- عثمان سيمبين أبو السينما الإفريقية،... - مناهضة الاستعمار، والصراع العربي الإسرائيلي، والعودة إلى أصول الثقافة الإفريقية ... يتضح، عند البحث في مجال التيمة أو التيمات التي ظلت مثار اهتمام السينما والسينيفيليين الأفارقة، الأنكلوفونيين Anglophones، أنه ربما تم إغفال عدد من المواهب والطاقات داخل إفريقيا السوداء، بسبب الظرف التاريخي الذي ظلت تعاني منه هذه البلدان الجنوب إفريقية، أي الفترة الاستعمارية التي امتدت لزمن غير قليل، واستنزفت طاقات بلدان القارة الإفريقية، الشيء الذي يحيلنا على النصف الشمالي من القارة السمراء، أي البلدان المغاربية وأفريقيا السوداء الفرانكوفونية Francophone ... انطلاقا من العمق الثقافي يمكننا المقاربة بين هذين الجزءين من لإفريقيا، أي البلدان المغاربية وإفريقيا السوداء، الذين عرفا أزمات وإكراهات مست هويتهما، إن لم تكن بشكل متطابق فهي متشابهة. 1- المقاومة ضد شراسة الاستعمار لم تتخلص إفريقيا الجنوبية من الاستعمار التقليدي، باعتبار أن الهيمنة الإمبريالية سعت دائما لتثبيت وجودها بإفريقيا السوداء. من هنا لابد من ملاحظة أن جل الأفلام التي تم إنتاجها ضد بريتوريا، وساليسبوري، وليزبون(Prétoria, Salisbury et Lisbonne)، وهي أعمال سينمائيين غير أفارقة، هذا في الوقت الذي كان أجدى دعم الجهد الإفريقي للتعبير عن واقعه ونقل قضايا مجتمعاته، وقد أورد الشاعر النيجيري إتال تشينوايز(Chinweizu)، في كتابه "نحو تفكيك الكولونيالية في الأدب الأفريقي"( Toward the Decolonization of African Literature)، أنه من بين خصوصيات الأدب الأفريقي، كونه نابع من هذا المجتمع، ويتوجه بالخطاب للأفارقة، حيث ينقل الأزمات والمعاناة التي تهم الإنسان الإفريقي، عن طريق المادة المكتوبة أو المادة المصورة المعروضة عبر شاشات السينما، مرتكزة على الفضاءات المحلية للتصوير والتي تزخر بها القارة الإفريقية، واستثمار تاريخها وتراثها وثقافتها، والتركيز بشكل خاص على اللغة الإفريقية بعيدا عن لغة المستعمر، فكلما كانت اللغة الأم حاضرة في العمل السينما، او غيره من الأعمال الفنية والأدبية، إلا وكان الخطاب ساميا في معانيه، موفقا في بلوغ أهدافه. ونعتقد أن إفريقيا غنية بثقافة تغنيها عن سواها. تأخذ السينما الإفريقية على عاتقها اختيار موضوعاتها من تيمتين أساسيتين، الاستعمار والميز العنصري، فكانت محاولات المخرجين السينمائيين متوجة نحو البحث في هاتين التيمتين بشكل كبير، لدرجة إغفال ما عداهما من قضايا، ولهم في ذلك مبرر الحفاظ على الهوية الإفريقية مقابل الهوية الأوروبية التي عمل المستعمر جاهدا على زرعها بين مجتمعات هذه القارة. من هنا نستشهد بجربة أحد رواد السينما الإفريقية، الروائي والمخرج السينغالي عثمان سيمبين (Ousmane Sembène, 1923-2007)، يعتبره العديد من النقاد "أبو السينما" الإفريقية، وهو صاحب المقولة الشهيرة: "الفن السابع الأفريقي مدرسة مسائية لمحو الأمية السياسية والاجتماعية". لم تكن حياته هينة، حيث انقطع عن الدراسة في سن مبكرة، واشتغل بدانب والده في صيد السمك، قبل أن ينتقل إلى العاصمة دكار ... وكان صاخب قضية، متفاعلا مع معاناة شعبه ... عصامي التكوين السينمائي .. أنتج عددا من الأفلام: L'Empire Sonhrai (1963) Borom Sarret (1963) Niaye (1964) La noire de... (1966) Mandabi (1968) Taaw (1970) Emitai (1971) Xala (1974) Ceddo (1976) Camp de Thiaroye (1989) Guelwaar (1992) L'heroisme au quotidien (1999) Faat Kine (2000) Moolaade (2004) ويعود الفضل ل "عثمان سامبين" في لفت الانتباه للسينما الإفريقية، وتسليط الضوء على العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية، حيث ناتلت اعملاه عددا من الجوائز العالمية. من هنا يمكن القول، إن من بين أسباب نجاح السينما الإفريقية، اعتمادها على موضوعات تهم الإنسان الإفريقي من خلال ثقافته، الشيء الذي أعطى دفعة قوية للسينما الإفريقية بخصوصياتها، حيث اقبل صناع السينما على بلورة الجهد الفني وفق هذا التوجه، منها فيلم مونانكامبي ل سارة مالدورو (Sara Maldoro : Monangambeee)، وفيلم "بنادق لأجل بانتا" (Des fusils pour Banta)، وهي تيمة شغلت السينمائيين الأفارقة الذين عمدوا إلى تصوير مرحلة الاستعمار لبلادهم، والوقوف عند أشكال المعاناة اليومية، ثم استمرار هذه المعاناة رغم الرحيل العسكري للاستعمار لأن التبعية ظلت قائمة، فجاءت تيمات السينما الإفريقية مرتبطة بقضية، ومنها انعدام العدالة الاجتماعية. وهناك من النقاد، أمثال، مانديا دياوارا، الذي حدد تيمات السينما الإفريقية في المقاومة والتراث الثقافي الأصلي للمجتمعات الإفريقية، ثم الواقع المجتمعي المعيش. ثم نذكر المخرج الموريتاني محمد هوندو Med HONDO، الذي شجب، هو أيضا، نظام الأبرتايد من خلال فيلم "عالم بالجانب" (Un monde à coté)، أما بالنسبة للجنوب إفريقي الأسود، "ليونيل نكاكان" Lionel N'Gakane، مخرج فيلم قصير بعنوان "فوكاني أواك" (Vukani awake)، فتوجه نحو تيمة الصراع العربي الإسرائيلي، وسار في هذا المنحى المخرج الجزائري سليم رياض الذي أنجز فيلم "رحلة لعقيد إسرائلي" 1972(Safari pour un colonel Israélien)، إضافة إلى أفلام أخرى اشتغلت على نفس التيمة. 2- السينما ومناهضة الاستعمار استعان الاستعمار البريطاني نفسه بالسينما ل"توعية" هذه المجتمعات، بخلفية احتوائها ثقافيا، وتزكية الاستعمار وإضفاء نوع من الشرعية على تواجده بهذه البلاد، مثل فيلم "فجر أودي" (Daybreak at Udi, 1949) للمخرج البريطاني "تيري بيشوب"( Terry Bishop,1912-1981)، والحائز على جائزة الأوسكار أفضل فيلم وثائقي سنة 1950. ثم تلتها تيمات أخرى تتمحور حول إنهاء الاستعمار، من خلال عرض بعض الأفلام القصيرة جزائرية، منها فيلم "جزائرنا" و"ياسمينة"، خلال حرب التحرير، حيث تابها عدد كبير من المشاهدين، ونالت اهتمام السينمائيين من مختلف بلدان العالم بعد الاستقلال، حيث تراوحت عملية التصوير بين ثم تلتها تيمات أخرى تتمحور حول إنهاء الاستعمار، من خلال عرض بعض الأفلام القصيرة جزائرية، منها فيلم "جزائرنا" و"ياسمينة"، خلال حرب التحرير، حيث تابعها عدد كبير من المشاهدين، ونالت اهتمام السينمائيين من مختلف بلدان العالم بعد الاستقلال، حيث تراوحت عملية تصويرها بين عملية الاستحواذ أو الهيمنة بالقوة.(يتبع) الهوامش: - تم اعتماد الكتاب أدناه لإثبات العديد من المعطيات تخص أسماء المخرجين والأفلام ...:Guy Hennebelle, Les cinémas Africains en 1972, société Africaine d'Edition, Dakar, n°20, imp, Abexpress, 1er trimestre, Paris, 1972 .