بلجيكا تدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء    غوتيريش يستعجل حل قضية الصحراء    مصادر أممية تتوقع تقليص ولاية بعثة "المينورسو" في الصحراء المغربية    أخرباش: التضليل الإعلامي يتصاعد    الطاقات المتجددة تتصدر "استثمارات 2026" بالمغرب .. البنيات تُؤمن الإمدادات    الرباط ضمن أفضل 5 وجهات عالمية    التعاونيات تبرز أصالة وجودة المنتوج المغربي بمعرض أبوظبي للأغذية    كوريا الشمالية تختبر "أسلحة جديدة"    بروكسل تقرض القاهرة 4 ملايير يورو    التجويع يفرز عواقب وخيمة بقطاع غزة    أكاديمية محمد السادس تراكم النجاحات    تتويج منتخب "الأشبال" بالمونديال .. حين يلتقي اللعب بالجد والوطن بالحلم    استفتاء في ميونخ بشأن استضافة الألعاب الأولمبية    توقعات طقس اليوم الخميس بالمغرب    سكان أكفاي يطالبون بمنتزه ترفيهي    العطلة المدرسية تعيد النقاش حول أهمية التوازن بين الراحة والمراجعة    الملك: مطاع فنان قدير وقامة مبدعة    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    نجاحات كرة القدم المغربية، ثمرة رؤية ملكية متبصرة (وسائل اعلام صينية)    الملك محمد السادس يواسي أسرة المرحوم الفنان عبد القادر مطاع    الأمين العام للأمم المتحدة يوصي بتمديد ولاية المينورسو    دوري أبطال أوروبا.. ريال مدريد ينجو من فخ يوفنتوس وبايرن يبدع وليفربول ينتفض    فاتح جمادى الأولى بالمغرب بعد غد الجمعة    الملك يبعث برقية تهنئة مختصرة إلى إدريس لشكر في صيغة بروتوكولية مغايرة للبرقيات السابقة    استقبال شعبي جماهيري بالرباط ل"أشبال الأطلس" أبطال العالم لأقل من 20 سنة    استقبال شعبي جماهيري بالرباط ل"أشبال الأطلس" أبطال العالم لأقل من 20 سنة    Mocci يكشف عن أغنيته الجديدة "Tes7arni" بين العاطفة والقوة    رئيس النيابة العامة: ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وشفافية التدبير مدخل أساسي لتحقيق التنمية المستدامة    تراجع أسعار بعض الخضر واستقرار الفواكه بسوق الجملة بالدار البيضاء    مشروع قانون المالية 2026 يسعى لتحصيل مزيد من الضرائب دون تخفيف كلفة المعيشة    اتحادات المقاولات بالمغرب وإسبانيا والبرتغال تنشئ لجنة مشتركة لتعزيز أثر تظاهرة كأس العالم 2030    محكمة العدل الدولية تقول إن إسرائيل لم تثبت أن بعض موظفي الأونروا أعضاء في حماس    مصرع شخصين وإصابة اثنين آخرين بجروح في انهيار منزل بالمدينة القديمة بالدار البيضاء    تقرير يسجل ارتفاع معدل التضخم مقارنة ب2024    "الجوائز الكاف".. بونو والمحمدي ينافسان على جائزة أفضل حارس أفريقي    دار الراوي تحتفي برواية «حساء بمذاق الورد» للكاتب سعيد منتسب    في الذكرى80 لرحيل الشاعر العراقي معروف الرصافي    أمير المؤمنين يطلع على نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة ويأذن بوضعها رهن إشارة العموم    حكيم زياش يوقّع للوداد    التنافس يطبع نهائيات "تحدي القراءة"    "المدى" تحتفي بخريجي أكاديمية الفنون    تكريم "جمال سليمان" وعروض أولى وخاصة بمهرجان الدوحة السينمائي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    260 سنة سجنا في حق 33 متهما بأحداث العنف التي رافقت احتجاجات "جيل زِد" بسوس ماسة    الملك محمد السادس يأذن بنشر فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة    منح جائزة سخاروف لصحافيين مسجونين في بيلاروس وجورجيا    الدار البيضاء: تدخل أمني سريع يضع حدًا لشغب كروي خلف عاهة مستديمة    الإمارات: طبعنا العلاقات مع إسرائيل لتغيير طريقة التفكير في المنطقة    متحف اللوفر في باريس يعيد فتح أبوابه أمام الجمهور ثلاثة أيام بعد تعرضه لعملية سطو    فنانون من 12 دولة يثرون الدورة 14 لمهرجان العرائش الدولي    انطلاق المنظومة الجديدة للدعم المباشر للمقاولات الصغرى والمتوسطة في 2026    ندوة تبرز الاحتفاء القرآني بالرسول    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التواصل في عمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية
نشر في هسبريس يوم 07 - 06 - 2018

بعد مرور أزيد من سنة على تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والذي كان محط انتظارات القضاة، كما جانب كبير من الرأي العام الحقوقي، بحكم التركيبة الجديدة لهذا المجلس وصلاحياته الدستورية والقانونية المنصوص عليها في القانون التنظيمي للمجلس الموسعة مقارنة مع ما كان عليه الأمر على عهد المجلس الأعلى للقضاء الملغى وكذا بحكم الإمكانات المادية التي وفرت له، بحيث إنه يتوفر على ميزانية مستقلة وهياكل إدارية خاصة به، بدأت أولى نتائج الرهان على هذه المؤسسة تظهر على أرض الواقع من خلال المجالات التي اشتغلت عليها طيلة السنة الفارطة منذ تنصيبه يوم 06-04-2018 إلى الآن.
وإذا أمكننا القول إن أشغال المجلس لم تكن كثيرة حتى يمكن الحكم عليها بشكل كلي، بحكم أن المجلس نفسه استغرق وقتا ليس بالسير لإعداد نظامه الداخلي وإحالته على المحكمة الدستورية التي رفضته مرتين، وبالتالي لم يعقد إلا دورتين واحدة استثنائية وأخرى عادية، فإن ما يمكن الوقوف عليه حقيقة ويمكن اعتبار مدة سنة كافية لتقييمه، هو الجانب التواصلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، سواء مع الرأي العام أو مع القضاة، وهذا الموضوع له أهمية كبرى في عمل المؤسسات بالمغرب ويعد دون مبالغة معيارا مهم للنجاح.
فكيف يمكن تقييم تجربة المجلس في هذا الجانب؟
أولا: الإطار القانوني لتواصل مؤسسة المجلس مع محيطة القضائي والمجتمعي
يمكن القول إن القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبحكم أنه خصص عدة مواد لمؤسسة الرئاسة المنتدبة للمجلس وتحديد صلاحياتها في الجانب الإداري والمالي والتمثيلي، كما أضاف النظام الداخلي للمجلس مقتضى صريحا ينص على أن الرئيس المنتدب يعد هو الناطق الرسمي باسم المجلس. وبالتالي، فإن هذا الإطار القانوني يبقى كافيا ليقوم المجلس بدوره التواصلي، سواء مع القضاة أو مع الرأي العام، على خلاف ما كان عليه الأمر مع وزير العدل الذي كان ينوب عن الملك في المجلس الأعلى الملغى، إذ لم يكن هناك أي نص قانوني يتيح لوزير العدل صلاحيات خاصة بالمجلس – باستثناء ما تعلق بالقرارات التي تهم الوضعية المهنية للقضاة.
كما أن القانون التنظيمي للمجلس الحالي وكذا نظامه الداخلي فرضا على المجلس التواصل بطرق أخرى؛ منها نشر نتائج أشغاله عقب كل دورة من دوراته بشكل فوري، بحيث نصت المادة ال17 من النظام الداخلي للمجلس، والمحال عليها بمقتضى المادة ال60 من القانون التنظيمي المتعلق به، والتي جاءت كما يلي: "يقوم المجلس بنشر نتائج أشغاله النهائية المتعلقة بتعيين المسؤولين بمختلف المحاكم، وبتعيين القضاة في السلك القضائي، فور موافقة الملك عليها. ترفع إلى علم الملك باقي النتائج النهائية لأشغال كل دورة من دورات المجلس الذي يقوم بنشرها، مع مراعاة مقتضيات الفقرة الثانية من المادة ال60 من القانون التنظيمي. يتم نشر جميع مقررات المجلس بموقعه الإلكتروني وبأي وسيلة يعتبرها ملائمة لهذا الغرض"، ويمكن القول إن ذلك يعد هو الآخر نوعا من أنواع التواصل المفروضة بقوة القانون توخيا لشفافية عمل المؤسسة.
وتبقى مجالات التواصل أمام المجلس متنوعة تتوزع تبعا لصلاحياته القانونية، وأول هذه المجالات ضرورة أن يعطي توضيحات عقب كل دورة من دوراته التي تهم البت في وضعية القضاة من حيث التعيين والنقل والانتداب والتأديب والترقية والتمديد والتقاعد، فهذا المجال وإن كان يبدو شأنا مهنيا خاصا بالقضاة، إلا أن فلسفته ليست كذلك، إذ إن البت فيها من لدن المجلس بكامل أعضائه يعد من الضمانات الدستورية الممنوحة للقضاة والتي لها علاقة باستقلال القضاء.. وما دامت كذلك، فإنه يبقى من حق الرأي العام أن يعرف ما يجري داخل مؤسسات القضاء، كما يبقى الدور التفاعلي للمجلس في بعض القضايا التي تطرأ على الساحة الوطنية وتهم القضاء مهما كذلك، بحيث إنه يبقى من الضروري أن يتفاعل المجلس معها ويجيب عنها. كما يتعين أن يتواصل بخصوص الصلاحيات الجديدة التي أسندها إليه القانون الجديد؛ ومنها إسهاماته في إبداء رأيه في مشاريع القوانين التي تهم العدالة، إذ يتعين أن ينشر هذه الآراء ليطلع الرأي العام عليها كذلك، فضلا عن دوره في حماية استقلال القاضي، وإصدار توصيات تهم واقع العدالة المغربية ومنها مناقشته للسياسة الجنائية التي يعمل رئيس النيابة العامة على تنفيذها.
ثانيا: تقييم تجربة المجلس في الجانب التواصلي
يمكن القول، في البداية، إن الجانب التواصلي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال أزيد من سنة على بداية أشغاله كان ضعيفا أو منعدما، إذ بالرغم من الإمكانات المادية والقانونية المتاحة للمجلس وإدارته فإنها لم تنعكس على مستوى التواصل، بالرغم من أهمية بعض الأشغال التي قام بها والأحداث التي تقع في الساحة القضائية المغربية؛ بل أكثر من هذا لم يحترم المجلس وإدارته حتى النصوص القانونية التي تفرض عليها نشر نتائج أشغال المجلس بشكل فوري بعد موافقة الملك عليها فيما يخص التعيينات أول مرة في القضاء أو في مناصب المسؤولية القضائية (رؤساء المحاكم ووكلاء الملك بها)، وباقي النتائج من انتقالات وتأديبات وتمديدات وحالات التقاعد تنشر بعد اطلاع الملك عليها؛ لكنه في دورته الأخيرة (الدورة الأولى لسنة 2018) لم يحترم هذا المقتضى القانوني ولم ينشر نتائجه إلا جزئيا وبشكل متأخر بأيام، وإلى حد الآن لم تنشر بعض النتائج، بالرغم من إنهاء المجلس لأشغاله؛ وهو ما خلق حالة تذمر كبيرة لدى القضاة عبر عنها بيان نادي قضاة المغرب كما يلي: "يستنكر إمعان إدارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية في عدم نشر النتائج المذكورة، بالرغم مما تناهى إلى علمها من امتعاض للسادة القضاة المعنيين عبر مختلف محاكم المملكة، نتيجة تشبثهم بحقهم الدستوري في المعلومة، مع ما ينطوي عليه ذلك من مؤشر سلبي يشي بعدم قدرة المجلس عن تنزيل مبدأ الحكامة المهنية القضائية في المستقبل. وبالتالي، فهو يدعوها إلى التقيد بالمقتضيات القانونية أعلاه، والقيام فورا بنشر النتائج النهائية لأشغاله تطبيقا للقانون، روحا ومفهوما".
أما على صعيد التواصل مع الرأي العام بخصوص الصلاحيات المسندة إلى المجلس فلم يسجل أي تواصل بخصوصها، فباستثناء ندوة صحافية واحدة عقدها الرئيس المنتدب على هامش المؤتمر الدولي الأول للعدالة بمراكش ، والتي تم الحديث فيها عن أشغال المجلس ودون أن تكون هذه الأشغال جاهزة، فضلا أن هذه الندوة كانت عليها ملاحظات بخصوص وقتها وموضوعاتها، فإن المجلس لم يتفاعل مع أي حدث يهم القضاء ببلاغ أو ندوة صحافية أو غيرها أو تفاعل مع الجمعيات المهنية التي تلاقي تجاهلا تماما من لدن إدارة المجلس.
وللمقارنة، فإن مؤسسة رئاسة النيابة العامة، التي تم تنصبها في 06-10-2017 أي بعد شهور من المجلس، كانت موفقة بشكل كبير في الجانب التواصلي سواء القضاة أو مع الرأي العام ومع الجمعيات المهنية، إذ عملت على إصدار بلاغات وتفاعلت مع عدة قضايا تهم القضاة والرأي العام، كما كان رئيسها ضيفا في العديد من البرامج والمواقع الإعلامية، وعمل على عقد اجتماع مع ممثلي الجمعيات المهنية دون استثناء، مع أن الإمكانات القانونية والمادية المخصصة للمجلس هي أكثر مما هو مخصص لرئاسة النيابة العامة..
وبالتالي، يمكن القول إن المسألة مسألة تدبير وابتكار لا أقل ولا أكثر يتعين على المجلس الأعلى للسلطة القضائية أن يعمل على تجاوز هذا الإشكال، لكسب الرهان التواصلي الذي يبقى أساس كل نجاح.
*دكتور في الحقوق.رئيس نادي قضاة المغرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.