يُصادف الأول من ماي ذكرى احتفال الطبقة الشغيلة باليوم العالمي للشغل,والذي كان الأصل فيه إضراب العمال في الولاياتالمتحدةالأمريكية للضغط على أرباب العمل والحكومة ومطالبتهم بتخفيض ساعات العمل إلى ثماني ساعات فقط, فإذن لهذا اليوم تاريخ وليس مجرد احتفال فقد راح ضحية أحداث النضال هذه العشرات من العمال,ليصبح هذا اليوم مناسبة عيد لجميع عمال العالم يجددون فيه الولاء والتقدير لمن ناضلوا من أجلهم لنبقى على ما حققوه إلى يومنا هذا. ففي هذا اليوم تخرج الاتحادات الوطنية للشغل والنقابات وهيئات مدنية للدفاع عن مطالب العمال والإنسان بصفة عامة, مسيرات احتجاجية تكون فرصة للمطالبة أيضا لتجديد ملفات قديمة طال نسيانها وللتذكير بأخرى, هتافات وشعارات منها ماهو في صلب الموضوع ومنها ماهو خارج عن المألوف,ومنها ما يتجاوز أرض الوطن ليصل إلى قضايا عربية أخرى كالقضية الفلسطينية وغيرها...؟ وتظهر إضرابات "فئوية" و" تنسيقيات" لا تخدم إلا نفسها ,لاعلاقة لها بالمصالح العامة التي من خلالها وُجد هذا اليوم " الكل يغني على ليلاه". وكنتيجة طبيعية لهذا الزخم وهذه الفوضى تختلف المطالب واللغة الواحدة,فينهار الجسد الواحد,وتنكسر أحلام العامل البسيط الذي يبقى دائما هو الضحية,وتنتقل المصلحة إلى المتحكمين في دواليب القرار,وفي ذلك خسارة كبرى للشغيلة,منها تشتت الاتحاد العام للشغالين وتشعب المطالب,وتحول الإهتمام مما هو أساسي إلى خلق صراعات جانبية بين مختلف الهيئات. وبعيدا عن هؤلاء هناك من يُفضل أن يستغل المناسبة للخروج إلى الطبيعة بصحبة الأهل والأحباب للتمتع بالهواء النقي والاسترخاء مع الذات قليلا. فإذن يبقى الحال على ماهو عليه,وكل عام وأنتم بخير,وتحية إلى العامل البسيط الذي يجد نفسه كل عام في دوّامة من الكلام المنمّق الذي لا يرقى إلى الواقع ويظل أسير منابر الإعلام, والمكاتب المكيّفة,البعيدة عن الشمس الحارقة في الصيف, وبرودة الجو في الشتاء. تحية إلى ذلك العامل الذي يتجاوز ثماني ساعات من العمل في اليوم دون أن ينطق بحرف ,لا لشيء سوى خوفا على نفسه من التشرد. تحية إلى العامل الذي وجد نفسه بين المحاكم في انتظار حكم فرج وتعويض سنوات من العمل راحت معها قوّته وحياته وشبابه. تحية إلى العامل الأب المكافح الذي ظل صامدا أمام الذئاب,يقاوم رياح الزمن من أجل لقمة عيش لأسرته. تحية إلى زوجة العامل التي وقفت معه وساندته في السرّاء والضرّاء من أجل تربية أبناء صالحين لهذا الوطن,رغم الصعاب وقلة ذات اليد. تحية إلى العامل الذي ضُرب عرض الحائط بسنوات من عمله وكفاحه. تحية إلى كل عامل مازال واقفا على رجليه, وقرّر أنه لن يركع للذل والهوان, مهما كثر نعيق الغربان....يقول : قد أسقط لكنني لن أنحني لغير خالقي مهما كانت الظروف...؟ لن أنهار مادمتُ أرى لن أهرب مادمتُ أتكلم لن أكون سلبي مادمتُ موجود.