لأسباب بعيدة عن شؤون التربية وتجاذبات الوزارة، تعيش الجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي)، أكبر نقابة تعليمية مساندة لاحتجاجات الشغيلة، على وقع تقاطبات حادة، تختلط فيها التوجهات والاصطفافات بشأن فلسطين والتطبيع والأحزاب. وافترقت السبل بالوجوه النقابية، ليخط معارضون للقيادة الحالية بيانا يعتبرون فيه النقابة تمارس البيروقراطية وتستحضر الرهانات الحزبية في كل الخطوات، وهو ما تنفيه المركزية التي تستحضر التنوع داخلها وترفض التطبيع تحت غطاء الأمازيغية. سيطرة حزبية الطيب البوزياني، نائب المدير الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم بسوس ماسة (التوجه الديمقراطي)، أورد أن المشكل انطلق بنقاش قضايا الفروع النقابية، والمفاجأة هي إصرار المكتب الوطني على تسوية جميع ملفات المناطق التي يتواجد بها أعضاء حزب النهج الديمقراطي. لكن في المقابل، وحسب المصرح لجريدة هسبريس، الفروع الأخرى تقابل بالجمود التام، وبأساليب حصار تنطلق من قضايا إيديولوجية بعيدة عن المنطق النقابي، فمثلا النقابي عمر وزكان قاد معارك كبيرة في الجهة، ويحارب من المسؤولين، ولم ينل أي تضامن يذكر. وذلك بسبب ما تسميه النقابة زيارته لإسرائيل، في حين إن الأمر كان برعاية وزارة الخارجية، وجاء لدعم مغربية الصحراء، مسجلا أنه "ربح جميع القضايا التي رفعت ضده في المحاكم، دون أدنى التفاتة من نقابته التي تفتقد الاستقلالية"، يقول البوزياني. وأوضح المتحدث أن الاستقلالية والديمقراطية شرطان أساسان لنجاح العمل النقابي، مؤكدا أن باب الحوار دائما مغلق، في حين إن الجميع مصر على إنجاح التجربة مع المناضلين المستقلين شريطة عدم فرض الوصاية على رقاب الناس. وأشار البوزياني إلى أنه من المستحيل أن يتم فرض موقف يلزم العلاقات الدولية في كامل تشعباتها على نقابة قطاعية تلزم التعليم، مبديا استغرابه من حديث البعض عن التطبيع في وقت يمد يده على الدوام لمن يريد تقسيم البلاد (جبهة البوليساريو). مواقف عريقة عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم، لا يبدو متحمسا لطرح المعارضين، بقوله إن النقابة جماهيرية مفتوحة، موحدة ومستقلة عن كافة التنظيمات، لكن هذا لا يعني العداء لحزب أو جمعية كيفما كان التوجه. وأضاف الإدريسي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن ما يشاع عن تدخل حزب النهج الديمقراطي في التنظيم كذب وبهتان، فالنقابة تعقد مؤتمراتها وفق القانون، وما تنتهي إليه يسري على 82 مكتبا إقليميا، وعلى رأس القناعات الدائمة، تأتي التقدمية. وبالنسبة للقيادي النقابي، فالنقابة لا تعني فقط الانتقال والأجرة، بل لها مواقف عديدة، ومنها المساندة للإنسان الأمازيغي والأرض والهوية، والمطالبة بتدريس اللغة، لكن هذا لا يعني مساندة هذا المعطى ومحاربة القضايا الأخرى العادلة. وأكمل الإدريسي قائلا: "نحن مع فلسطين وكردستان، وجميع الشعوب المحتلة، ومتشبثون برفض إسرائيل والتطبيع"، مبديا ترحيبه بالجميع شريطة تقديم نقد ذاتي، وعدم اشتراط التطبيع والاعتزاز به، وزاد: "هذه مواقفنا ولا عنصرية بيننا".