دونما قدرة على تجاوز الطابع البروتوكولي، بقيت تهاني الأعياد المتوالية بين ثلاثي الجوار (المغرب - الجزائر - موريتانيا) مجرد "مجاملات" في ظل التوتر الجاري بين مختلف الأطراف، وبروز المواقف القديمة خلال فترة "أزمة الكركرات". وتقاطرت التهاني بمناسبة عيد الاستقلال (18 نونبر) على المغرب، من جميع البلدان المجاورة، كما أصبحت عادة مقدسة في كل مناسبة وحين بين هذه الدول، دون أن تعكس واقع حال العلاقات، التي يغلب عليها التوتر الحاد، لأسباب تاريخية وجغرافية. وفي "عملية الكركارات"، وجد المغرب سندا من بلدان بعيدة، لكنه في المقابل واجه استنكارا جزائريا معلنا، مع دعم معلوم لتحركات جبهة البوليساريو؛ فيما اختارت موريتانيا ملازمة الحياد في الملف، رغم تضرر اقتصادها من إغلاق المعبر الحيوي. وانقلبت التهاني المتكررة إلى تذكير بالعداء التاريخي القائم بين هذه البلدان، ففي كل محطة أثير فيها اسم الجيران عاد ملف الصحراء ليطفو على سطح المناسبة، ويكرس مزيدا من عدم تصديق مشاعر الود التي تعبر عنها برقيات الجارة الشرقية كل مرة. محمد شقير، الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية، أورد أن المجال الدولي يكتنز أمورا كثيرة، من بينها المجاملات، خلال الأعياد الوطنية والدينية، مشيرا إلى أن الأمر مرتبط أكثر بما يجمع الدول، وليس الأشخاص القادة بعينهم. وأضاف شقير، في تصريح لجريدة هسبريس، أن المرتقب هو بقاء الرسائل والبروتوكول في قادم السنوات، رغم كل التوترات الجارية، مسجلا أنه لا علاقة لها عموما بالوضع السياسي، ولا التحولات الجارية حاليا في معبر الكركرات الجنوبي. وأوضح الباحث المغربي في مجال الدراسات التاريخية أن العمل الدبلوماسي الدولي يقتضي دائما التريث والاطلاع الجيد، خصوصا أن الرسائل والمجاملات قد تكون بابا للمفاوضات، أو تمهيدا لتواصل أو توتر مقبلين بين البلدان.