حاجيات البنوك من السيولة بلغت 114 مليار درهم خلال يونيو (بنك المغرب)    بورصة البيضاء تنهي جلسة الجمعة بارتفاع    الحبس ستة أشهر لموقوف رفض مشاهدة نشاط الرئيس التونسي    "اللبؤات" يتطلعن إلى الصدارة أمام السنغال .. وفيلدا يحذر من الأخطاء الدفاعية    مسيرة أيت بوكماز صرخة للإنصاف والعدالة الترابية.    اختتام المخيم الحقوقي لأطفال العالم القروي في دورته الرابعة    فن "لوناسة" يلتئم في مهرجان له بسيدي دحمان التثمين والمحافظة على احد أهم الفنون الإيقاعية المغربية الأصيلة    الدار البيضاء: حجز 6000 قرص مخدر وتوقيف شخص وابنه القاصر    قافلة طبية خاصة بالطب الإشعاعي تقديم خدماتها بالمستشفى الاقليمي بالحسيمة    وزير الداخلية الإسباني يُشيد بالتنسيق المثالي مع المغرب في عملية مرحبا 2025    اجتماع بأكادير لتسريع استعدادات كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030    الدولي المغربي إلياس شعيرة يوقع لريال أوفييدو حتى سنة 2028        4.81 مليار درهم قيمة منتجات الصيد الساحلي في النصف الأول من 2025    الإعلان رسميا عن إطلاق طلب عروض لمنح تراخيص شبكات الجيل الخامس (5G)    سقوط نحو 800 شهيد في غزة أثناء انتظار المساعدات منذ أواخر ماي الماضي وفقا للأمم المتحدة    الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى تعلن تأسيس شبكة وطنية لتعزيز التعاون بين الهيئات والجمعيات المهنية    محكمة طنجة تصدر حكمها في قضية "هتك عرض" فتاة قاصر    أثنار: شيراك طلب مني تسليم سبتة ومليلية إلى المغرب خلال أزمة جزيرة ليلى    الرباط الصليبي يبعد لبحيري عن الميادين    الجزائر ضمن "لائحة أوروبية سوداء"    "عقوبات محتملة" ترفع أسعار النفط    بإجماع أعضائها.. لجنة التعليم بالبرلمان تصادق على مشروع قانون "مؤسسة المغرب 2030"    الجزائر على قائمة الاتحاد الأوروبي السوداء للدول عالية المخاطر في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب    بعد رحيله.. مودريتش: سأظل دائما أنتمي لريال مدريد    يوعابد ل"برلمان.كوم": المغرب مقبل على موجة حر تصاعدية وانخفاض نسبي في الحرارة نهاية الأسبوع    أسرة ضحية قاصر ترفض حكما "مخففا"    مصدر ينفي حسم استضافة نهائي مونديال 2030 في سانتياغو برنابيو    شيرين تتجاوز أزمة موازين ب "حدوتة"    زلزال الحوز: القيمة الإجمالية للدعم والمساعدة تجاوزت 6.6 مليار درهم.. وأكثر من 46 ألف أسرة استكملت بناء منازلها    الدار البيضاء.. السكوري يدعو إلى إصلاح مدونة الشغل بما يتلاءم مع التحولات المجتمعية والاقتصادية    كلمة السر في فهم دورة العمران و عدوى التنمية بشرق أسيا..    باحثون بريطانيون يطورون دواء يؤخر الإصابة بداء السكري من النوع الأول    اتفاقية شراكة بين العيون وأكادير لتعزيز ثقافة الصورة وتثمين القيم الوطنية بمناسبة الذكرى ال50 للمسيرة الخضراء        الدار البيضاء تحتضن أول لقاء دولي مخصص لفنون الطباعة المعاصرة الناشئة    بنعبد الله: "مسيرة آيت بوكماز تجسد تعبيرا حيا عن تدهور المستوى المعيشي لفئات اجتماعية واسعة"    تحذير رسمي لمؤسسة إسلامية في بريطانيا بسبب مقطع يدعم حماس    ممرضو طاطا يحتجون ضد التهميش والإهمال الإداري    تقرير للأمم المتحدة يظهر عدم وجود "علاقات نشطة" بين الدولة السورية وتنظيم القاعدة    فتح الله ولعلو في حوار مع صحيفة "الشعب اليومية" الصينية: المغرب والصين يبنيان جسرًا للتنمية المشتركة    تصنيف فيفا.. المنتخب المغربي يحافظ على مركزه ال12 عالميا والأول إفريقيا    فضيحة تهز أركان حزب الأحرار بطنجة    نوستالجيا مغربية تعيد الروح إلى شالة في موسم جديد من الاحتفاء بالذاكرة    في ضيافة أكاديمية المملكة .. مانزاري تقرأ الأدب بالتحليل النفسي والترجمة    الإنسانية تُدفن تحت ركام غزة .. 82 شهيدًا خلال 24 ساعة    توزيع جوائز الدورة الرابعة للسباق الدولي للزوارق الشراعية بشاطئ الدالية    عدد المستفيدين من برنامج دعم السكن بلغ 55 ألفا و512    الحكومة تصادق على مشروع قانون لحماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها    السجال السياسي‮ ‬بين‮ ‬«يوتيوب» وخامنئي!‮‬ 2    الحكومة تصادق على قانون لحماية الحيوانات الضالة ومواجهة أخطارها    دراسة ترصد أمراض البشر منذ 37 ألف عام وأقدم طاعون في التاريخ    دراسة كندية: التمارين المائية تخفف آلام الظهر المزمنة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدريس المسناوي والكتابة بالدارجة المغربية: قالْ لي راسي ما قُلتْ لْحَدْ
نشر في هسبريس يوم 02 - 05 - 2018

" اللي قال لكتابة باردة يعمل فيها يديه بجوج. لكتابة مسخوطة مفلسة، يكذب عيك الكذاب ويقول لك لكتبة عودة مسلسلة. لقلال ولقلال هما اللي تايعتروا لها على سر الحكمة "
إدريس المسناوي، أسئلة السفر أو سفر الأسئلة، مجلد خاص، 1999، ص: 71.
لغة الكتابة. لغة القراءة. التواصل. البوح وأشياء أخرى. علاقات من الذات إلى الذات، من الأنا إلى الأنا أولا، ومن الأنا إلى الآخر بعد ذلك. يتوجه الكاتب والشاعر بخطابه، بشعره للآخر بعد توجهه لذاته بوسيلة أساسية هي اللغة، وبيد تكتب وتركب الحروف، وبمجمع ورقي أو إلكتروني.
اللغة هي الأساسية. لغة التخاطب. تنوع اللغة هو امتلاكها أولا، واللغة لغات: عربية، فرنسية، أنجليزية، أمازيغية أو دارجة بالنسبة لحالة المغرب وغيره من الحالات المشابهة.
هل اختيار شاعر معين للكتابة بالدارجة هو اختيار مقصود أم هي رغبة سرية دفينة مكنونة لا مجال للاختيار فيها ؟ في حالة إدريس المسناوي تأخذ مسألة الاختيار بعدين عميقين، فهو شاعر زجال أصدر مجموعة دواوين زجلية من بينها مجموعته المتميزة تراب لمعاني. وهو كاتب بالدرجة، دارجة عميقة في سفره: أسئلة السفر أو سفر الأسئلة.
للشاعر اختياراته، ولا أظن أن إدريس المسناوي مخير في هذه الاختيارات (التشاكل اللفظي مقصود هنا ). اكتب واكتب وقل. الكتابة كتاب مكتوب عليك، تقولها للنفس أولا :
" قلتْ لْرَاسِي ما قُلْتْ لْحَدْ "
خطاب عميق من الذات وإليها. خطاب نفسي، داخلي حين ينساب إلى الخارج تتداخل ذات الكاتب/ الشاعر مع ذواتنا، وكأننا نحن من يقول لرأسه:
" قالْ لي راسي ما قالْ لي حَدْ"
لم يقل لي أحد: اكتب، أنا من اختار هذه اللذة المتعبة الضرورية. معتز أنا بتعبي، بلغتي الدارجة التي تسير على أرض الناس لأنها " تراب المعاني".
لإدريس المسناوي اختيارات أخرى وهو ليس مخيرا فيها. فهو يصدر كتبه على حسابه الخاص، ويوزعها على أصدقائه الشعراء مجانا في غالب الأحيان كما هو شأن بعض الشعراء المغاربة. إصرار على التوريط في القراءة/ الكتابة خاصة في سفره الهائل : أسئلة السفر أو سفر الأسئلة الصادر في مجلد من 202 صفحة من القطع الكبير سنة 1999
كتابة فلسفية بالدارجة، يصعب أن يكتب كاتب بشكل تأملي بالدارجة، فالدارجة ليست لغة منظمة القواعد والمفاهيم فلسفيا لنخلق معها حوارا فكريا عميقا وتأملا في أحوال العالم والناس، هي لغة إبداع بامتياز، ولكنها ليست لغة مناقشة لقضايا شائكة، ولذلك فكتابة المسناوي التأملية هي خوض في المحظور. الملحون شعر. والزجل شعر. وأغاني العروبيات والأغاني الشعبية تؤدي إلى متعة حقيقة لدى المتلقي المغربي وغيره، ونحن نعرف أن الأدب العالمي هو الأدب الأكثر محلية. غارسيا ماركيز، نجيب محفوظ، هيمينغواي، محمد شكري وغيرهم ارتبطت كتاباتهم بوضع محلي دقيق هو ما أدى بهم إلى العالمية. يقول إدرسي المسناوي في تراب المعاني :
زَدْتْ للْحْياةْ حُبْ
وللْحُبْ حْياةْ
سخرتْ قولي للتغييرْ
سَخّرْتْ فَعْلِي لَلْخِيرْ
زَدْتْ لَلْحْيَاةْ مَا بْقَى في حْياتي مَنْ حْياةْ "
حب الناس وحب الحياة هو المهم، ولا تهم لغة التخاطب ما دام السر المكنون هو المتحكم في الذات القارئة لنفسها، تم للآخرين بعد ذلك.
يورطك الشاعر في الدخول إلى حالات وجودية عميقة. الحقيقة حقائق لها نفس البعد، أي هي حقيقة الكينونة الكبرى التي تحدت عنها الصوفية الكبار.
قالي راسي ما قالي حد
الحقيقة زْواقْ...
الحقيقة سْرابْ...
قُلتْ لْرَاسِي مَا قُلْتْ لْحَدْ
الحقيقة رعدْ وسْحابْ
الحقيقة زَرِّيعَةْ تَحْتْ تْرَابْ
قَالّي راسي مَا قالْ لِي حَدْ
الحقيقة سفرْ
يا مَنْ بْغَى فالحقيقة للحقيقة يْسافرْ
الحقيقة في البْدُو
الحقيقة في اللّخّرْ
العقل هو فين تَكْبَرْ.
هكذا تتحاور الذات مع نفسها جسدا وروحا وفكرا، كل هذا من أجل البوح العالي والعاري والدفين:
حَقيقتَكْ أنْتَ
نَصْها مَرْدومْ تحتْ قرونْ دَالسْكاتْ
ونَصْها لاَخُرْ عايَشْ مْعاكْ في تَشْتاتْ
بْغى لِّي يْعاودْ كْتابتُو بجْميعْ اللغاتْ
××××××××
في يدّكْ سْوارتْ ربحكْ وخسرانكْ
بِين نْقاطْ قوْتكْ وضعْفكْ رْهانكْ
كما في عيونكْ تساوي الأرواحْ
كما فوجدانكْ
حقيقتك هي حقيقتي. الكل بيدك. أنت من يختار. أنت من يعرف كيف وماذا يقال. الدارجة وسيلة هائله للتعبير الإبداعي الشعري. يصعب ذلك في النثر، ورغم ذلك فالمسناوي أقحم ذلك كأنه مجذوب أسواق مغربي قديم، كأنه سيدي عبد الرحمان المجدوب أو سيدي بنهدون
إدريس المسناوي ليس هداويا بالمفهوم الشعبي، ولكنه كذلك بالفكر الوجودي العميق، حيث حين تأخذ " تراب المعاني" المكون من 221 ص من الحجم المتوسط، لا تستطيع الانفصال عنه. كلام منساب وكأنك أنت قائله، لكونه ينبع من نفس المنطقة، منطقة السر التي نحن فيها جميعا، يضاف إلى ذلك أنه صوت شفوي مكتوب، حين تقرأه أمام الناس، يثير الانتباه في أي مكان في البادية، في المدينة، في السوق، في المغرب وخارجه. كتابة تعميم انطلاقا من التخصيص، من أرض المغرب، بلغة المغاربة التي يصرخ بها إدريس المسناوي، ولكن بمفاهيم كونية تمس كل الناس، وفي كل الأوقات، انطلاقا من أسئلة عميقة.
شْحال فالسّاعةْ
شحالْ الضّوْ
شحالْ الهَوَا
شْحالْ الخَطْوَه."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.