احتضنت ثانوية ابن الهيثم التأهيلية بإمنتانوت، يوم السبت، ندوة تربوية حول "العنف المدرسي.. رؤية بزوايا متعددة"، من أجل مقاربة ظاهرة العنف المدرسي من مختلف وجهات النظر، بما هي ظاهرة نفسية وتربوية وإعلامية وحقوقية وأمنية، تستدعي مدارسة عميقة وتحليلا رصينا للبحث عن مدخلات ومخرجات الظاهرة، وموقعة للفضاء المدرسي ضمن الانشغالات البحثية الحادثة، وأفقا للدمقرطة المجتمعية. الندوة، التي نظمها مركز عناية بشراكة مع ثانوية ابن الهيثم بإيمنتانوت والنيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بشيشاوة، استهلها الإعلامي والشاعر مصطفى غلمان، رئيس مركز عناية للتنمية والأعمال الاجتماعية، بتسليط الضوء على محور الإعلام والعنف، محاولا توضيب الصورة الميديائية لفهم تجليات العنف المجتمعي، متقفيا أثر مجموعة من الحالات وتفكيكها من أجل جعل الإعلام شريكا في امتصاص العنف. وأشار غلمان، في مداخلته التي عنونها ب"الإعلام شريكا في بيداغوجيا محاربة العنف المدرسي"، إلى الفروق السوسيولوجية التي أضحى الإعلام يجسدها على مستويات عدة؛ منها ما هو أفقي يؤثر بشكل مباشر في تحليل مظاهر العنف المستفحل في المحيط المدرسي على وجه الخصوص، ومنها ما هو عمودي يستثير الفراغ النفساني والاجتماعي والتربوي للتلاميذ. وأكد مصطفى غلمان على أهمية تضافر الجهود من أجل تفكيك الظاهرية العنفية في المدرسة المغربية، بدءا بتوافر إمكانات تعلمية إعلامية تسهم في زحزحة قيود التعاطي مع الظاهرية وإضاءة الجوانب السيكولوجية في بنى الأسرة والمدرسة. ومن جهتها، عرجت مريم زينون، أخصائية نفسية ومستشارة تربوية، على المقاربة النفسية والتحليل الإكلينيكي للمُعنَّف والمُعنِّف، ومدى نجاعة الجلسات النفسية وحصص الاستماع والتشخيص المبكر للحالات في معالجة الظاهرة، معتبِرَة وجود قطائع تربوية على مستوى التواصل النفسي والسيكولوجي حاجزا للالتقاء بين المدرسين والتلاميذ. وبعد أن طالبت زينون بتخصيص دورات في التدريب على تكريس هدفية التواصل وارتباطاته بالتحصيل والكفاءة، أشارت إلى ضرورة "تأسيس علاقة صداقة في المؤسسات التعليمية تروم دمج المشاعر والخصوصيات الدقيقة في العلاقة البينية، مؤسسة رؤيتها العلمية على نجاعة الالتقاء الإنساني بالحياة التعليمية التعلمية". وتناول جمال الحنصالي، بصفته باحث في علوم التربية، تحليل أدبيات علوم التربية، وطريقة معالجتها لظاهرة العنف المدرسي، مرافعا خطابيته التربوية على منهاج الإصغاء واستعادة العلاقة الطبيعية بين المدرس والتلميذ، مشيرا إلى أن "علوم التربية تمتاح من مرجعيات أنساق العلوم الإنسانية في تأصيلها لوحدة النص التربوي والسلوكي المؤسس على الإيجابية التدافعية وزخم الإحساس بالآخر"، مطالبا الأسرة بإعادة الاعتبار لحجم تفاعلها مع التربية كمنظومة وكفعل تربوي. أما مولاي عبد الحكيم الزاوي، الباحث في علوم الاجتماع، فقد تناول في مداخلته موضوع العنف من وجهة نظر علم الاجتماع، من خلال تفكيك لعبة الاختيارات التربوية الكبرى المنتجة العنف المدرسي. وعرّج الأستاذ والباحث فيصل كرمات نحو الجانب الحقوقي والمناولة القانونية لخيوط وأطراف الظاهرة عبر سراديب الفصول القانونية. وحاول لحسن بن حدا، رئيس الدائرة الأمنية المكلف بالأمن المدرسي، استعراض المقاربة الأمنية ومنظور الضابطة القضائية في معالجة العنف المدرسي. تجدر الإشارة إلى أن اللقاء عرف توقيع عقد شراكة وتعاون بين مركز عناية ومؤسسة ثانوية ابن الهيثم، وقعها عن الجانب الأول الإعلامي والباحث الدكتور مصطفى غلمان وعن الجانب الثاني الأستاذ والباحث رشيد موافق، اتفقا من خلالها على تنظيم لقاءات ودورات تدريبية وورشات في علوم التربية وبيداغوجيا التواصل والتأهيل التربوي.