ساد الهدوء عند الحدود بين الهندوباكستان الأحد، بعد ساعات على تبادل الطرفين الاتهامات بخرق هدنة تم التوصل إليها بوساطة واشنطن وضعت حدا لأعنف مواجهة بينهما منذ العام 1999. وعاد الهدوء إلى بلدة بونش الهندية (شمال غرب) التي تضررت بشدة جراء القصف الباكستاني، وأعيد فتح سوقها. وقال سهيل أنجوم، بائع الفاكهة (15 عاما)، لوكالة فرانس برس: "أشعر بسعادة بالغة. آمل بأن نتمكن من العودة إلى العمل وبأن يستمر الهدوء". وعلى مدى أربعة أيام، تبادلت الدولتان الجارتان قصفا مدفعيا وهجمات بمسيّرات وصواريخ؛ الأمر الذي أثار مخاوف من تطوّر الوضع إلى حرب شاملة بين القوتين النوويتين، ودفع العديد من العواصم الأجنبية إلى الدعوة إلى ضبط النفس. بدأ التوتر في 22 أبريل عندما شهد الشطر الهندي من كشمير هجوما نفذه مسلّحون قتلوا خلاله 26 شخصا في موقع سياحي. واتّهمت الهند جماعة "عسكر طيبة"، المنظمة التي تتخذ من باكستان مقرا، بتنفيذ الهجوم؛ لكن إسلام آباد نفت أية علاقة لها به، ودعت إلى تحقيق مستقل. والأربعاء، نفذت الهند ضربات على العديد من المدن الباكستانية، مؤكدة أنّها دمّرت فيها "معسكرات إرهابية"؛ الأمر الذي أثار دوامة من الهجمات والهجمات المضادة. وحسب تقديرات جزئية صادرة عن البلدين ولا يمكن التحقق من صحتها، أسفرت المعارك، منذ الأربعاء، عن مقتل 60 مدنيا من الجانبين. ووسط غياب أية مؤشرات على تراجع الأعمال العدائية، أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مفاجأة بعد ظهر السبت بإعلانه التوصل إلى "وقف لإطلاق النار كامل وفوري" بين الهندوباكستان برعاية واشنطن. وسرعان ما أكد البلدان موافقتهما. "خيانة" لكن بعد ساعات قليلة فقط على صدور الإعلان، تبادلت الهندوباكستان الاتهامات بانتهاك الهدنة. وخلال الليل، هزّت سلسلة انفجارات عنيفة مدينة سريناغار الرئيسية في الشطر الهندي لكشمير، حيث أضاء وميض الدفاعات المضادة للطائرات سماءها، حسب مراسلي فرانس برس. وسارعت الهند لاتهام باكستان بارتكاب "انتهاكات متكررة" للاتفاق، مؤكدة أن قواتها المسلحة ردّت "بشكل مناسب". وعلى الجانب الآخر من الحدود، أفاد مسؤولون باكستانيون فرانس برس عن "إطلاق نار متقطع" في ثلاث نقاط على طول "خط السيطرة" الذي يقوم عمليا مقام الحدود بين البلدين في كشمير. وحمّلت إسلام آباد نيودلهي مسؤولية "انتهاك" الهدنة، وشددت على التزامها "تنفيذها بأمانة". وبدت آثار القذائف التي أطلقتها باكستان بعد وقف إطلاق النار جلية في قرى هندية عديدة، حسب ساكنها. وقال الجندي المتقاعد في كوتميرا ساتفير سينغ (31 عاما) "إنها خيانة"، ملقيا باللوم على حكومة ناريندرا مودي، رئيس الوزراء الهندي. وأضاف: "تخلينا عن حذرنا، وقصفتنا باكستان". ولم ترد بلاغات عن حوادث عسكرية جديدة من البلدين، بحلول منتصف يوم الأحد. مع ذلك، أفاد سلاح الجو الهندي، عبر منصة "إكس"، بأن "عملياته مستمرة" من دون تقديم تفاصيل إضافية. وضع "متوتر وصعب" وفجر الأحد، أشاد ترامب ب"القوة التي لا يمكن زعزعتها" لقادة الهندوباكستان وب"حكمتهم"، متعهدا زيادة التجارة مع البلدين "بشكل ملحوظ". وتحدّث سيد البيت الأبيض، السبت، عن مباحثات تهدف إلى "التوصل إلى حل في كشمير"، التي تتنازع الدولتان السيادة عليها منذ استقلالهما عام 1947. وقال ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، إنّ الدولتين اتفقتا على "بدء محادثات بشأن مجموعة واسعة من القضايا في مكان محايد". إلا أن مصدرا حكوميا في نيودلهي أفاد، السبت، بأنه لم يتم اتخاذ أي قرار بالتفاوض بشأن "أي مسألة أخرى" غير إنهاء العمليات العسكرية. وقوبل الإعلان عن وقف إطلاق النار بارتياح في مختلف عواصم العالم. و"رحّبت" لندن "بدرجة بالغة" بوقف إطلاق النار؛ بينما أشادت باريس بخيار البلدين "المسؤول". وأما أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة وإيران، فعبرا عن أملهما ب"سلام دائم". لكن عددا من الخبراء رأوا بأن مستوى التوتر بين البلدين ما زال مرتفعا؛ فيما يعد الوضع الميداني هشا. وحذّر برافين دونتي، المحلل لدى مجموعة الأزمات الدولية، من أن "أي تقدّم إيجابي في العلاقات الثنائية لم يتحقق منذ العام 2019". ولفت إلى أن الوضع سيبقى "متوترا وصعبا".