7 سنوات مضت على خطاب 9 مارس الذي قدّم فيه الملك محمد السادس وصفة سياسية لتجاوز حالة الانسداد التي وصلت إليها المملكة، في ظل الارتدادات التي خلّفها آنذاك "الربيع العربي" وميلاد حركة 20 فبراير، وكان لزاما تقديم مشروع مجتمعي لتغيير ملامح المملكة، خاصة في الجانب المتعلق بالحريات والحقوق، الذي استمدّ مرجعتيه من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. ويثير واقع الحقوق والحريات في المغرب، اليوم، تساؤلات كثيرة حول ما تحقق ولم يتحقق بعد إقرار دستور 2011، إذ يرى العديد من المراقبين أن هناك جوانب إيجابية طبعت مرحلة ما بعد "خطاب 9 مارس" وأسهمت في تحريك مياه كثيرة من تحت جسر واقع الحريات في المغرب، مع تسجيل بعض التراجعات، لا سيما على مستوى منسوب الثقة بين الدولة والجسم الحقوقي خاصة بعد أحداث الحسيمة وزاكورة وجرادة. محمد الزهاري، الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، قال، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "دستور 2011، الذي عرضه الملك على الشعب، تضمن العديد من المقتضيات التي تخدم قضايا حقوق الإنسان"، مشيرا إلى أنه "تمت دسترة عدد مهم من الحقوق التي طالبت بها هيئة الإنصاف والمصالحة؛ منها سعي الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين النساء والرجال، وإحداث هيئة لهذه الغاية، ومكافحة كل أشكال التمييز، وتجريم المعاملات اللاإنسانية القاسية". وعن ما تحقق للمغاربة بعد مرور 7 سنوات على خطاب 9 مارس، لفت الحقوقي ذاته الانتباه إلى أن "انضمام المملكة إلى مجموعة من المعاهدات الدولية من شأنها تعزيز المسار الحقوقي بالمغرب، وتحفيز الدولة المغربية لمضاعفة جهودها في هذا المجال بسبب ما سيترتب عن هذا الانضمام من مسؤوليات اتجاه آليات المعاهدات والمساطر الأممية الخاصة، إذ صادق المغرب على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري؛ وكذا البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب". الزهاري شدد على أن "الدولة المغربية ستكون مساءلة من لدن المجتمع الدولي في حالة الإخلال بتعهداتها التي التزمت بها وهي تصادق سابقا على العديد من الصكوك والاتفاقيات في هذا المجال". وأشار إلى أن "الحركة الحقوقية ما زالت تسجل توظيف القضاء في تصفية الحسابات مع مجموعة من الذين يخالفون السلطة السياسية في توجهاتها وأفكارها وسياساتها العمومية"، وفق تعبيره. خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الانسان، أكدت في تصريح لهسبريس أنه ''تم التخلي، طوال السبع سنوات الماضية، عن الالتزامات الدستورية التي تخص المسألة الحقوقية وتم تهميشها. ويظهر هذا التخلي من خلال منع الجمعيات والاعتقالات والمحاكمات المستمرة"، مشيرة بالقول: "ابتعدنا كل البعد عن الروح التي طبعت خطاب 9 مارس؛ لأننا لم نقف عند السؤال الحقيقي المتعلق بفصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة'". وأردفت الفاعلة الحقوقية، الحائزة على الجائزة الأممية لحقوق الإنسان سنة 2013، أن "الوضع الحقوقي الحالي لا يبشر بالخير، والحل الوحيد لتجاوز هذه الحالة هو العودة إلى الضغط وتجاوز حالة الشتات التي تعرفها التعبيرات الحقوقية في المملكة". وفي الاتجاه نفسه، سارت الحقوقية لطيفة البوحسيني بالقول إن "دستور 2011 شكل خطوة متقدمة في الجوانب المتعلقة بحقوق الإنسان مقارنة مع دستور 1996، إذ خطا المغرب خطوة متقدمة نحو الانفتاح الديمقراطي"؛ غير أنه تم تسجيل بعض النكوص، خصوصا على مستوى المناخ السياسي العام"، وفق تعبيرها. ففي مجال حرية الصحافة، سجلت اليسارية ذاتها أن "الدولة تتجه إلى فرض أساليب ملتوية للتضييق على الحريات وتكميم أفواه الحقوقيين المزعجين"، وأثارت محاكمة الصحافي توفيق بوعشرين، معتبرة أن "اقتياده بتلك الطريقة إلى مقر الشرطة القضائية يثير تساؤلات كثيرة، وفيها رسائل واضحة؛ وهي أن الاعتقال ينتظر كل من حاول انتقاد بعض الأمور، بتعبيرها. البوحسيني توقفت في تصريحها عند حق التظاهر والتجمع، موردة: "بدوره عرف تراجعات وفق ما عشناه مع حراك الريف لمدة 6 أشهر، حيث خرجت ساكنة الحسيمة بشكل سلمي تطالب بعدد من الحقوق التي تمس الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، ولم تنتبه الدولة إلى مطالبهم ووجودهم حتى قضي الأمر". *صحافي متدرب