نشرة إنذارية.. أمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة بتطوان    مجلس المنافسة يحقق بشأن تلاعبات في سوق توريد سمك السردين    الأمثال العامية بتطوان... (586)    نقابي: الزيادة في الأجور لن تحسن القدرة الشرائية للطبقة العاملة والمستضعفة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل مخيف    استثمارات بقيمة تفوق 73 مليار درهم تعد بخلق 70 ألف منصب شغل جديد بجهة طنجة    محطات الوقود تخفض سعر الكازوال ب40 سنتيما وتبقي على ثمن البنزين مستقرا    الدوحة.. المنتدى العربي مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان يؤكد على ضرورة الالتزام باحترام سيادة الدول واستقلالها وضمان وحدتها    المهمة الجديدة للمدرب رمزي مع هولندا تحبس أنفاس لقجع والركراكي!    قراءات سياسية ترافق سيناريو فوز "الأحرار" بجل الانتخابات الجزئية    لأول مرة.. "أسترازينيكا" تعترف بآثار جانبية مميتة للقاح كورونا    هجرة/تغير مناخي.. رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يشيد بمستوى التعاون مع البرلمان المغربي    17 قتيلا و2894 جريحا حصيلة حوادث السير خلال الأسبوع الماضي    ليفاندوفسكي: "مسألة الرحيل عن برشلونة غير واردة"    الصناعة التقليدية تحقق 11 مليار درهم من العملة الصعبة.. وأوضاع الصناع تسائل عمور    من يراقب محلات بيع المأكولات بالجديدة حتى لا تتكرر فاجعة مراكش    بسبب نهضة بركان.. "الطاس" يصدم اتحاد العاصمة الجزائري    في عز التوتر.. المنتخب المغربي والجزائري وجها لوجه في تصفيات المونديال    بلينكن يؤكد أن الاتفاقات الأمنية مع السعودية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل شبه مكتملة    الجولة 23 من بطولة القسم الثاني : الكوديم يحافظ على الصدارة ولوصيكا يحتج التحكيم والصراع يشتعل في أسفل الترتيب    مساء اليوم في البرنامج الأدبي "مدارات" : المفكر المغربي طه عبد الرحمان.. بين روح الدين وفلسفة الاخلاق    ستة قتلى في هجوم على مسجد في هرات بأفغانستان    وزارة الاقتصاد: عدد المشتركين في الهاتف يناهز 56 مليون سنة 2023    توافد 3,3 مليون سائح على المغرب خلال الفصل الأول من 2024    دل بوسكي يشرف على الاتحاد الإسباني    توقيف نائب رئيس جماعة تطوان بمطار الرباط في ملف "المال مقابل التوظيف"    مورو يبحث في بكين عن جذب استثمارات صناعية لجهة طنجة    مساعد الذكاء الاصطناعي (كوبيلوت) يدعم 16 لغة جديدة منها العربية    تعبئة متواصلة وشراكة فاعلة لتعزيز تلقيح الأطفال بعمالة طنجة أصيلة    مقاييس الأمطار بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    لندن.. إصابة عدة أشخاص في هجوم بالسيف واعتقال مشتبه به    الدورة ال17 من المهرجان الدولي مسرح وثقافات تحتفي بالكوميديا الموسيقية من 15 إلى 25 ماي بالدار البيضاء    الملك محمد السادس يهنئ عاهل السويد    تم إنقاذهم فظروف مناخية خايبة بزاف.. البحرية الملكية قدمات المساعدة لأزيد من 80 حراك كانوا باغيين يمشيو لجزر الكناري    صفرو.. أنسبكتور استعمل سلاحو الوظيفي باش يوقف مشرمل جبد جنوية وهدد بها الناس    "الظاهرة" رونالدو باع الفريق ديالو الأم كروزيرو    الريال يخشى "الوحش الأسود" بايرن في ال"كلاسيكو الأوروبي"    "أفاذار".. قراءة في مسلسل أمازيغي    أفلام بنسعيدي تتلقى الإشادة في تطوان    صور تلسكوب "جيمس ويب" تقدم تفاصيل سديم رأس الحصان    أعداد الضحايا تواصل الارتفاع في غزة    استهداف المنتوج المغربي يدفع مصدرين إلى التهديد بمقاطعة الاتحاد الأوروبي    دراسة علمية: الوجبات المتوازنة تحافظ على الأدمغة البشرية    العثور على رفاة شخص بين أنقاض سوق المتلاشيات المحترق بإنزكان    التنسيق الوطني بقطاع الصحة يشل حركة المستشفيات ويتوعد الحكومة بانزال قوي بالرباط    فرنسا تعزز أمن مباني العبادة المسيحية    عرض فيلم "الصيف الجميل" للمخرجة الإيطالية لورا لوتشيتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    فيلم من "عبدول إلى ليلى" للمخرجة ليلى البياتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    "النهج" ينتقد نتائج الحوار الاجتماعي ويعتبر أن الزيادات الهزيلة في الأجور ستتبخر مع ارتفاع الأسعار    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    توقعات طقس اليوم الثلاثاء في المغرب    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطبيع: أعلى مراتب الوقاحة
نشر في هسبريس يوم 20 - 11 - 2009

يذهب صامويل هانتغتون في كتابه عن "أمريكا والآخر" إلى أنه في واقع العولمة يكثر عدد الأموات أو الأنفس المحتضرة ويتنامى هذا العدد بين النخب المثقفة والمفكرين ورجال الأعمال والخبراء والاكادميين ، فهم يمتلكون حسب تعبير والتر سكوت "الألقاب والنفوذ والثروة" وهم مع امتلاكهم لهذه المواصفات فهم في زمرة الأموات تناقصت روابطهم مع الأمة ومع قضاياها، وإذا عادوا من الترحال في البلاد الأجنبية، قلما يغمرهم شعور بالانتماء إلى "الوطن الأم". ""
الشعور بالانتماء عند هؤلاء هو تضييق للمجال النفسي والثقافي والإدراكي الذي يتصورون أنهم يعانقونه، في الوقت الذي ليسوا فيه سوى كائنات فارغة، إذ الكائنات العولمية والمثقفون العولميون ليسوا سوى بالونات وفقاعات ملونة لا داخل لها ولا مضمون لها، إنها مملوءة لكن بالخواء، لأن الذي يملأ الإنسان هو محتواه الثقافي والفكري والعقائدي والقيمي ، الذي يملأ الإنسان هو طبقاته التاريخية التي تصله بسلسلة الآخرين الذين نقلوا جيناتهم الثقافية والروحية والقيمية لجسمه وكيانه ووجوده الحاضر. فعلى قدر ما يشتد اتصاله بهم تشتد مناعته وعلى قدر ضعف اتصاله بهم وانقطاعه عنهم تعصف به الذاريات.
ولا يتوقف تأثير ضعف الاتصال في الخواء الذي تنتفخ به هذه الكائنات العولمية، ولكن الأمر أدهى إذ يطال التنكر للذاكرة الجماعية وللتاريخ القومي وللقيم المشتركة، فيمثل هؤلاء المثقفون قمة الخيانة العظمى لهذا الرصيد الذي اجتهدت عقول وسواعد على بنائه والحفاظ عليه لآلاف السنين.وليس من حق أي كان أن يتنازل عنه أو يفرط فيه لأنه ملك جماعي للأمة.
لقد بات تنظيم منتديات ومؤتمرات ولقاءات متوسطية بميزانيات خيالية نموذجا يجمع هؤلاء المثقفين الأجداث وهاته الكائنات الميتة التي تختفي وراء شعارات التعاون والتسامح والتعاون شمال جنوب والانفتاح الجيوستراتيجي وبرامج التنمية المستدامة وغيرها من العناوين البراقة، هذه اللقاءات هي مناسبات تطبيعية بامتياز وتفريطية في إرث الأمة بامتياز بالغ، لأن الغاية في نهايتها هي التطبيع الثقافي والاقتصادي والوجودي مع "إسرائيل" الغاصبة، ولا تحتل دولة في هذه الملتقيات ما تحتله الدولة العسكرية المحتلة الغاصبة من أهمية وتغطية إعلامية، كما أن نجاح هذه التظاهرات رهين بحضور دولة واحدة ووحيدة وسط هذه الجموع الكرنفالية ،هي "دولة إسرائيل". ومنظمو هذه اللقاءات واعون بالقضية وأهمية حضورها التطبيعي، ولهذا تجدهم يبررون ويسوغون ويدارون وينافقون ويتملقون، وفي الإعلام إذا ما ووجهوا بحملات تصعيد واتهام تجدهم يكذبون ويزورون.
ما ورد على لسان منظمي منتدى "ميدايز" وخصوصا نائب رئيس مؤسسة "أماديوس" لحلو المكي من أن دعوة رسمية وجهت لتسيبي ليفني زعيمة حزب كاديما يعبر عن وقاحة ما بعدها من وقاحة، ويؤكد المستوى الوضيع الذي انتهى إليه مشهدنا الثقافي والسياسي والحضاري في الجملة في تعاطيه مع قضايانا القومية التي هي جزء من قضايانا الوطنية،إذ كما لا يجوز في العقل ولا في الضمير الأخلاقي أن نقبل بطروحات أعداء وحدتنا الترابية أو نطبع معهم لا يجوز أن نقبل بمن كانوا وراء مجزرة غزة،أو لنقل محرقة غزة التي ذهب ضحيتها آلاف الأطفال والنساء والعجزة، تم إحراقهم بشتى أنواع الفوسفور والكيماوي والجرثومي، ومختلف الأسلحة المحظورة دوليا كما أثبت تقرير جولدستون الأخير.إن قضية فلسطين من قضايا المغاربة والعرب والمسلمين وكل الإنسانية التي تأبى الظلم وترفض استباحة الحرمات.
لقد كشف الخبراء الدوليون ومنهم الخبير والباحث البريطاني في الأسلحة النووية واليورانيوم "بيتر أير" أن "إسرائيل" استخدمت العديد من الأسلحة النووية بما فيها أسلحة اليورانيوم والقنابل القذرة وذلك لأول مرة في تاريخ الحرب على المنطقة.
وفي حديث له مع صحيفة "فلسطين تلجراف" اعتبر أير: أن "أبحاث الفحص المخبري لعينات أخذت من غزة تم التعامل معها في مختبر في ويلز، أظهرت في نتائجها أن "إسرائيل" استخدمت القنابل القذرة وهي أشد خطورة ونتائجها مدمرة على المدى البعيد بالإضافة إلى استخدام الفسفور الأبيض وأسلحة الدايم واليورانيوم وكلها مخالفة لاتفاقيات جنيف وللاتفاقيات الدولية.
إن منظمي منتدى ميدايز ومسؤولي معهد أماديوس الذي يرأسه إبراهيم الفاسي الفهري نجل وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي الطيب الفاسي الفهري بدون ذاكرة ، وأنى لهم الذاكرة وهم من الأنفس المحتضرة التي تحدث عنها هانتغتون، لم يدرسوا تاريخ المغرب ولا التاريخ العربي ولا الإسلامي ، لأنهم ببساطة درسوا بمدارس البعثات وجامعات أوربا وأمريكا فمن أين يعرفون تاريخ الآباء والأجداد بقيمه حتى يناضلوا عنه.
ومن أين لهم أن يعرفوا تاريخ فلسطين، بل ماذا تمثل لهم فلسطين والقدس ذاتها، إنهم كائنات فقدت كل حساسية لأنها ميتة".
فقدت كل حساسية حتى حساسية المكان وجماليته وقدسيته ، وتبلد الحساسية يستتبع تبلد الفكر فتتصور هذه الكائنات الشائهة أن غيرها يعاني من نفس العطب التقني بل النسقي في الذاكرة، فتخاطبه في غفلة عن ذاكرته الحية بأن تسيفي ليفني كانت دائما وأبدا معارضة لسياسة بنيامين نتينياهو؟؟؟
لم يبق إلا أن يقولوا بأن تسيفي ليفني قديسة من القديسات أو مدافعة راهبة عن حق المساكين من العرب في فلسطين؟؟؟
إن تسيفي ليفني إرهابية صهيونية بولندية من نسل إرهابي، فأبوها إيتان ليفني كان قائدا في منظمة إرهابية تدعى إيتسل الصهيونية المتطرفة التي نفذت عمليات ضد العرب والمسلمين قبل نكبة48، فتاريخها يؤكد أنها كانت عميلة في الموساد قبل أن تتقلد الحقائب الوزارية من عهد المسخ آرئيل شارون ، وأنها انخرطت منذ نعومة أظفارها في العمل السياسي في إطار حركة الشبيبة التابعة للتيار اليميني الصهيوني بيتار.
ومواقفها معروفة بشأن كل المطالب المشروعة للفلسطينيين..
عن أي معارضة تتحدث هذه الكائنات التافهة؟ وإلى متى ستظل تغالط الجمهور بهذه الترهات؟ إنه لا أحد ينسى أن تسيفي ليفني كانت واحدة من أهم أركان الحرب على غزة ومن مهندسيها؟ بل إن الوجه البشع لتسيفي ليفني كان حاضرا طوال الحرب على أطفال غزة؟ وفي إصرار وعناد وهمجية وحقد لا نظير لها ما تزال تسيفي تصرح في الصحافة العبرانية بان الفلسطينيين إرهابيون وقتلة ولا حق لهم في دولة مستقلة ولا حق لهم في العودة وأنهم وأنهم ...
لا ينبغي للحديث أن يأخذنا أكثر للغرق في الكلام عن ليفني، فإن غرضنا هو جماعة المطبعين التافهين السطحيين من بني جلدتنا.
إن الكائنات المطبعة كائنات بدون ذاكرة وتعادي الذاكرة، ولا أهمية للتاريخ عندها، لأنها تريد أن تعيش بدون تاريخ كما هي تعيش بدون جغرافيا وبدون قيم، والتطبيع عندها هو الوسيلة التي تمكنها من أن تعيش ولو منبطحة على بطونها، المهم أن تعيش...
وحرص المطبعين على العيش كيفما اتفق يزيد من معدلات وقاحتهم، لأن الاستمرار في العيش عندهم يساويه الاستمرار في التواقح.
ولما كانت الوقاحة صلابة في الوجه وقلة حياء حتى تصير إلى انعدامه، وهي صفة للعبيد لا للأحرار ، صفة لمن تدنى وأخلد إلى الأرض يطلب المنزلة والحظوة من أسياده من غير أهلية، ويبيع ما تبقى من إنسانيته بعرض من الدنيا زائل طائعا غير مكره.فقد جاوزت حدودها عند جماعة منتدى ميدايز ومن لف لفهم ودار في فلكهم من المتصهينين الملفعين بأثواب تخصصات أكاديمية وبحثية وتواصلية لا يجمعها إلا طلب المصالح ورضا الأسياد من المستشارين والخبراء الصهاينة المحترفين عندنا لصناعة الدجل الإعلامي وتزوير الحقائق.
لقد صارت الوقاحة بفعل انقلاب ميزان القيم في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، بل وفي المجتمع العالمي صفة مطلوبة للرئاسة والسيادة على الناس، لأن الحياء من طبيعته أن يمنع صاحبه من أن يفتري على الناس أو يستغفلهم أو يوقع الظلم بهم.
لقد تحدث جوليان بيندا JULIAN BINDAفي كتابه المثير للجدل "خيانة المثقفين" LA TRAHISON DES CLERCS عن أنماط من خيانات المثقفين ، واليوم هناك صنف من المثقفين المتواقحين العرب والمغاربة من تيار الليبراليين الجدد باتت الموضة عندهم هي ادعاء الانتماء للكوزموبوليتانية أو التيار العالمي الكوني وتحقير كل انتماء وتحيز ثقافي محلي، متناسين أن هذه الدعوى من الانتماء للعالمي ليست في الواقع إلا ارتماء رخيصا في أحضان تحيز الأسياد والمستعمرين، لأن من لم يتحيز لتراثه ولتاريخه وخصوصيته ونموذجه الإدراكي والجمالي في الحياة تحيز لتراث غيره ووقع أسيرا وفريسة ساذجة في تحيزات أعدائه بدعوى العالمية والكونية والموضوعية والإنسانية، وهي شعارات ليست في فراغها بأحسن من فراغ من أشرنا إليهم سلفا من الفقاعات الفارغة.
خطورة جماعات المطبعين فاقدي الذاكرة أنهم بإصرارهم على استدعاء مجرمين أمثال ليفني وتكريمهم ضدا على مشاعر المغاربة وضدا حتى على الخط العام للسياسة الرسمية للدولة التي ما فتئت تندد على الأقل بمخططات إسرائيل في توسيع المستوطنات، إنهم بفعلهم اللاإنساني يزيدون من معدلات استهداف المغرب بحملات الإرهاب المعولم، لأنه إذا كان لعبثهم هذا بالنار أي منطق فإنه سيكون للتطرف أيضا منطقه الذي نجا الله المغرب منه، فليكف هؤلاء العابثون عن عبثهم...وليكفوا أيضا عن تواقحهم..
*أكاديمي ومفكر مغربي
[email protected] mailto:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.