مشروع البيان يؤكد التضامن مع قطر    لقجع يتوقع أفضل "كان" في المغرب    تعادل الدفاع الجديدي والنادي المكناسي    عدسة حسين الترك تنقل سحر الناظور إلى وجدة عبر معرض فردي بالمعهد الفرنسي    حماية المستهلك تستنكر تنامي الاختلالات بين الأبناك وعموم المستهلكين        جثة جديدة بشاطئ سبتة ترفع حصيلة الضحايا إلى 31    رفضًا لمشاركة فريق إسرائيل.. احتجاجات تلغي المرحلة الأخيرة من طواف إسبانيا في مدريد    إفريقيا الوسطى تثمن ريادة المغرب    إسرائيل: 11 قتيلا في أنفاق "حماس"    المغرب ينال اعترافا أمريكيا بمطابقة مصايده البحرية لمعايير حماية الثدييات    في المؤتمر السادس لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بشفشاون .. إدريس لشكر: تواجدي بهذه القرية الجميلة هو رسالة تؤكد أن حزب الاتحاد الاشتراكي تلقى توجيهات جلالة الملك، وأنه حريص على التخاطب والحوار مع كل المواطنات والمواطنين في أماكن تواجدهم    منظمات غير حكومية تحذر بجنيف من استمرار العبودية في مخيمات تندوف    انطلاق أشغال الاجتماع التحضيري للقمة العربية الطارئة في الدوحة بمشاركة المغرب    رابطة الكتبيين بالمغرب تحذر من خرق دفتر التحملات في كتب مدارس الريادة وتدعو لضمان حقوق المهنيين    عجز في الميزانية بقيمة 54,1 مليار درهم متم شهر غشت    وجهٌ يشبه فلسطين    حبُ بين برديَن    شركة SS Heliodor Australia تطلق أغنية "الهيبة" بصوت إيفا ماضي بالتعاون مع Universal Music MENA    30 سنة سجناً لمغربي ببلجيكا قتل صديقته    اقتطاعات مفاجئة ورفع للرسوم.. حماة المستهلك يرفضون ممارسات مؤسسات بنكية    رئيس الوزراء القطري: حان وقت محاسبة إسرائيل على جرائمها    حادثة سير مروعة تودي بحياة أستاذ بأزيلال    وزير الصحة يجول بالمؤسسات الصحية بالناظور والدريوش لتقييم الخدمات وتفقد المستشفى الجديد    المكتب الوطني للسكك الحديدية يعتمد مواقيت جديدة للقطارات بداية من الغد    غرق سفينة صيد موريتانية قبالة الرأس الأبيض وفقدان خمسة بحارة    الحسيمة.. البام ينتدب ممثليه في المؤتمر الوطني السادس لمنظمة شباب    إقصاء العدائين المغاربة فؤاد المسعودي، حفيظ رزقي وأنس الساعي في سباق 1500م    أندية الريف تجدد دعمها لعبد اللطيف العافية لولاية جديدة على رأس عصبة الشمال    نادي اتحاد طنجة لكرة اليد يجدد ثقته في خالد الفيل لقيادة الفريق للموسم الثاني    مدوّن عالمي يكشف عرضا سريا لدعم ديمبلي في سباق الكرة الذهبية    تعثر انطلاق أسطول الصمود المغاربي من ميناء بنزرت نحو غزة    تفعيل التعاون المغربي الموريتاني في مجال أمن الحدود ومكافحة التهديدات العابرة    تحقيق في فرنسا بحق رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي    الدار البيضاء: تتويج الفرس 'كازا دي شامبو' بلقب النسخة الرابعة للجائزة الكبرى لإفريقيا 2025 لسباقات الخيول    سقوط قتيل في انفجار حانة بالعاصمة الإسبانية    صدور القانون الجديد للمسطرة الجنائية في الجريدةالرسمية ومهلة3 أشهر قبل دخوله حيز التطبيق    المهرجان الدولي لسينما الجبل بأوزود يحتفي بالاعلامي علي حسن    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    تصاعد العدوان على غزة وارتفاع الحصيلة إلى 32 شهيدا    المغرب يحتل المرتبة 107 عالميا في مؤشر الديمقراطية    كوريا تؤكد أول حالة إصابة بأنفلونزا الطيور شديدة العدوى هذا العام    تفاؤل كبير لدى الفلاحين بسبب التساقطات المطرية خلال شتنبر    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    موريتانيا وإسبانيا.. نحو شراكات اقتصادية واعدة    الداخلة.. حجز 6,8 طن من الأسماك واعتقال 12 شخصاً: ملف جديد يسلّط الضوء على التهريب البحري    العدالة والتنمية بتطوان يطلق مجموعة من الأوراش السياسية وعلى رأسها ملف الانتخابات    منظمة الصحة العالمية تسجل ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بالكوليرا    دراسة : التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري    ارتفاع حالات الكوليرا حول العالم        سفير المغرب يفتتح معرض الفن العربي بواشنطن بدعم مغربي    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مارشي" سيدي سليمان يختفي أمام المحلات العشوائية والصفيحية
نشر في هسبريس يوم 29 - 09 - 2019

قد تمر الآن بجانبه دون أن يثيرك شيء لزيارته بعدما كان في الماضي القريب واحدا من المباني التي ما فتئ يفتخر بها السليمانيون، بل هناك العديد من سكان المدينة، وخصوصا الجيل الحالي، يجهلون وجوده بعدما اختفت معالمه وسط أكوام من المحلات العشوائية والدور الصفيحية، وأصبح شكله أقرب إلى الخراب منه إلى بناية تجارية، رغم أن تاريخ تشييده يعود إلى الحقبة الاستعمارية للمغرب.
نحن أمام البوابة الرئيسية لأول "سوق مركزي" بني في خمسينات القرن الماضي بمدينة سيدي سليمان، لكن واقعه يوحي بعكس ذلك، فجدرانه المتهالكة تعلوها لافتة محتشمة تسخر من هيبة المبنى، والقمامة المبعثرة في بعض جوانبه شوهت معالمه إلى حد كبير، والروائح الكريهة تأتيك من كل حدب وصوب، والإهمال يتحدث بلسان هذا السوق الذي لم يحظ بالاهتمام كمثيله من الأسواق الأخرى رغم أنه يوجد في شارع محمد الخامس، القلب النابض للمدينة، الذي لا يعكس محتواه قيمة الاسم الذي يحمله، في حين لا يخجل المسؤولون عن تدبير الشأن المحلي بسيدي سليمان أن يكافئوا شخصية تاريخية وملحمية في وجدان المغاربة بهذه الطريقة المخزية التي تحمل كل دلالات الإهانة والتحقير.
دخلت هسبريس إلى السوق الذي يضم أكثر من 32 محلا تجاريا، يختلط فيه الخضار والجزار مع البقال وبائع البهارات والفواكه الجافة وبائع مواد النظافة، واقتربت من مجموعة من التجار كانوا يتبادلون أطراف الحديث فيما بينهم عن أمورهم لتسألهم عن أحوال "المارشي سونطرال"، فلم يترددوا كثيرا في الحديث، وكأنهم كانوا ينتظرون أول فرصة للتعبير عن معاناتهم.
البحث عن الحل قبل الإصابة ب "الشلل"
"واش عمركم شفتو شي بناية فالمغرب تبنات ف 1940 وعمرها ما تحطات فيها شي ياجورة ديال الإصلاح؟"، يتساءل منير، صاحب محل تجاري بالسوق المركزي، وهو يشير بأصبعه، الذي خالطته صفرة التوابل الغذائية، إلى سقف البناية المتهالكة وإلى البرك المائية التي تغزو أرضية المكان، ثم يضيف: "هذا السوق يتعرض منذ سنوات لإهمال كبير لا يليق بسمعته، ويغرق في مشاكل لا حصر لها، تبدأ بغياب إرادة حقيقية للإصلاح وتنتهي بقلة الرواج بسبب المنافسة الشديدة المفروضة عليه من قبل الأسواق العشوائية والباعة الجائلين الذين يصطفون أمام مداخله ويقدمون سلعهم بأثمان بخسة، في حين أقفل أغلب التجار محلاتهم بعدما أصابها الركود وغادروا السوق إلى وجهة غير معلومة".
"مابْقيتْ لا نبيع ولا نشري، مابْقى حتى واحد يدخل عندنا للمارشي"، يواصل منير حديثه والغضب يظهر على محياه، ثم يستطرد: "تَنْجيبو السلعة وتانْبقاوْ نْتفرجّو فيها، فلولا المناسبات الدينية وفصل الصيف الذي تكثر فيه الحفلات والأعراس لكنا تركنا هذه الدكاكين منذ سنوات، أما دون ذلك فإننا نظل طول اليوم مجتمعين نتدارس سبل إنقاذ هذا السوق وتصحيح وضعه الذي أصبح ضرورة ملحة في غياب أي التفاتة من المسؤولين عن تدبير الشأن المحلي والإقليمي بسيدي سليمان".
جمعية الشروق للدفاع عن مطالب السوق
هذه الحالة المتهالكة التي أصبحت عليها المنشأة التجارية دفعت مجموعة من التجار إلى تقديم شكايات في الموضوع، بعد أن قاموا بتأسيس جمعية تعنى بشؤونهم الداخلية وتدافع عن مطالبهم "المشروعة" أمام الجهات المسؤولة.
عبد الرحيم لحلو، رئيس جمعية الشروق للتنمية والمستقبل، الكائن مقرها بالسوق المركزي، قال إن "الجمعية تعبت من مراسلة المسؤولين الذين لا يقدمون لنا إلا الوعود الفارغة"، مشيرا إلى أنهم رفعوا عدة مطالب إلى عامل إقليم سيدي سليمان السابق، وجلس معهم إلى طاولة الحوار واستمع إلى معاناتهم، ووعدهم بإصلاح الأوضاع، لكنه "رحل ورحلت معه جميع الوعود إلى حين"، مضيفا أن "العامل الحالي مابْغاشْ يْستقبلْنا من نْهارْ حطْ رجليه فْسيدي سليمان وشرف البلاد، رغم أننا قدمنا له عدة شكايات في الموضوع، دون أن نتلقى منه أي جواب، وكلما استفسرنا عن مصيرها تُجيبنا الجملة الشهيرة التي حفظها المغاربة عن ظهر قلب من أفواه المسؤولين: سيروا حتى نْعيْطُو ليكم".
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن" المعاناة مازالت مستمرة، وتزداد معها خطورة زيارة السوق بعد أن هوى جزء كبير من سقفه، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بعض مرافقه"، مستحضرا سبب إغلاق "سقاية المارشي" التي كانت تزود التجار بالماء الشروب، وهو ظهور مشكل صرف المياه بعد إقدام المسؤولين في المجلس الجماعي على إغلاق مخارج "الواد الحار" بسور بني على طول مجرى وادي بهت للحد من هيجانه، ولحماية المنشآت العمرانية من خطر الفيضانات التي ضربت إقليم سيدي سليمان في السنوات الماضية.
واستنكر لحلو "اختلاس الطاقة" من طرف ساكنة بعض منازل الأحياء الصفيحية المجاورة "للمارشي" واستعمالها في تشغيل الأجهزة المنزلية الكهربائية ذات التوتر المرتفع، مما يؤثر سلبا على المولد الذي يزود السوق بالطاقة ويؤدي إلى انقطاع الكهرباء عنه بين الفينة والاخرى، مشيرا إلى أن "هناك خللا في توصيلات الأسلاك والعدادات، مما ينتج عنه ارتفاع في فاتورة الكهرباء التي تزيد من معاناتنا".
العين بصيرة واليد قصيرة
"حْشومَة هادْ المارشي يبقى هاكْدا، إن شاء الله مْنينْ ننْجحْ غادي نْقادو ليكمْ"، يقول محمد حمدي، بائع بالسوق المركزي، لهسبريس، متحدثا عن وعود رئيس المجلس الجماعي المعزول أثناء الترويج لحملته الانتخابية الأخيرة، ثم يضيف: "وعدنا الرئيس السابق بإصلاح شامل لكل مرافق السوق، من كهرباء وأبواب وزليج، ولكن غيرْ نْجحْ قْلبْ وجْهو"، مشيرا إلى أنهم طرقوا أبوابه مرات عدة لعله يفي بوعده ويصلح ما يمكن إصلاحه، إلا أنه بعد مراوغات عديدة، قالها بصريح العبارة: "أنتم تجار صلْحو لْراسكُمْ، هانْتمْ كاتْشوفو العين بصيرة واليد قصيرة"، موضحا أنهم "قاموا بإصلاح جزء من السقف المنهار من مالهم الخاص بعدما يئسوا من وعوده، في وقت يحتاج فيه السوق بشكل عام إلى تجديد مختلف مرافقه وترميمها".
وأضاف أمين مال جمعية الشروق للتنمية والمستقبل أن "الرئيس السابق لم يكتف بالتهرب من مسؤولياته، بل قام بإغلاق سقاية المارشي عوض إصلاح مجاري المياه التي تختنق بمخلفات الدجاج التي يلقيها الباعة المجاورون للسوق في قنوات صرفه الصحي، لأنها تستنزف ميزانية الجماعة على حد قوله"، مشيرا إلى أن التجار محتاجون إليها عوض التنقل إلى "سقاية" أخرى بعيدة عنهم من أجل جلب الماء، أو اللجوء إلى مراحيض المسجد الكبير المجاور لهم.
وأكد حمدي أن الجمعية لم تكتف بالمراسلات المحلية، بل راسلت حتى الغرفة التجارية ورئيس جهة الرباط-سلا-القنيطرة، مبرزا أن "الكل يجمع على حاجة السوق لإصلاح شامل، لكن لا أحد تحرك في اتجاه حلحلة الملف من مكانه"، مطالبا ب"ضرورة إعداد تصور شامل حول السوق يشارك فيه كل الفاعلين الأساسيين، من سلطة محلية ومنتخبين وتجار ومجتمع مدني، لأن تصحيح وضعه أصبح ضرورة ملحة".
انتظار الفاجعة قبل الإصلاح
"تقدمنا بعدة طلبات وشكايات للمجلس الجماعي الحالي كما فعلنا مع سابقه لمدة عشر سنوات، لكن لا شيء تحقق، لا نسمع إلا الوعود الزائفة والكلمات المعسولة"، يقول منير سيكاك، الكاتب العام لجمعية الشروق، متحدثا لهسبريس عن معاناتهم مع المسؤولين، ثم يضيف: "آخر شكاية تقدمنا بها لرئاسة المجلس البلدي الحالي كانت بتاريخ 18 شتنبر 2019، نطالب فيها بإصلاح السوق من الباب الرئيسي، وإصلاح قنوات الصرف الصحي والسقف والكهرباء والنوافذ وجميع التجهيزات الضرورية، لأننا أصبحنا نمارس عملنا ونحن مهددون بتصدعات البناية وتلاشيها، بالإضافة إلى تواجد أشجار الأوكاليبتوس العالية التي تهدد حياة الأبرياء في مدخل السوق".
وأضاف الكاتب العام للجمعية ذاتها أن التجار "ما زالوا ينتظرون الإجابة على طلباتهم من أجل توفير الأجواء الملائمة لاشتغالهم، رغم أنهم يجمعون على أن لا شيء يوحي بأن هذا السوق سيخرج من دوامة الإهمال، محملين السلطة المحلية كامل المسؤولية في حالة وقوع أية حادثة نتيجة هذا الوضع المتردي"، مختتما حديثه بالقول: "حْنا حتى كاتْوْقعْ شي كارثة عادْ كانوضو نْصلْحو".
المجلس الجماعي لا يجيب
وحرصا منها على نيل رأي المجلس الجماعي، التقت هسبريس بطارق العروصي، رئيس الجماعة الترابية لسيدي سليمان، الذي عودنا على تواصله الدائم، من أجل تضمين إفادته في الموضوع، فطلب الاتصال به لاحقا، إلا أن التواصل لم يتم حسب الوعد والموعد المقدمين. ورغم ذلك عاودنا الاتصال به مرّات متعدّدة، إلاّ أن هاتفه ظل يرن دون مجيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.