وسيط المملكة تلقى أكثر من 13 ألف تظلم وشكاية خلال 2022 و2023    البلاوي: التحديات الوطنية والدولية تتطلب من فضاء النيابة العامة التأهيل على مستوى الممارسة القضائية    النفط يستعيد توازنه بدعم من انتعاش الاقتصاد الأمريكي    القضاء الفرنسي يأمر بالإفراج عن اللبناني جورج عبدالله بعد 40 عاما في السجن    حصيلة القتلى جراء أعمال العنف في جنوب سوريا تجاوزت 500 قتيل    الأهلي يتعاقد مع اللاعب المغربي أيوب عمراوي ل 3 مواسم    بيلينغهام يغيب حوالي ثلاثة أشهر عن ريال مدريد بعد جراحة ناجحة في الكتف    اللبؤات في مواجهة مصيرية أمام مالي لحجز بطاقة نصف نهائي "كان السيدات"    النازيون الجدد يؤججون الشغب العنصري ضد المغاربة في تورّي باتشيكو بإسبانيا    مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون بإحداث وتنظيم مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لقضاة وموظفي السلطة القضائية    بورصة الدار البيضاء تغلق على وقع الارتفاع        رئيس الحكومة وسؤال السنة المرجعية وصدقية الحصيلة الاقتصادية والاجتماعية (12)    المحكمة تواجه الناصيري وبعيوي مع اليد اليمنى لإسكوبار الصحراء    موقع "الأول" يتوج بجائزة الصحافة البرلمانية لسنة 2025    فرنسا تُنهي تواجدها العسكري في السنغال بعد 65 عاما    الرجاء يحصّن عرينه بخالد أكبيري علوي    قيادة الأصالة والمعاصرة تستقبل جاكوب زوما    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    مصرع سائق دراجة نارية في حادث سير قرب سوق السمك بطنجة    شاب مغربي يضرم النار في صديقته القاصر بلاس بالماس    إقليم زاكورة يستعد لاحتضان الدورة ال4 للملتقى السنوي للجالية المغربية بالخارج    تزنيت تحتضن ندوة وطنية حول المجوهرات المغربية: تثمين التراث ومواكبة تحديات التحديث والتسويق الدولي    هل سيحمي الإسبان دستورهم؟    صناعة السيارات: تدشين توسعة مصنع 'ستيلانتيس' بالقنيطرة    من الزغاريد إلى الزجر.. زفاف مغربي يُربك المرور في بلجيكا    الذكاء الاصطناعي يساعد على تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة لدى الأطفال    رئيس سوريا يكشف عن وساطات أوقفت ضربات إسرائيل على بلاده    المغرب، بقيادة جلالة الملك، يؤكد مكانته كقوة اقتصادية صاعدة (رئيس البنك الإفريقي للتنمية)    وفاة صالح الباشا تحزن الأوساط الفنية    دراسة تكشف أكبر فجوات الأجور في تسع دول غربية متقدمة    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    مسؤول فلسطيني يشيد بالدعم الدائم للمغرب بقيادة جلالة الملك للقضية الفلسطينية    لفضحها الإبادة.. منظمة مغربية تدعم ترشيح ألبانيز لجائزة نوبل للسلام    رحيل الأسطورة أحمد فرس.. والملك محمد السادس ينعي "أحد النجوم الكبار" لكرة القدم المغربية    تحذيرات من تسونامي بعد زلزال قوي يضرب ألاسكا وزلزال متزامن يهز الفلبين        بينما تحتفل الجزائر بالتوقيع .. آسيان تشيد بحكمة جلالة الملك    وفاة شاب في حادث داخل قاعة للرياضة بأزمور أثناء حصة تدريبية    تاحيف يتعاقد مع أم صلال القطري    مهرجان الشواطئ ينطلق من المضيق    المدافع معالي ينتقل إلى نادي الزمالك    تهنئة : سكينة القريشي تحصل على شهادة الدكتوراه في الإقتصاد والتدبير بميزة مشرف جدا    لجنة التعليم والثقافة والاتصال تباشر مناقشة تفاصيل مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    ماذا لو كان للشعب قادة؟؟؟    الدورة الثانية لمهرجان العيطة المرساوية تنطلق عبر ثلاث محطات فنية بجهة الدار البيضاء سطات    المساعدات الدولية للبلدان الفقيرة في مجال الصحة قد تسجل أدنى مستوياتها منذ 15 عاما    كلمة .. وسعوا النوافذ ..ففي البدء كانت الكلمة...    هل تكتب أو تنشر أو ترسم للأطفال؟..الجائزة الدولية لأدب الطفل ترحّب بالمواهب المغربية والعربية.    مسلسل "سيفيرانس" يتصدر السباق إلى جوائز إيمي بنيله 27 ترشيحا    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمال النظافة يتحدون كورونا!
نشر في هسبريس يوم 05 - 04 - 2020

بقدر ما استطاع فيروس كورونا المستجد أو "كوفيد -19" هذا الكائن الصغير الحجم المتعدد الأضرار والذي لا يرى بالعين المجردة، أن يزلزل الأرض من تحت أقدام الكبار والصغار، يثير الهلع والرعب ويحصد آلاف الأرواح من مختلف الأعمار في جميع بقاع الأرض، وأن يوحد العالم ويشحذ همم وعزائم الأطباء والعلماء الذين مازالوا يواصلون البحث عن سبل التصدي له وتدميره، باعتباره خطرا داهما وعدوا مشتركا للإنسانية جمعاء.
بقدر ما ساهم في إحياء ثقافة التكافل والتضامن التي تستمد قيمها النبيلة من تعاليم ديننا وتقاليد وأعراف مجتمعنا، وجعل الشعب المغربي الأبي يهب بكل ما أوتي من قوة ورباطة جأش، لمواجهته والدفاع عن صحة وسلامة أبنائه...
وإذا كانت جهود السلطات المغربية المتمثلة في القيام بمجموعة من التدابير الاستباقية والوقائية، وما رافقها من مبادرة ملكية سامية في التعجيل بإحداث صندوق خاص بتدبير ومواجهة الجائحة، قد لقيت استحسانا وتثمينا كبيرين من قبل المواطنين المغاربة والأجانب والعالم أجمع. وأن الأطقم الطبية من أطباء وممرضين وتقنيين، وأجهزة الأمن وأعوان السلطة، والأطر التعليمية من أساتذة وإداريين، نالوا بدورهم حظهم الوافر من العرفان المعنوي في منصات التواصل الاجتماعي وداخل البيوت بين الأسر والعائلات، لما يكرسونه من أعمال جليلة لخدمة الصالح العام كل في دائرته ومن موقعه. فإن هناك فئات مجتمعية أخرى لم تسلط عليها الأضواء بالشكل الكافي، علما أن دورها في هذه المعركة الحاسمة لا يقل أهمية عن باقي "الجنود" الآخرين، ويأتي في طليعتهم عمال النظافة في القطاعين العام والخاص من الجنسين، شبابا وكهولا.
وهؤلاء العمال ليسوا سوى فئة من أبناء هذا الوطن، الذين عاكستهم ظروف الحياة لأسباب مختلفة وضاقت بهم السبل، فوجدوا أنفسهم مضطرين إلى الانخراط في هذا العمل الشريف، بحثا لأنفسهم وأبنائهم وعائلاتهم عن لقمة عيش نظيفة من بين القاذورات والنفايات، غير مبالين بنظرات الازدراء والاحتقار التي تطوقهم في مناطق عملهم بالمؤسسات العامة والخاصة وبالشوارع والأزقة، سواء من قبل المسؤولين أو بعض المواطنين. هم "جنود" غير مسموح لهم بترك مواقعهم عدا بعد نهاية أوقات مداومتهم، وإلا لعرفت احتلالا كاسحا من الأكياس البلاستيكية المحملة بالأزبال والقاذورات، وانتشارا قويا للحشرات والروائح الكريهة، التي من شأنها تحويل حياة السكان إلى جحيم لا يطاق، فضلا عما قد يتهدد صحتهم وسلامتهم من مخاطر متعددة ومتنوعة.
هم فئة من المواطنين آمنوا بربهم وقدرهم، يعملون بخشوع وبلا ضجيج، تتصبب جباههم عرقا صيفا وشتاء، لا يستسلمون لتقلبات الطقس عند ارتفاع درجات الحرارة أو أثناء انخفاضها، كما لا يولون كبير اهتمام لما يلاقونه من جحود وغبن ونظرة دونية. وعلى الرغم من أنهم يقعون في أدنى السلم الاجتماعي، حيث أن رواتبهم لا تتعدى الحد الأدنى للأجور، فإنهم يواجهون واقعهم البئيس بثبات، آملين أن يأتي يوم تصان فيه كرامتهم وتتحقق العدالة الاجتماعية. فهم آخر من يهتم الناس والدولة بشؤونهم، أمام ما يقدمونه من خدمات كبيرة في تنظيف المدن ودروبها وشوارعها ومؤسساتها العامة والخاصة. فكيف ل"2000" درهم شهريا أن تكفيهم في تغطية واجبات الإيجار وفواتير الماء والكهرباء ومصاريف النقل والتغذية والتطبيب... لاسيما أنهم كثيرا ما يصابون بأمراض جلدية وغيرها، بسبب العمل بين تأثير الروائح القذرة ولسعات البعوض والحشرات؟
ومما زاد من معاناة هؤلاء "الشغالين" في هذه الظروف الصعبة التي تستلزم المزيد من اليقظة والتعبئة والحفاظ على نظافة الإنسان والبيئة، أنهم في الوقت الذي يعيش فيه بقية المواطنين حالة من القلق والتوجس خوفا من الإصابة بلعنة "كوفيد -19" اللئيم، منكمشين في بيوتهم التزاما بقواعد النظافة والسلامة الصحية، فرض عليهم البقاء في الواجهة ومواصلة أشغالهم. إذ يغادرون بيوتهم مع خيوط الفجر الأولى باتجاه مواقعهم، لا سلاح لهم يقيهم شر الوباء عدا ملابسهم المعتادة، أضيف إليها كمامات وقفازات يجهلون مدى قدرتها على حمايتهم من لدغات الفيروس القاتلة. منهم من يجر عربته المحملة بأدواته التقليدية البسيطة نحو المواقع المحددة له سلفا لتنظيفها، ومنهم من يعمل في شاحنات كبيرة بعضها مهترئة وتبعث على التقزز والغثيان، مخصصة لجمع النفايات من أمام المنازل وإفراغ الحاويات المليئة بالقاذورات، والسهر على تنظيفها ومحيطها من مخلفات النفايات التي يقذف بها المواطنون كيفما اتفق، دون أدنى مراعاة لما يمكن أن يترتب عن ذلك من مخاطر على هؤلاء المستضعفين في نقل عدوى الوباء إلى بيوتهم.
إننا إذ نرفع القبعة احتراما وتقديرا لهذه الفئة من العمال المهضومة حقوقهم، على ما يقدمونه من تضحيات جسام في سبيل تطهير أزقتنا وأحيائنا وشوارعنا وتنظيف مؤسساتنا ومدننا والحفاظ على بيئتنا، خاصة في هذه الفترة الحرجة التي يطاردنا فيها فيروس كورونا، فمن غير المنصف التمادي في غض الطرف عن أحوالهم المتردية، التي لن يجدي الكشف عنها نفعا ما لم يكن مقرونا بالانكباب على تسوية أوضاعهم فور الانتصار على الجائحة، إذ لا يعقل أن يظلوا عرضة للمزيد من التهميش والتجاهل. فالآلاف من حملة المكانس يعملون دون حماية قانونية ولا إدراية ولا تغطية صحية، مقصيين من الترسيم في القطاع الخاص أو الإدماج في الوظيفة العمومية، ولا يتمتعون برواتب محترمة ولا بشروط عمل مناسبة من حيث الملابس اللائقة والوقاية من الأخطار والأمراض المعدية، على غرار نظرائهم في سائر الدول الغربية...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.