في نسخة شبه كربونية من مونديال 98.. المغرب يجدد الموعد مع البرازيل في مجموعة نارية بكأس العالم 2026    كأس العالم.. المنتخب المغربي في المجموعة الثالثة إلى جانب البرازيل وهايتي واسكتلندا    بسبب شبهات.. مجلس المنافسة يقوم بزيارات فجائية لفاعلين في الأعلاف المركبة الموجهة لقطاع الدواجن    النيابة العامة تلتمس إدانة مبديع ومصادرة عائدات الصفقات المشبوهة        تعادل سلبي بطعم المفاجأة بين رديف المغرب ومنتخب سلطنة عمان    ترامب يحصل على جائزة فيفا للسلام    كأس العرب -قطر 2025- (الجولة 2 المجموعة 2).. المنتخب المغربي يتعادل أمام نظيره العماني (0-0)    افتتاح المعهد العالي للعلوم الأمنية بمدينة إفران    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة: المصادقة على إحداث "شركة المنشآت الرياضية لطنجة"    إسبانيا تشيد بالمصادقة على القرار 2797، الذي يؤكد أن حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر قابلية للتطبيق    قبل انطلاق كان 2025 .. الصحة تعتمد آلية وطنية لتعزيز التغطية الصحية        مؤسسة محمد الخامس للتضامن تنظم حملة طبية – جراحية كبرى بالسمارة    "الفيلسوف ابن ساعته"    رعب في الطائرة    أيُّ ديمقراطية نُؤسِّسُ..؟    مراجعة مدونة الأسرة..    هولندا تدعم سيادة المغرب على صحرائه: الحكم الذاتي هو الحل الأكثر واقعية    الهيئة الوطنية للنزاهة تلغي طلب العروض لإنجاز خريطة مخاطر الفساد في قطاع الصحة وتدعو لتدخل تشريعي عاجل    اعتصام جزئي داخل مستشفى محمد السادس بأجدير للاسبوع الرابع    الاجتماع رفيع المستوى المغرب–إسبانيا.. تجسيد جديد لمتانة الشراكة الثنائية (منتدى)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    هولندا.. محاكمة مغربي متهم بقتل شخص طعنا : انا مختل عقليا ولست ارهابيا    لفتيت ينفي تدخل الإدارة في انتخابات 2021 ويدعو إلى تخليق الحياة السياسية    هذا هو أصغر لاعب شطرنج مدرج في تصنيف الاتحاد الدولي للعبة    محكمة الاستئناف بمراكش تُنصف كاتب وملحن أغنية "إنتي باغية واحد"    "ورشات الأطلس" بمهرجان مراكش تعلن عن متوجي الدورة السابعة    مدير "يوروفيجن" يتوقع مقاطعة خمس دول للمسابقة بسبب مشاركة إسرائيل    بورصة البيضاء تنهي الأسبوع بارتفاع    تعيين أربعة مدراء جدد على رأس مطارات مراكش وطنجة وفاس وأكادير    اسم وهوية جديدان لمدرسة خليل جبران    "أمريكا أولا"… ترامب يعلن استراتيجية تركز على تعزيز الهيمنة في أمريكا اللاتينية وتحول عن التركيز عن آسيا    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    نتفلكس تقترب من أكبر صفقة لشراء استوديوهات وارنر وخدمة "HBO Max"    الحكومة تمدد وقف استيفاء رسوم استيراد الأبقار والجمال لضبط الأسعار    ميسي يثير الغموض مجددا بشأن مشاركته في كأس العالم 2026    خلال 20 عاما.. واشنطن تحذر من خطر "محو" الحضارة الأوروبية    ماكرون يصف الحكم على صحافي فرنسي في الجزائر بأنه "ظالم"    الغلوسي: مسؤولون فاسدون استغلوا مواقع القرار للسطو على أموال برنامج "مراكش الحاضرة المتجددة"    قصيدةٌ لِتاوْنات المعْشوقة.. على إيقاع الطّقْطُوقة!    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    سعر النحاس يقفز لمستوى قياسي وسط تفاؤل التوقعات ومخاوف الإمدادات    تقرير: واحد من كل ثلاثة فرنسيين مسلمين يقول إنه يعاني من التمييز    مونديال 2026.. أنظار العالم تتجه نحو واشنطن لمتابعة عملية سحب القرعة        أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    استقرار أسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأمريكية    كيوسك الجمعة | 72% من المغاربة يتصدقون بأموالهم لفائدة الجمعيات أو للأشخاص المحتاجين    "المثمر" يواكب الزيتون بمكناس .. والمنصات التطبيقية تزيد مردودية الجَني    لمياء الزايدي .. الصوت الذي يأسر القلوب ويخطف الأنفاس    مبادرة "Be Proactive" تعزّز الوقاية من حساسية الأسنان في عيادات المغرب    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    نصائح صحية: هذه الأغذية تهددك ب"النقرس"!    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"كورونا" فيروس التحول الاقتصادي والاجتماعي
نشر في هسبريس يوم 04 - 04 - 2020

تعيش الكرة الأرضية إحدى المراحل الأكثر دقة وخطورة في تاريخها، فنحن نواجه أزمة وبائية فتاكة تودي بحياة الآلاف بكل دول العالم، كما نواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة تؤسس لمرحلة من الكساد(dépression) ، قد تكون الأكبر في تاريخ اقتصاد ما بعد اختراع المحرك البخاري. وعالمنا يعيش اليوم تحولات عميقة على كافة المستويات من شأنها إعادة تشكيل الخريطة السياسية والمؤسساتية العالمية والتحول بنا إلى نظام اقتصادي عالمي جديد.
والمغرب سيكون في صلب هذا التحول، وذلك معناه أن مغرب ما قبل كورونا لن يشبه مغرب ما بعد الجائحة، فقد تبين أن مصيرنا الاقتصادي والاجتماعي بين أيدينا، وأن مفهوم "الدولة المتدخلة" (l'État interventionniste) هو الحل لتفادي الأزمات وتحقيق التعبئة الوطنية الشاملة، وهذا حال الدول الأخرى كإيطاليا وفرنسا وأمريكا، وهنا استعملت لفظ الدول الأخرى وليس العظمى، وذلك راجع لكون العالم سيعرف كذلك تحولات في تصنيفات الدول وقدراتها، وقد تكون كورونا مسؤولة عن توزيع جديد لدول العالم بعيدا عن التوزيع الكلاسيكي المرتبط بمفهوم الدول المتقدمة ودول العالم الثالث.
أزمة وبائية بانعكاسات اقتصادية:
يعرف العالم حالة من التوقف الاقتصادي (standby économique) تدابير الحجر الصحي الجماعي الذي اتخذته جل دول العالم من أجل محاربة الفيروس، وهذا التوقف ينعكس بشكل كبير على الاقتصاد العالمي الذي يجد نفسه في الطريق إلى كساد غير مسبوق منذ أزمة 1929 وحالة تراجع اقتصادي عالمي هي الأخطر منذ اعتماد منظومة(bretton woods) بريتون وودس عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية. فمثلا يتوقع أن تعرف أمريكا انكماشا(récession) اقتصاديا يفوق 3.3% سنة 2020 وأن تخسر حوالي 3.28 مليون منصب شغل وهو رقم يفوق بخمس مرات ما خسرته أمريكا من مناصب خلال أزمة 2008(crise des subprimes) ، ويرتقب أن تشهد دول الاتحاد الأوروبي حالات انكماش تصل إلى 6% في فرنسا و 5 % في ألمانيا والحال يمكن أن يكون أكثر خطورة في إيطاليا وإسبانيا. وسيعرف جزء كبير من دول العالم الظاهرة الاقتصادية المعروفة بالرُّكود التضخُّميّ(Stagflation)، وهي حالة نمو (croissance) اقتصادي ضعيف وبطالة(chômage) عالية، يرافقه تضخم(inflation) مرتفع.
إن هذه المعطيات تمنح الاقتصاديين حق وصف وباء كورونا ب "الصدمة الاقتصادية الكبرى"، خاصة وأن العالم يتجه نحو ركود طويل الأمد في حالة ما طالت التدابير الوقائية الخاصة بالجائحة، وهذا التوجه مطروح بشكل كبير خاصة بأمريكا وكندا وإسبانيا مما سيصعب مهمة الدول في التعافي السريع(Fast recovery) .
وفي المغرب، يمكن التكهن بنفس سيناريو الاقتصاديات العالمية لسببين رئيسيين مرتبطين بدرجة انفتاح الاقتصاد الوطني على العالم والتي تتجاوز 80%، وثانيا بدرجة التوقف الاقتصادي ببلادنا خاصة على مستويات قطاعات السياحة والتجارة والخدمات والصناعة والفلاحة دون إغفال حالة الجفاف التي تمر منها البلاد. لكن الترابط (corrélation) بين مدة الطوارئ الصحية ومردودية الاقتصاد الوطني تبقى كبيرة حيث كلما زادت هذه المدة كلما اقتربنا من سيناريو الانكماش والعكس صحيح. وفي العموم يمكن توقع نسبة نمو 1 الى 1.2% كنسبة نمو في أكثر السيناريوهات تفاؤلا ونسبة انكماش قد تصل إلى مستويات تفوق 6% في أكثر السيناريوهات تشاؤما.
لذلك فالتعافي السريع للاقتصاد الوطني والعالمي مرتبط بمدة الأزمة ومدى قدرة الدول على الصمود أمام الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالجائحة، لأن أسوأ ما يمكن أن يقع هو أن تنهار قوى الدول وقدرتها على التفاعل السريع مع الأزمات الفرعية للجائحة.
ويجب على دول العالم العمل على وضع إجراءات تقنية متقدمة لضمان تعافي الأسواق، وهنا نوصي بضرورة توقيف التداولات لمدة 60 يوما والعمل على تقسيم الأسهم(Stock split) ذات القيمة الكبيرة لتسهيل تداولها والاكتفاء بمكافحة الخطر(Risk premium) في السندات السيادية المنخفضة التصنيف الائتماني في درجة الاستثمار(Investment grade) وكل السندات الفاسدة(Junk bonds) .
النظام الاقتصادي العالمي الجديد:
ستساهم جائحة كورونا في تسريع مسار اعتماد نظام اقتصادي عالم جديد، لكن لا يجب التسرع في القول إن منظومة العولمة ستنتهي أو تتقلص، لأن ما يحكم وجودها هو المصالح التجارية والمالية. ويصعب التكهن أن هذه المصالح ستزول لأن هناك دائما دول قادرة على الانتاج ودول تستورد أو دول تملك هذه الخصائص معا. لكن يمكن أن تظهر معالم جديدة للسياسات الحمائية أو لتطوير الصناعات الوطنية السيادية كصناعة الأدوية والأسلحة، وفي المقابل ستتمدد العولمة للتقنيات الحديثة المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة كالذكاء الاصطناعي والروبوت والتكنولوجيات العالية الدقة.
إن النظام الاقتصادي العالمي الجديد سيكون ثنائي القطبية، نظام ستتقاسم فيه أمريكا والصين العالم التجاري والمالي، مع بروز تغيرات مؤسساتية عديدة سيكون من أبرز تجلياتها انتهاء صلاحيات مؤسسات(bretton woods) بريتون وودس. فالعالم اليوم لن يحتاج للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بقدر ما سيحتاج ل "بنوك دولية للقيم" لا تقتصر مهامها في تقديم القروض بقدر ما تساهم في تقديم الأفكار التنموية وتقوية الأجندات الاقتصادية والاجتماعية للدول.
وهذه التحولات التي يمكن أن يقبل عليها العالم، تشكل رهانات وتحديات بالغة الأهمية لمستقبل الأمة المغربية، لذلك فالنموذج التنموي الجديد ينبغي أن يبنى على أسس تهم تقوية المناعة (Résilience) الاقتصادية والاجتماعية الوطنية، وفق منهج يجعل من التعليم والصحة رافعة التنمية ومحرك انبثاق مغرب ذكي ومنتج وآمن صحيا لأبنائه. وينبغي كذلك إعادة النظر في فلسفة تدبيرنا للفقر، حيث أن أزمة كورونا أبانت عن نقص كبير في هذا المجال، وهذه فرصتنا لبناء دولة اجتماعية قوية إزاء كل الصدمات الاقتصادية والكوارث الوبائية أو الطبيعية.
إن التحول التنموي ببلادنا، يجب أن يضع الإنسان في طليعة اهتماماته، والسعي نحو صناعة الاستقرار بشكل متقدم ورصين، فمن حق المغاربة أن يكون مستقبلهم التنموي مبنيا على توجهات اجتماعية عميقة ومستدامة، لأن دولة الاستقرار وخلق الثروة في سياقنا المغربي، لن يكون لها وجود دون اعتماد مبادئ "دولة الرفاهية"(État Providence) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.