بين إلزامية مشاركة اللاعبين الممارسين داخل الدوري الاحترافي حتى نهاية الموسم الرياضي، أو امتلاكهم خيار تجميد مشاركتهم في تدريبات ومباريات الأندية بعد تاريخ ال30 من يونيو الماضي؛ اختلفت تفسيرات توصيات الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، التي حاولت وضع ضوابط معينة لتدبير مرحلة غير مسبوقة، هددت كرة القدم العالمية ومعها الأندية ب"السكتة القلبية". وفي الوقت الذي شددت فيه جامعة كرة القدم المغربية، بطرق غير رسمية وعبر تصريحات متفرقة لمسؤوليها، على حتمية إتمام اللاعبين المنتهية عقودهم في ال30 من يونيو الماضي للموسم الكروي، بذريعة وجود بنود في العقد النموذجي ترتكز على قانون التربية البدنية 30.09؛ يرى في مقابل ذلك لاعبون ووكلاء لاعبين العكس، معتبرين أن العقد الذي يجمع بعض اللاعبين بأنديتهم ينتهي في وقت محدد، ولا علاقة لتمديد الدوري بالاستمرار مع الفريق نفسه، خاصة وأن جامعة الكرة لم تستشرهم في ذلك، ولم تصدر أي دورية في الموضوع تبرر توجهها. ماذا قالت "فيفا"؟ شدد الاتحاد الدولي من خلال دوريته الموجهة إلى جميع الاتحادات الكروية بتاريخ 11 يونيو الماضي، على مراعاة الوضع غير المسبوق الذي يمر منه العالم وكرة القدم، واستحضار مصلحة الأندية واللاعبين وكذا المدربين، في تدبير المسائل التعاقدية بين الأطراف الثلاثة، من أجل إنجاح مرحلة العودة إلى الحياة الطبيعية لكرة القدم، والخروج من أزمة "كوفيد-19" بأقل الأضرار. واكتفت "فيفا" في غالبية النقاط المدرجة في حيز الإجابة عن الأسئلة الأكثر طرحا، باستعمال كلمة "توصيات"، معتبرة في الآن ذاته أن كل العقود المبرمة بين الأندية واللاعبين والمدربين، تتم مناقشتهما حسب التشريعات المحلية وعقود العمل داخل كل اتحاد على حدة، ما يعني أن "العقد شريعة المتعاقدين"، وأن الاتحاد الدولي لا يفرض بل يوصي بتمديد العقود إلى حين انتهاء الدوريات المحلية. وأوصت "فيفا" بإتمام الأندية للدوريات بنفس تركيباتها البشرية، حتى لا تتأثر عند موعد استئناف الدوري، وحذرت كذلك اللاعبين من فترة "عطالة" طويلة في حال مغادرة أنديتهم قبل نهاية المنافسات المحلية، إذ سيكونون ملزمين بانتظار فتح باب التعاقدات مجددا، وانطلاق الموسم الكروي الجديد للعودة إلى مداعبة الكرة. وأشارت "فيفا"، في الدورية ذاتها، إلى أن من حق الأندية واللاعبين رفض مناقشة فكرة تمديد العقود (المنتهية). الجامعة تُصِرّ على التمديد! أوضح حسن الفيلالي، رئيس لجنة القوانين والأنظمة بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في تواصل مع "هسبورت"، أن اللاعبين الذين يزاولون داخل الدوري المغربي الاحترافي، ملزمون بالاستمرار داخل أنديتهم إلى حين انتهاء الدوري في يوم 13 شتنبر المقبل، بالنسبة إلى القسم الوطني الأول. وأشار الفيلالي إلى أن توصيات الاتحاد الدولي لكرة القدم كانت واضحة، وناقشها شخصيا مع رئيس لجنة الاستئناف ورئيس لجنة النزاعات و5 قضاة، مؤكدا أن "العقد النموذجي" يشير في بند "مدة العقد" إلى أن نهاية الدوري تكون في 30 يونيو وتتم إضافة، "..أول وآخر مباراة في الدوري". وأكد المتحدث ذاته أن "فيفا" أصدرت توجيهات أسقطتها جامعة الكرة على المنافسات المحلية وفق النصوص القانونية، مشيرا في الآن ذاته إلى أن لجان النزاعات ستفصل في أي إشكال يهم علاقة اللاعبين والأندية بخصوص هذه النقطة. تفاصيل قانون 30.09 والعقد النموذجي يشير قانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة في المادة 14، إلى أن "العقد يكون محدد المدة ويبرم لمدة دنيا، تبتدئ من تاريخ دخوله حيز التنفيذ إلى حين نهاية الموسم الرياضي، الذي تم خلاله توقيع العقد ولمدة أقصاها خمس سنوات". من جهته، يشير قرار وزير الرياضة المنشور في الجريدة الرسمية بسن العقود الرياضية النموذجية، إلى مدة العقد عبر المادة الثالثة بما يلي: "يبرم هذا العقد لمدة محدودة طبقا لأحكام المادة 14 من القانون السالف الذكر رقم 30.09، ولا يمكن أن تتجاوز هذه المدة 5 سنوات". وجاء في المادة أيضا: "ويبرم هذا العقد لمدة... سنوات ويسري على المواسم الرياضية... ويبتدئ سريان هذا العقد بالتحديد من... وينتهي بتاريخ..."، إذ ربطت هذه الفقرة العقد بالمواسم الرياضية، لكنها حددته في الآن ذاته في تاريخ معين. واطلعت "هسبورت" على بعض العقود الرسمية التي تجمع لاعبي وأندية الدوري المغربي المصادق عليها من طرف جامعة كرة القدم، إذ تمت الإشارة في بند "مدة العقد" حرفيا إلى ما يلي: "ينتهي العقد في 30 يونيو، وفي حالة إجراء مباراة رسمية في الدوري بعد 30 من يونيو، فإن العقد ينتهي بعد إجراء هذه المباراة". مضمون النص في العقود الجاري بها العمل يتعارض مع ما أكده حسن الفيلالي، حول انتهاء العقد مع آخر مباراة في الدوري، خاصة وأن بند "مدة العقد" لم يشر بالتحديد إلى عدد المباريات الممكن خوضها بعد تاريخ ال30 من يونيو، الشيء الذي يترك المجال مفتوحا لوجود قراءات مختلفة. اللاعبون "فريسة" الغموض أعرب عدد من لاعبي الدوري المغربي في تواصلهم مع "هسبورت"، عن امتعاضهم جراء ضبابية المشهد في ما يخص وضعيتهم القانونية في الأندية التي يزاولون داخلها، خاصة وأن جامعة كرة القدم لم تصدر أي بلاغ رسمي أو توجيه يوضح للاعبين المراحل الواجب سلكها في هذا الموسم الاستثنائي. وأشار بعض لاعبي الدوري، الذين طلبوا عدم إدراج أسمائهم، إلى أن وضعيتهم القانونية لا تزال مبهمة، رغم الاستماع إلى بعض التصريحات من مسؤولين بجامعة كرة القدم عبر وسائل إعلام وطنية، مؤكدين في الآن ذاته أن عددا كبيرا من اللاعبين في دوريات مختلفة، غادروا أنديتهم بعد ال30 من يونيو بشكل عاد رغم استئناف المنافسات. وانتقد اللاعبون ضعف التواصل معهم عبر جامعة كرة القدم أو العصبة الاحترافية، علما أن محمد الناهيري، لاعب الوداد الرياضي، رفض إتمام الموسم الكروي مع فريقه، بداعي أن العقد الذي يجمعه ب"الفريق الأحمر" انتهى. أي دور لوكلاء اللاعبين؟ انتقد ياسين شادي، وكيل لاعبين معتمد، بقوة، حالة "الصمت" التي تسيطر على المشهد الكروي في المغرب، بخصوص تفاعل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مع توصيات الاتحاد الدولي للعبة، مضيفا أن جامعة الكرة تدعو اللاعبين إلى الاستمرار رفقة أنديتهم بالرغم من انتهاء عقودهم في ال30 من يونيو الماضي. واعتبر الوكيل المعروف على الساحتين المغربية والعربية، أن على الأندية تمديد عقود لاعبيها بشكل رسمي، يضمن لهم حقوقهم ومستحقاتهم، وتحميهم في حال التعرض لإصابات خطرة قد تؤثر على بقية مسارهم في ميدان كرة القدم. وأعطى المتحدث ذاته أمثلة كثيرة للاعبين في دوريات مختلفة، غادروا أنديتهم مباشرة بعد نهاية التواريخ المحددة في العقود، أو تم التفاوض معهم من أجل التمديد لشهرين أو ثلاثة أشهر، معتبرا إلزام اللاعبين في الدوري المغربي بإتمام الدوري دون حمايتهم من الجانب القانوني والمادي، أمر غير مفهوم ويستدعي تدخلا عاجلا.