سلط العدوان الإسرائيلي على إيران مؤخرا، والذي دام ستة أيام، الأضواء والاهتمام على البرنامج النووي الإسرائيلي، حيث برر الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الهجومات العسكرية بالحاجة إلى منع طهران من صناعة أسلحة نووية . ومن المعلوم أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ظلت تاريخيا، ولعقود طويلة، تنفي أو تؤكد امتلاكها لأسلحة نووية، ولم تعترف إسرائيل رسميا بامتلاكها للسلاح النووي، لكن المصادر المؤكدة تشير إلى أن إسرائيل حازت على السلاح النووي منذ سنة 1960 وذلك بمساعدة فرنسا، وأن مصنع "ديمونا" المختص في السلاح النووي أصبح جاهزا بين سنتي 1965 و 1966 مع الإشارة من مصادر موثوقة أن إسرائيل قامت بتفجير نووي فعلي منذ 1966- 1967 ( تلاه بعد ذلك عدوان يونيو 1967 على عدة بلدان عربية، والشهير باسم حرب الأيام الستة ولدى العرب بالنكسة، حيث توسعت المساحات المحتلة بعد إعلان تأسيس إسرائيل طبقا لوعد بلفور. ومن المعلوم أن إسرائيل لم تؤكد ولم تنف علنيا ورسميا امتلاكها للسلاح النووي، وبالرغم من ذلك تؤكد مصادر مختصة أن إسرائيل تتوفر فعليا على السلاح النووي منذ 1966-1967 وبفضل ذلك لم تتردد إسرائيل في شن عدوانها على عدة دول عربية مجاورة لفلسطينالمحتلة منذ 1948 رسميا، وحسب مصادر دولية مختصة تعتبر إسرائيل الدولة التاسعة الحاصلة على السلاح النووي، رغم عدم تصريحها رسميا وعلنيا بذلك، وتشير مصادر أخرى موثوقة إلى أن إسرائيل توفرت فعليا على السلاح النووي منذ سنة 1950 في حين تشير مصادر أخرى مختصة إلى أن مسلسل التسلح النووي الإسرائيلي انطلق جغرافيا في منطقة ديمونا سنة 1955 . وقد قامت فرنسا بمهام كبيرة وحاسمة في ولوج إسرائيل نادي مالكي السلاح النووي من خلال توفير دعم تقني وبناء المفاعل النووي في ديمونا. والتزمت إسرائيل الصمت والتمويه على قدراتها النووية مما مكنها من تجنب ضغوط ذات صلة. كما كشف كتاب عن السيرة الذاتية لشمعون بيريز أن إسرائيل وفرنسا أبرمتا ، في منتصف القرن العشرين اتفاقا سريا للتعاون في إنتاج قنبلة نووية. وصرح المؤرخ الإسرائيلي ميخائيل بارزوهار مؤلف الكتاب، بأنه حصل على معلوماته من وثائق أفرجت عنها الحكومتان الإسرائيلية والفرنسية. ويعتبر شيمون بيريز مهندس برنامج التسلح النووي الإسرائيلي، ويكشف الكتاب عن دوره في شراء أسلحة سرا والحصول على مساعدة فرنسا في تشييد مفاعل ديمونة بصحراء النقب. وهو منشأة نووية إسرائيلية تقع في صحراء النقب، على بعد حوالي ثلاثة عشر كيلومترًا جنوب شرق مدينة ديمونة. وفي شهر غشت 2018، تمت إعادة تسمية مركز الأبحاث النووية في النقب، المعروف أيضًا باسم مفاعل ديمونا، ليصبح مركز شمعون بيريز للأبحاث النووية في النقب. وافتضح النشاط النووي بفضل مواطن إسرائيلي من أصل مغربي يسمى مردخاي فعنونو حيث كشف عن برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي لوسائل الإعلام، حيث كان يعمل فنيًا نوويًا في مفاعل ديمونا وقام بتسريب معلومات وصور حول البرنامج إلى صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية عام 1986. وبعد الكشف عن هذه المعلومات، تم اختطافه، في شتنبر 1986، من قبل المخابرات الإسرائيلية (الموساد) في مدينة روما بإيطاليا، ونُقل سريا ( في حقيبة دبلوماسية) إلى إسرائيل حيث حوكم وسجن لمدة 18 عامًا.و في شهر مايو 2010 القي القبض على فعنونو مرة أخرى وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر بتهمة أنه التقى بأجانب في انتهاك لشروط إطلاق سراحه من السجن في عام 2004. و كان مردخاي فعنونو Mordechai Vanunu يعمل كخبير فني نووي في مفاعل ديمونا قبل أن يفشي معلومات عن البرنامج النووي الإسرائيلي لصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية سنة 1986. وفي شهر يوليوز 2007 أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً صحفياً في ورد فيه أن "المنظمة تعتبر مردخاي فعنونو سجين رأي ودعت إلى الإفراج عنه فوراً ودون قيد أو شرط". وقد دفع هذا الرجل حريته ثمناً لكشفه تلك التفاصيل، وقضى ما يقارب من عقدين من الزمن خلف القضبان. تبقى "إسرائيل" الاستثناء الأخطر. دولة تمتلك ترسانة نووية سرية، دون أن تكون موقّعة على معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، أو أي اتفاقٍ آخر يُلزمها بالشفافية أو الرقابة الدولية. إننا نتحدّث عن كيانٍ نووي غير مُعلن، يحظى بدعم غربي مطلق، ويتصرّف خارج حدود المحاسبة، وكأنّ القانون خُلق لغيره. ومما يجدر التذكير به، مرة أخرى، أن إسرائيل لم تعترف علانية بامتلاكها السلاح النووي، ولم توقّع، تبعا لذلك، على معاهدة حظر الانتشار النووي، ولم تفتح منشآتها النووية للتفتيش، في مخالفة صريحة للمعايير التي يُحاسَب عليها غيرها بشدة لاسيما دولة إيران وهذا اختلال فظيع في المساواة بين البلدان أمام القانون الدولي الذي تشرف عليه الأممالمتحدة. إن إسرائيل تمتلك ترسانة من القنابل والرؤوس النووية، إضافة إلى ما تمتلكه من أسلحة الدمار الشامل الكيماوي والبيولوجي. لكنها لا تخضع لضوابط القانون الدولي ذي الصلة على كل المستويات والتخصصات، وبذلك فإنها تشكل خطرا داهما ليس على منطقة الشرق الأوسط فقط بل على جميع بقاع العالم وعلى سلامة المجتمع الدولي قاطبة. إن الأخطر هو انخراط الولاياتالمتحدةالأمريكية، البشع، في دعم اعتداءات إسرائيل على دول منطقة الشرق الأوسط التي تتعرض لابتزاز علني مفضوح، ولتحقير للقانون الدولي ولقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة بالمنطقة وعلى رأسها ضمان وتفعيل حقوق الشعب الفلسطيني المنصوص عليها في عشرات القرارات الصادرة الأممالمتحدة لتمتيع شعب فلسطين من حقوقه كاملة بإنشاء دولته وفق مقتضيات القرارات الصادرة عن الأممالمتحدة على امتداد 80 سنة.