع الجمهور بفقرات الحفل وظهور قيصر الغناء العربي في شكل لا يليق بفن، إلى جانب ارتفاع درجة الحرارة داخل المسرح، ما دفع المنظمين إلى استخدام مراوح محمولة عادية وصغيرة الحجم لم تف بالغرض، بحسب شهادات بعض الحاضرين، إضافة إلىى جلب "كراسي" إضافية وضعت بشكل عشوائي في الممرات. وشهد مدخل المسرح حسب المعطيات التي توصلت بها هسبريس لحظات من التدافع والازدحام، صاحبها صراخ واحتجاجات من الجمهور الذي لم يتقبل هذا "التسيير العشوائي" في واحدة من أبرز التظاهرات الفنية المنتظرة التي أخلفت الموعد هذه السنة بسبب سقطاتها المستمرة. وعبر عدد من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي عن خيبة أملهم من الظروف التي رافقت الحفل، معتبرين أن قيمة الفنان كاظم الساهر والمهرجان الذي يحتفي بدورته العشرين تستوجب مستوى تنظيميا يليق بتاريخه الفني وبثقة الجمهور، خصوصا في صرح ثقافي وطني كمسرح محمد الخامس. وتتقاطع مشاهد الفوضى التي طبعت حفل "القيصر" مع انتقادات واسعة طالت الدورة العشرين من مهرجان "موازين إيقاعات العالم"، التي وصفت من قبل متابعين ومهنيين ب"الأضعف تنظيميا" منذ انطلاق التظاهرة سنة 2001، فقد سجلت خلال هذه الدورة تجاوزات بالجملة، من تهميش لفنانين مغاربة إلى تفشي السوق السوداء لبيع التذاكر بأثمان غير معقولة، وتغليب أسماء أجنبية على حساب كفاءات وطنية، حتى على مستوى الإخراج والإشراف التقني. كل هذه الملاحظات أثارت جدلا متزايدا حول منطق تدبير هذا الحدث الفني، وطرحت تساؤلات ملحة حول أولوياته ومدى وفائه لدوره المفترض في النهوض بالإنتاج الثقافي المغربي وتكريس العدالة الفنية بين مختلف مكوناته.