أكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، أن القوى التقدمية في مختلف أنحاء العالم تعيش مرحلة دقيقة تتقاطع فيها أزمات كبرى تمس مستقبل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، داعيًا إلى بلورة فعل جماعي يعيد الثقة في القيم التقدمية ومبادئ التضامن والمساواة. وأوضح لشكر، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، لمؤتمر حزبه، مساء اليوم، أن أولى التحديات التي تواجه هذه القوى تتجلى في أزمة المناخ والاستنزاف البيئي، الناتجة عن نموذج اقتصادي "جشع" يجعل الربح فوق الحياة والاستهلاك فوق الاستدامة، مما يهدد التوازن البيئي على كوكب الأرض. وأضاف أن الحريات الفردية والجماعية أصبحت بدورها مهددة في ظل هيمنة أنظمة تكنولوجية تعزز العزلة وتؤثر في وعي الأفراد وتوجّه سلوكهم خارج إرادتهم الحرة، مشيرًا إلى أن الإبداع الإنساني ذاته أصبح عرضة للقيود والرقابة غير المباشرة. وتحدث لشكر عن اتساع رقعة التشكيك في النموذج الديمقراطي القائم على دولة الحق والقانون ومبادئ الحرية والمساواة، في وقت تشهد فيه عدة مناطق صعود رؤى استبدادية تستغل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية لتبرير الحد من الحريات. وفي معرض حديثه عن السياق الدولي، توقف لشكر عند الوضع السياسي في تركيا، حيث أشاد بنضال حزب الشعب الجمهوري التركي الذي قال إنه يواجه "موجة قمع غير مسبوقة" من قبل حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، مضيفًا أن "محاولات كتم صوت المعارضة ووأد الأمل في التغيير لن تثني القوى الديمقراطية عن الدفاع عن العدالة وسيادة القانون". وجدد لشكر دعم حزبه الثابت لأعضاء الحزب التركي وقائده أوزغور أوزيل، مؤكداً أن "معركة الدفاع عن الديمقراطية هي مسؤولية جماعية تتطلب وحدة الصفوف في مواجهة كل محاولات تقويض المؤسسات وتقييد الحريات". ولفت إلى أن التحديات الراهنة تشمل أيضًا أزمات أخرى متشابكة مثل أزمة الأمن الغذائي الناجمة عن الحروب وسوء تدبير سلاسل التوريد، وتفاقم قضايا الهجرة ورفض الآخر، إلى جانب ما سماه "المعركة حول السيادة الرقمية والعدالة التكنولوجية وحق الإنسان في المعرفة والسيطرة على البيانات". وأشار لشكر إلى تصاعد تيارات اليمين المتطرف في أوربا والغرب، مبرزًا أن هذا الصعود يغذيه تراجع الثقة في المؤسسات الديمقراطية وتنامي خطابات الكراهية والتمييز، وهو ما انعكس سلبًا على قيم التعددية وحقوق الإنسان. وختم الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي بالتأكيد على أن المرحلة تتطلب إعادة بناء خطاب تقدمي بديل قادر على استعادة الثقة في العمل السياسي والمؤسساتي، مبرزًا أن الندوة الدولية التي ستنظمها لجنة العلاقات الخارجية صباح الغد، تشكل محطة لمناقشة هذه التحولات وصياغة مقترحات عملية لمواجهتها.