تثير مباراة البرتغال والمغرب في الجولة الثانية من مونديال روسيا 2018، والتي ستقام يوم غد الأربعاء في موسكو، أسعد ذكريات المغاربة في تاريخ مشاركاتهم في كأس العالم، إذ التقى الفريقان في نسخة المكسيك 1986، وانتهت المباراة بفوز أسود الأطلس، والتي قادتهم ليصبحوا أول منتخب أفريقي يصل إلى ثمن نهائي البطولة العالمية في التاريخ. وليس مبالغا فيه القول إن الحادي عشر من يونيو من ذلك العام كان اليوم الأكثر أهمية في تاريخ كرة القدم المغربية، إذ حقق الفريق الوطني أول انتصار له في كأس العالم، وتخطى مرحلة المجموعات، وهو الإنجاز الذي لم يتكرر منذ ذلك الوقت. كان المنتخب وقتها مختلفا تماما عن الحالي الذي يكثر فيه اللاعبون المولودون في أوروبا، والذين تكونوا في فرقها المختلفة، إذ كان لاعبو كرة القدم المغاربة وقتها من فرق محلية، وهو ما كان في صالحهم، لأنهم كانوا بعيدين عن أعين المتابعين والمراقبين الغربيين. وكان عدد قليل من هؤلاء من حظي بفرصة الانتقال إلى الجانب الآخر من البحر المتوسط، ومن أبرزهم: عبد الكريم ميري (كريمو)، الذي لعب أكثر من 14 عاما في أندية فرنسية، إضافة إلى لاعبي الوسط مصطفى الحداوي (سويسرا وفرنسا) وعزيز بودربالة (سويسرا وفرنسا). ومع ذلك كان مونديال 86 فرصة لبزوغ نجم زملاء هؤلاء اللاعبين الذين احترف بعضهم في أوروبا بعد العودة من المكسيك، مثل الحارس بادو الزاكي المتوج بالكرة الذهبية الأفريقية في العام نفسه، وانتقل إلى مايوركا الإسباني، وكذلك لاعب الوسط المهاجم محمد التيمومي الذي حط الرحال في مورسيا الإسباني أيضا. أما على مقاعد الاحتياط، فكان يقود أسود الأطلس وقتها المدرب البرازيلي جوزيه فاريا، الذي رحل عن بلده الذي لم يجد فيه فرصا مناسبة ليخوض عدة تجارب مثيرة مثل قطر، قبل أن يلمع حظه بالانتقال لتولي المهمة الفنية لمنتخب المغرب الذي فتح له باب الحصول على الجنسية المغربية، بل وأعلن إسلامه. وكانت قرعة مونديال المكسيك أوقعت المغرب في المجموعة السادسة مع كل من بولندا وإنجلتراوالبرتغال ليخوض نهائياته دون أن يكون ضمن حسابات التوقعات، ولكنه كشف بعد ذلك أنه فريق صلد يتمتع بالمهارات، وأظهر جسارة في منافسة المنتخبات الأوروبية التي يحسب لها ألف حساب. استهل أسود الأطلس مشاركتهم بالتعادل سلبا مع بولندا في الثاني من يونيو، وحققوا النتيجة نفسها أمام الأسود الإنجليزية يوم 6 من الشهر نفسه، قبل يحققوا فوزا تاريخيا على البرتغال، وبنتيجة 1-3 التي منحتهم صدارة المجموعة والتأهل إلى ثمن النهائي. كان لمنتخب البرتغال المعروف ب"البحارة" وقتها سمعة كبيرة تحت إمرة المدرب جوزيه توريس، بعد أن وصل إلى نصف نهائي أمم أوروبا عام 1984 بفرنسا وكان يضم العديد من اللاعبين الذين لمعوا بعد ذلك وقادوا بورتو للفوز بكأس أوروبا عام 1987 مثل: فرناندو غوميش وأنطونيو سوزا وجايمي ماجاليايس وأوغوستو إناسيو والنجم الكبير باولو فوتري. ومع ذلك لم تدم إقامة البرتغاليين طويلا في المكسيك، حيث تذيلوا المجموعة بنقطتين من فوز وحيد على إنجلترا في أولى الجولات ثم خسارتين أمام بولندا (1-0) والمغرب (1-3)، وهو ما تسبب في جدل كبير في البرتغال؛ وذلك ليس فقط بسبب الإقصاء المبكر بل بسبب مشكلات عديدة أثارها اللاعبون في مقر إقامة الفريق بمدينة سالتييو المكسيكية. سجل أهداف المغرب وقتها كل من لاعب الجيش الملكي المحلي، عبد الرزاق خيري، (ق19 و26) وكريمو (ق62)، بينما وقع ديامانتينو ميراندا على هدف البرتغاليين الوحيد (ق80)، في وقت تألق بادو الزاكي في إجهاض محاولات تعديل النتيجة المتكررة من الفريق الأوروبي. وكانت نهاية الحلم المغربي في دور ال16 حين واجه أسود الأطلس منتخب ألمانيا الغربية يوم 17 يونيو، ولكن بهدف وحيد سجله لوتار ماتيوس قبل نهاية الوقت الأصلي بدقيقتين؛ ولكنه ظل إنجازا كبيرا لكرة القدم العربية والأفريقية عامة، ولأسود الأطلس خاصة، وما زالت ذكراه طيبه في أذهان أبناء المغرب الذين يطمحون إلى تكرار الإعجاز يوم الأربعاء أمام البرتغاليين أيضا، ولكن هذه المرة بعد أن خسر أسود الأطلس في أولى مبارياته أمام إيران بالنيران الصديقة في الأنفاس الأخيرة أيضا. *إفي