حقق مرشح المعارضة الغابونية خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت أمس السبت نصرا مؤقتا؛ إذ حصل مرشحها جان بينغ على الفوز في أغلب مكاتب التصويت في مدينة port gentil، في جو يطبعه السخط العارم على الرئيس المنتهية ولايته. وشهدت، أمس السبت، جمهورية الغابون تنظيم ثاني انتخابات رئاسية في البلاد بعد وفاة الرئيس عمو بونغو اونديمبا الذي حكم لفترة طويلة. وكان علي بونغو اونديمبا، 57 سنة، نجل الرئيس الراحل، لم يجد صعوبة تذكر في خلافة والده في انتخابات 2009، لكن إمكانية نجاحه في انتزاع ولاية ثانية من سبع سنوات تشكل تحديا حقيقيا بالنظر لقوة منافسه المعارض Jean ping، من أب صيني وأم غابونية. وبالرغم من أن هذه الانتخابات تعرف مشاركة عشرة مرشحين بعد انسحاب المرشح الحادي عشر في آخر أيام الحملة الانتخابية، فإن المنافسة ستنحصر بين الرئيس المنتهية ولايته من جهة، ومرشح المعارضة القوي Jean ping الذي نجح في إقناع اثنين من أبرز زعماء المعارضة الغابونية في التخلي عن السباق لصالحه. وتعرف هذه الانتخابات، التي تجري في دورة واحدة، بحسب الدكتور محمد الهاشمي، وهو أحد الملاحظين ضمن البعثة الدولية لملاحظة الانتخابات، مشاركة حوالي 628 ألف ناخب يتوزعون على تسع ولايات على امتداد التراب الغابوني. وعن الوضع الاقتصادي للبلاد خلال هذه الانتخابات، أفاد الهاشمي، في اتصال مع هسبريس من ليبروفيل، بأن هذه الانتخابات "تجري في ظل وضع اقتصادي كارثي تعرفه البلاد التي يحكمها آل بونغو منذ حوالي نصف قرن؛ إذ رغم الثروات الطبيعية الكبيرة التي تزخر بها مقارنة مع عدد السكان الذي يقل عن مليوني نسمة حسب آخر إحصاء للسكان، فإن البنيات التحتية تبقى ضعيفة جدا إلى منعدمة في أغلب مدن وقرى البلاد". فباستثناء العاصمة ليبروفيل، يضيف الهاشمي، فإن "أغلب المدن الأخرى تنعدم فيها أبسط التجهيزات والبنى التحتية الأساسية من طرق ومستشفيات ومرافق اجتماعية وغيرها على غرار مدينة port gentil التي زرتها رفقة زميلين من كندا وزميلة من فرنسا. فعلى الرغم من كونها ثاني أكبر مدينة في البلاد وعاصمتها الاقتصادية التي تحتضن 50% من ثروات البلاد، بحسب ما صرح لنا به والي المدينة، فإن أغلب طرقها غير معبدة وتعرف خصاصا مهولا في الماء الصالح للشرب والصرف الصحي، كما أنها لا تتوفر على جامعة أو معهد للتعليم العالي". وعن الأجواء التي مرت فيها الانتخابات، أمس السبت، قال محمد الهاشمي، عضو البعثة الدولية لملاحظة الانتخابات أستاذ العلوم السياسية: "حسب ما تمكنا من معاينته كأعضاء للبعثة الدولية لملاحظة الانتخابات، فإن هذه الأخيرة مرت في أجواء سلمية عموما، ويمكن القول كذلك إنها تستوفي شروط النزاهة والحريّة بشكل عام رغم تسجيل بعض الخروقات المتفرقة ورغم تذمر العديد من الناخبين من عدم تمكنهم من الإدلاء بأصواتهم بسبب عدم توفرهم على بطاقة الهوية، وذلك رغم إدلائهم بالوصل المسلم من طرف وزارة الداخلية في انتظار تسلمهم البطاقة الرسمية التي يتطلب الحصول عليها انتظار عدة أشهر، بل سنوات أحيانا، حسب ما أورده لنا أحد الناخبين". ووفق المعطيات المتوفرة انطلاقا من مكاتب التصويت التي تمكنت البعثة الدولية من تغطيتها، فإن أغلب هذه المكاتب شهدت إقبالا متوسطا إلى كثيف نوعا ما للناخبين الغابونيين، وتجاوزت نسبة المشاركة في بعضها 50٪؛ حيث "عرفت كل مكاتب التصويت التي حضرنا عملية الفرز فيها اكتساحا كبيرا لمرشح المعارضة Jean ping الذي دعا في حملته الانتخابية الغابونيين إلى المشاركة لتحقيق ما اسماه أول تناوب بعد استقلال البلاد". وشهدت الغابون منذ استقلالها سنة 1960هيمنة عائلة بونغو على السلطة لنصف قرن تقريبا؛ حيث لم يتداول على حكمها سوى ثلاثة رؤساء، اثنان منهم من عائلة بونغو. وعن إمكانية حصول المعارضة عن أول انتصار انتخابي وانتزاع الحكم من عائلة بونغو بعد فترة طويلة من حكمها البلاد، اعتبر محمد الهاشمي، في اتصال مع هسبريس، أن المعارضة حققت نصرا إلى حدود اللحظة من خلال النتائج التي عرفتها مكاتب الاقتراع التي عاينتها بعثة الملاحظين الدوليين للانتخابات، غير أن تعميم هذه النتائج يبقى منوطا بتجميع كل النتائج بواسطة اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة الدائمة على المستوى المركزي في العاصمة ليبروفيل، وإعلانها بشكل رسمي من طرف وزير الداخلية في ندوة صحافية يعقدها، على الأرجح، يوم الثلاثاء أو الأربعاء.