اعتصام جزئي داخل مستشفى محمد السادس بأجدير للاسبوع الرابع    الهيئة الوطنية للنزاهة تلغي طلب العروض لإنجاز خريطة مخاطر الفساد في قطاع الصحة وتدعو لتدخل تشريعي عاجل    هولندا تعلن دعم الحكم الذاتي بالصحراء    لفتيت ينفي تدخل الإدارة في انتخابات 2021 ويدعو إلى تخليق الحياة السياسية    بورصة البيضاء تنهي الأسبوع بارتفاع    تعيين أربعة مدراء جدد على رأس مطارات مراكش وطنجة وفاس وأكادير    الاجتماع رفيع المستوى المغرب–إسبانيا.. تجسيد جديد لمتانة الشراكة الثنائية (منتدى)    هولندا.. محاكمة مغربي متهم بقتل شخص طعنا : انا مختل عقليا ولست ارهابيا    هذا هو أصغر لاعب شطرنج مدرج في تصنيف الاتحاد الدولي للعبة        وزارة الصحة تُعلن عن نقل مريض في حالة حرجة بطائرة طبية من الرشيدية إلى طنجة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    محكمة الاستئناف بمراكش تُنصف كاتب وملحن أغنية "إنتي باغية واحد"    "ورشات الأطلس" بمهرجان مراكش تعلن عن متوجي الدورة السابعة    مدير "يوروفيجن" يتوقع مقاطعة خمس دول للمسابقة بسبب مشاركة إسرائيل    اسم وهوية جديدان لمدرسة خليل جبران    ميسي يثير الغموض مجددا بشأن مشاركته في كأس العالم 2026    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    "أمريكا أولا"… ترامب يعلن استراتيجية تركز على تعزيز الهيمنة في أمريكا اللاتينية وتحول عن التركيز عن آسيا    نتفلكس تقترب من أكبر صفقة لشراء استوديوهات وارنر وخدمة "HBO Max"    الحكومة تمدد وقف استيفاء رسوم استيراد الأبقار والجمال لضبط الأسعار    من يعرقل فتح خطوط جوية جديدة بمطار الحسيمة؟    مدينة الخبر تستعد لليلة الحسم في نهائيات PFL MENA    خلال 20 عاما.. واشنطن تحذر من خطر "محو" الحضارة الأوروبية    ماكرون يصف الحكم على صحافي فرنسي في الجزائر بأنه "ظالم"    الغلوسي: مسؤولون فاسدون استغلوا مواقع القرار للسطو على أموال برنامج "مراكش الحاضرة المتجددة"    تقرير: واحد من كل ثلاثة فرنسيين مسلمين يقول إنه يعاني من التمييز    التوفيق: 1500 إمام إفريقي تلقوا التأهيل في المغرب خلال 10 سنوات    مراجعة مدونة الأسرة.. من نزال الفضاء العام إلى "حصان طروادة"!    سعر النحاس يقفز لمستوى قياسي وسط تفاؤل التوقعات ومخاوف الإمدادات    قصيدةٌ لِتاوْنات المعْشوقة.. على إيقاع الطّقْطُوقة!    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم        باقتراح من بوعياش... التحالف العالمي ينكب على تحديات وفرص الذكاء الاصطناعي والفضاءات الرقمية وأثرها على فعلية الحقوق    مونديال 2026.. أنظار العالم تتجه نحو واشنطن لمتابعة عملية سحب القرعة    كأس العرب.. مدرب منتخب قطر يوجه تحذيرا صارما إلى سوريا وفلسطين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة        المنتخب المغربي للتايكوندو ينتزع ميدالية ذهبية في بطولة العالم لأقل من 21    استقرار أسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأمريكية    النيجيري ويليام تروست-إيكونغ يعلن اعتزاله الدولي    ترقب مغربي لما ستسفر عنه قرعة مونديال 2026 اليوم بواشنطن    كيوسك الجمعة | 72% من المغاربة يتصدقون بأموالهم لفائدة الجمعيات أو للأشخاص المحتاجين    مدرب عمان: جودة المغرب الفردية والجماعية تجعلهم منافسا قويا    "المثمر" يواكب الزيتون بمكناس .. والمنصات التطبيقية تزيد مردودية الجَني    لمياء الزايدي .. الصوت الذي يأسر القلوب ويخطف الأنفاس    مبادرة "Be Proactive" تعزّز الوقاية من حساسية الأسنان في عيادات المغرب    بين الراي والراب الميلودي... Wrapped 2025 يرصد التحولات الموسيقية بالمغرب    "حبيبتي الدولة".. من تكون؟!: في زمن التشظي وغياب اليقين    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    الشرفي يلقي خطاب عضوية "أكاديمية المملكة" ويرصد "غزو علمنة المجتمع"    نصائح صحية: هذه الأغذية تهددك ب"النقرس"!    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسباب الأعطاب
نشر في هسبريس يوم 28 - 02 - 2020

سبب ما نحن فيه من ترنح وذهول وتأخر، وعدم مسايرة للركب الحضاري الإنساني، يعود -في بعض أوجهه- إلى الأصولية الدينية، والإسلام السياسي المستعمل والموظف لغايات مصلحية انتفاعية دنيئة، المتهافت على البترودولار، وإلى التنميق والترميق، وإيهام الناس بالبديل الأخروي، البديل الذي يرضع من ثدي الوحي الهائل، ذلك الثدي الذي يطل من أعلى ثقب في السماء، وأبعد طاقة في الغيب.
سبب تخلفنا، مصدره الأصولية الدينية تعيينا- وإن كانت الأصولية الفكرية والأصولية الفلسفية، والأدبية وغيرها، بناتا لها وفلذاتٍ منها، وأشطاناً من بئرها. وعلى الرغم من تصدي مفكري الإسلام المتنورين، منذ القرن التاسع عشر، لتلك الأصولية المسؤولة عما نحن فيه، استمر "الفكر" الانحطاطي و"الفقه" المتحجر، والشريعة المتعالمة، سيدا، مهيمنا إذ وجد تربة خصبة وماء دافقا، وغيثا مواتيا، ونباتا جاهزا، أتلع وأينع، وبَرْعَم وتدلى ثمارا غَذَّتْ ولا تزال، فئات عريضة من الناس، متخذا من أفضية معلومة، مضمارا ل : "فروسيته" وَطَغْوَاهُ، الذي غَلَّقَ الأبواب دون الرياح المعرفية اللواقح الآتية من الجهات الأخرى، من الجهد الإنساني، والإبداع البشري، واعتبر "الغير" كافرا بإطلاق لأنه لم يأخذ بكتاب الله الأوحد الذي هو القرآن : النص الأزلي –الأبدي الشامل، الكامل الجامع.
لِنَكُنْ صُرَحاءَ، لنَنْأَى عنْ: "يمكن"، و"ربما"، و"قد"، و"سوف". في أعناقنا مسؤولية وجودية مصيرية، ما يقتضي ويتطلب المصارحة والمجاهرة بالقول المسنود بالواقع، المرفود بالحقيقة.. حقيقة التحول والتطور الذي طال الأرض والبشر، وطال الإنسان في مخبره ومبطنه، وجعل منه أساس كل شيء، مصدر العطاء والفتح والمنجز الخلاق عبر علائقه بالبيئة والزمان والمكان، ومن خلال ما حقق من هائل المخترعات العلمية، والمبتدعات التكنولوجية، وما سخر من علوم بيولوجية، وفيزيائية، وطبية، وهندسية، ورياضية لخدمته حتى يَتَبَنَّكَ الريادة والسيادة والقيادة، مُعَوِّلاً على العقل والتجريب اللذين توسطا له في اجتراح المعجزات.
في طوقنا أن نقول إن أحد أسباب ما نحن فيه من تأخر، وركود، وتهميش كوني، يكمن في "المزجية" و"التخليط" و"التوفيق"، و"التلفيق"، ما يعني أنها العائق الذي يتجلى في الثنائيات القاتلة التي لم ننجج في الفكاك منها، وكيف ننجح؟ والشريعة الإسلامية بما هي اجتهادات بشرية سياقية مدموغة بمواقف اقتضتها "نوازل"، وسياقات، وتواريخ محددة، تكبل أيادينا، وتشل عقولنا، وتمنعنا من القطع مع هذه الثنائيات التي تَسَبَّبَتْ في التأرجح، و"الدلتونية" الفكرية. لقد قضى مفكرون نبهاء وفي أنفسهم غصة. لم يجرؤوا على الصدع برأيهم في وجوب إبعاد الدين عن الدولة، وعن السياسة بما هي شأن يومي وعام، وتدبير إداري واقتصادي واجتماعي. وفيما نجحت أوروبا وأمريكا في ذلك الإبعاد، وفك الارتباط بعد آلام واقتتال أهلي ومذهبي، فشل العالم العربي – الإسلامي في هذا. ومرد فشل المتنورين، الخوف من فقهاء الظلام، الذين أَلَّبُوا العامة على النخبة المثقفة الحرة، وَأَلَّبُوا السلطة التي تواطأت مع هؤلاء "السدنة"، ما جعلها تعمر طويلا على رأس دواليب الدولة متحكمة في رقاب البلاد والعباد.
ما العمل إذاً، والأصولية تَنْزَرعُ ولا تَرْتَدعُ ؟. لكن، ألا نلاحظ ما يجري عربيا الآن، إذ يمكن الإشارة إلى تزايد "التنوير"، وخروج الفكر العلماني الديمقراطي من مخبئه و"تقيته"، ومبادهة الظلاميين بالحجاج الفكري، ومقارعة الشريعة في طبعتها البشرية المنمطة، لا الإسلام في وجهيه المضيئين: القرآن والسنة، وإن كان البعض يكتفي بالقرآن مرجعية أوحد بسبب ما اعْتَرى السنة من دس وتزوير.
غير أن هذه الطبقة المتنورة لن تستطيع هدم ركام الفتاوى البئيسة الموظفة لفائدة الجهات المُغْدقة، وليست بقادرة على زعزعة ثوابت دينية تحملها طبقة واسعة عريضة من الناس بفعل الأمية، وعدم التمييز بين الفتوى والوحي، وبين من ينتصر للواقع على النص، ومن ينتصر للنص على الواقع.
ما العمل إذاً ؟، ذلك هو السؤال كما قال ذات حَيْرَة "هَاملْتْ".
العمل أن نفتح جبهة نضالية واضحة المنطلقات والأهداف، تخوض معركة فكرية ضد أصحاب القرار السياسي الذين يتحكمون في السياسة العامة للبلاد التي تهيمن وتضع الخطوط العريضة للتعليم والإعلام. إن فشل "الربيع" العربي، مُتَأَتّ من هذا التحكم، ومن "صناعة" الرأي العام، وتوجيهه تَبْعًا لأهداف استراتيجية معينة، ونَاجمٌ من تغييب العقل العربي وإغراقه في الغيبيات بشده بأرسان متينة إلى وتد الماضي "الذهبي"، و" أحلام" الجنة الموعودة المنتظرة !!.
لكن، كيف السبيل إلى تحويل الكارثة إياها إلى ديمقراطية مواطنة منشودة؟، والجواب هو: في نشر النظر النَيّر، وتمجيد العقل، واعتبار الإنسان مقياس كل شيء، داخل الجمعيات الثقافية والحقوقية والاجتماعية، ودفع الأحزاب الديمقراطية الليبيرالية، واليسارية إلى الانغمار في هذه المعركة الحضارية، من دون إبطاء.
فمن شأن ذلك أن ينعش الفكر الحر والتسامح وقبول الآخر المختلف، واحترام كل الديانات وَضْعيةً كانت أو سماوية من خلال تضمينه البرامج والمناهج المدرسية والجامعية بما هي فضاء البحث العلمي، والمعرفة العقلانية، وكذا الإعلام بمختلف مكوناته. فلئن تواطأ التعليم والإعلام على هذا، وهو تواطؤ مطلوب ومرغوب، فإننا سنربح المعركة، معركة الحرية والديمقراطية والتقدم، وإزاحة عائق الأصولية من طريقنا، أو – في الأقل- ردها إلى حجمها وميدانها الذي هو الأخلاق، والقيم العليا من دون زيادة ولا نقصان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.