رئيس وزراء قطر: الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة "إرهاب دولة"    إسرائيل: 11 قتيلا في أنفاق "حماس"    عجز في الميزانية بقيمة 54,1 مليار درهم متم شهر غشت    المغرب ينال اعترافا أمريكيا بمطابقة مصايده البحرية لمعايير حماية الثدييات    منظمات غير حكومية تحذر بجنيف من استمرار العبودية في مخيمات تندوف    في المؤتمر السادس لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بشفشاون .. إدريس لشكر: تواجدي بهذه القرية الجميلة هو رسالة تؤكد أن حزب الاتحاد الاشتراكي تلقى توجيهات جلالة الملك، وأنه حريص على التخاطب والحوار مع كل المواطنات والمواطنين في أماكن تواجدهم    انطلاق أشغال الاجتماع التحضيري للقمة العربية الطارئة في الدوحة بمشاركة المغرب    رابطة الكتبيين بالمغرب تحذر من خرق دفتر التحملات في كتب مدارس الريادة وتدعو لضمان حقوق المهنيين    وجهٌ يشبه فلسطين    حبُ بين برديَن    شركة SS Heliodor Australia تطلق أغنية "الهيبة" بصوت إيفا ماضي بالتعاون مع Universal Music MENA    وزير الصحة يجول بالمؤسسات الصحية بالناظور والدريوش لتقييم الخدمات وتفقد المستشفى الجديد    30 سنة سجناً لمغربي ببلجيكا قتل صديقته    رئيس الوزراء القطري: حان وقت محاسبة إسرائيل على جرائمها    اقتطاعات مفاجئة ورفع للرسوم.. حماة المستهلك يرفضون ممارسات مؤسسات بنكية    حادثة سير مروعة تودي بحياة أستاذ بأزيلال    المكتب الوطني للسكك الحديدية يعتمد مواقيت جديدة للقطارات بداية من الغد    إقصاء العدائين المغاربة فؤاد المسعودي، حفيظ رزقي وأنس الساعي في سباق 1500م    أندية الريف تجدد دعمها لعبد اللطيف العافية لولاية جديدة على رأس عصبة الشمال    غرق سفينة صيد موريتانية قبالة الرأس الأبيض وفقدان خمسة بحارة    نادي اتحاد طنجة لكرة اليد يجدد ثقته في خالد الفيل لقيادة الفريق للموسم الثاني    انتخاب ذ. محمد اعمو رئيسا للنادي الرياضي القصري لكرة اليد النسوية    الحسيمة.. البام ينتدب ممثليه في المؤتمر الوطني السادس لمنظمة شباب    تعثر انطلاق أسطول الصمود المغاربي من ميناء بنزرت نحو غزة    تفكيك شبكة احتيال على الراغبين في الهجرة بفاس    مدوّن عالمي يكشف عرضا سريا لدعم ديمبلي في سباق الكرة الذهبية    شباب المسيرة يجدد الثقة في المدرب التونسي فريد شوشان وعينه على تحقيق الصعود    عملية جراحية تبعد حدراف عن الجيش الملكي لثمانية أسابيع    تفعيل التعاون المغربي الموريتاني في مجال أمن الحدود ومكافحة التهديدات العابرة    تحقيق في فرنسا بحق رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي    إسرائيل تقتل العشرات في قطاع غزة    سقوط قتيل في انفجار حانة بالعاصمة الإسبانية    الدار البيضاء: تتويج الفرس 'كازا دي شامبو' بلقب النسخة الرابعة للجائزة الكبرى لإفريقيا 2025 لسباقات الخيول    صدور القانون الجديد للمسطرة الجنائية في الجريدةالرسمية ومهلة3 أشهر قبل دخوله حيز التطبيق    المهرجان الدولي لسينما الجبل بأوزود يحتفي بالاعلامي علي حسن    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    حماة المستهلك ينتقدون الزيادات المفاجئة في الرسوم البنكية    المغرب يحتل المرتبة 107 عالميا في مؤشر الديمقراطية    كوريا تؤكد أول حالة إصابة بأنفلونزا الطيور شديدة العدوى هذا العام    إسبانيا :الموسم السياسي ينطلق بانتعاشة واضحة للحزب الحاكم وتنامي الخطاب العنصري للأحزاب القومية    تفاؤل كبير لدى الفلاحين بسبب التساقطات المطرية خلال شتنبر    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    موريتانيا وإسبانيا.. نحو شراكات اقتصادية واعدة    تحضيرا للمونديال.. المغرب يطمح لاقتناء نحو 7000 حافلة صينية جديدة بحلول عام 2030، نصفها يعمل بالطاقة الكهربائية    الداخلة.. حجز 6,8 طن من الأسماك واعتقال 12 شخصاً: ملف جديد يسلّط الضوء على التهريب البحري    العدالة والتنمية بتطوان يطلق مجموعة من الأوراش السياسية وعلى رأسها ملف الانتخابات    منظمة الصحة العالمية تسجل ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بالكوليرا    دراسة : التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري    ابن الحسيمة الباحث عبد الجليل حمدي ينال شهادة الدكتوراه في الكيمياء العضوية    ارتفاع حالات الكوليرا حول العالم        سفير المغرب يفتتح معرض الفن العربي بواشنطن بدعم مغربي    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأطفال المتخلى عنهم .. ضحايا أمهات ومجتمع ينبش في الجذور
نشر في هسبريس يوم 19 - 10 - 2012

إن كان الحقُّ في الحياة أمراً مقدسا تكفلهُ كافة الشرائع والمواثيق الدولية، فإن الحيلولة دون انتهاكه يغدو واجباً لدى رافضي الإجهاض، الذي يرى عددٌ من المنافحين عنه، أن الرفض لا يحل المعضلة بقدر ما يدفعها إلى مزيد من التعقيد، ما دام الطفل المولود في ظروف غير ملائمة، سيجد نفسه فيما بعد مجهول الهوية والنسب داخل مجتمع لا يستنيم عن النبش في الجذور.
الأطفال المتخلى عنهم والحالة هاته، يطرحون حسب عدة أصوات، موضوعاً جديراً بنقاش جاد، تلغى فيه الحساسيات لفائدة إيجاد حل ناجع، ينهي مأساة أطفال تخلت عنهم الأمهات لظروف مختلفة ، تترواح حسب الطبيبة النفسانية وأخصائية التحليل النفسي، أمينة بودربة، بين عوامل سوسيو-اقتصادية والحمل بطريقة لا واعية.
في هذا الحوار الذي أجرته مجلة ماروك أكتييل، تبسط الدكتورة بودربة القول في ظاهرة الأمهات العازبات، بعدما استفحلت في المجتمع المغربي على نحو غير مسبوق.
كم يبلغ عدد الأمهات العازبات بالمغرب؟
معرفة عدد الأمهات العازبات بالمغرب أمرٌ من الصعوبة بمكان، في ظل انعدام إحصاءات دقيقة، لكن ما نعرفهُ عوضَ ذلك، هو أن نصف الأمهات العازبات اللائي ينجبن خارج إطار الزواج، يتخذن قرار التخلي عن أبنائهن، بينما يفضل النصف الآخر منهن الاحتفاظ بهم، وقد استطعنا أن نرصدَ هذه المسألة لدى نساء من كلا الجانبين، أتين للإنجاب في سرية بالرباط، واليوم تتواجد دور للأمومة في مدن أخرى من المغرب لأجل استقبالهن.
كيف تتم إجراءات التخلي عن المواليد؟
تهيئ الأم العازبة نفسها لذلك الغرض، أو تقوم بالأمر مع المساعدة الاجتماعية، ويتم ذلك في الغالب الأعم بعد الولادة، وفي الواقع، ليست لدينا إجراءات حقيقية لولادة الأمهات العازبات، فهن يصلن في اللحظة الأخيرة، ويأخذن في بعض الأحيان أسماء مستعارة، وبطاقة التعريف ليست ضرورية، وعقب ذلك يتخلين عن أبنائهن ولا نطلب منهن شيئاً...وإلى غاية سنة 1993 كانت المساعدة الاجتماعية هي التي تقوم بتسجيل خيار الأم...لكن منذ ذلك الحين، تم بموجب منشور تم إصداره، تخويل القاضي مهمة تسجيل عقد التخلي، لكن ذلك لم يطبق بشكل دائم.
ما الذي يدفعُ امرأة إلى التخلي عن ابنها؟
المسألة في مقامٍ أول ذات طبيعة سوسيو اقتصادية، والقرار يتم اتخاذه تحت وطأة الضغط الاجتماعي، فضلاً عن النظر إلى الحمل خارج مؤسسة الزواج باعتباره شيئا محظوراً من الناحيتين القانونية والدينية.
ومن النساء اللائي يتخلين عن أبنائهن، نجد المرأة التي لم تستطع الإجهاض، أو تلك التي وجدت نفسها حاملاً دون وعي، فضلاً عمن تخشى ألا تكون أما جيدة.
والحق أنه ينبغي التمييز غداة حديثنا عن النساء الراغبات في الأمومة، بين ثلاثة أنواع من الرغبات. أول نوع منها؛ ذو طبيعة خيالية لدى الفتاة؛ تتصور بموجبه زواجاً مقترناً بإنجاب طفل، أما النوع الثاني فتروم به الفتاة الحمل في حد ذاته، وهي رغبة لا تستحضر تحمل المسؤولية وتنحصر فقط في الرغبة في الإنجاب، بينما يتلخص النوع الثالث والأخير، في رغبة الفتاة في أن تصبح أما، بقبول المعنى الواسع للمسألة، وهو ما يفرض بديهيا تحمل المسؤولية.
وفي تقديري الخاص، تندرج غالبية النساء اللائي يتخلين عن أبنائهن ضمن الفئة الثانية..لقد التقينا بنساء أنكرن حملهن لفترة من الزمن، وعلى الرغم من أخذهن بأسباب منع الحمل، إلا أنهن عشن الحمل حقيقة عند شروع الجنين في التحرك على سبيل المثال..وهذا النزوع إلى الإنكار يؤدي بالفتاة في الغالب إلى العودة إلى الوراء، باستذكار أحداث أخرى استطاعت معايشتها، داخل بطن أمها، أو في طفولتها، وطالما أن الطفل غير مرغوب فيه فإن تلك الأحداث تظهر ثانية، وقد تسفر عن الإقدام على قتل الطفل.
ما الحال الذي يصبح عليه الأطفال المتخلى عنهم؟
في مركز لالة أمينة بالرباط، يتم الاحتفاظ بالمواليد لمدة من الزمن، لعل الأمهات اللواتي وقعن على عقد التخلي عن أبنائهن، يأتين يوماً لرؤيتهم. ومن خلال العمل معهن، على التحفيز النفسي، وبإيجاد حلول لقصصهن، استطعت أن أقنع البعض منهن برعاية أبنائهن. كما أنه يجب التمييز بين الذكور والإناث، فالأخيرات يجدن بشكل تام تقريباً عائلات تستقبلهن بطريقة نظامية، في حين يبقى الذكور حتى سن الخامسة بالمركز ليذهبوا بعدها إلى مأوى الأيتام، وقد افتتحت العصبة المغربية لحماية الطفولة في الآونة الأخيرة مركزاً جديداً في مدينة بنسليمان.
تعملين اليوم على إنجاز أطروحة حول "التخلي عن الأطفال من طرف الأمهات العازبات في المغرب"، انطلاقاً من الملاحظة، ما هي اقتراحاتكم وتوصياتكم لأجل تتبع أفضل للأطفال المتخلى عنهم؟
هناك بالفعل شيءٌ يمسني في الأعماق، فبالنسبة لي، وباعتباري، أخصائية نفسانية، كرست حياتها المهنية لتلك الشريحة من النساء، ويبدو جلياً أن باب الولوج إلى العالم ليسَ هو المعرفة، لكن هو الأصل والنسب، ففي مجتمعناً يعد مشكل الأصل مشكلاً كبيراً يعرقل حياة الأطفال المتخلى عنهم عند الولادة.
وقد قام سيجموند فرويد بالتنظير "للرواية العائلية"، حيث يسير الأطفال، والذكور منهم على الخصوص، في سن المراهقة إلى اختلاق آباء آخرين لهم، يكونون على درجة أكبر من الود وااللطف والجاه...وبعبارة أخرى، من يريدون عائلة تفضُلُ تلك التي ينحدون منها، والأمر مختلفٌ لدى الأطفال المتخلى عنهم، فمن يعيشون وسط أسر بديلة، تحقق لديهم ذاك الخيال ذي النزوع إلى العيش وسط عائلة أخرى، ويشرعون اعتباراً من فترة المراهقة في البحث عن آبائهم الحقيقيين، وإن لم تخبرهم العائلات المتبنية لهم بأي شيء فإن المشاكل تطفو بسرعة على السطح. ويبرز خطر فقدان الثقة في العائلات المتبنية، ويرغب المراهقون في إخفاء شيء يخصهم بالدرجة الأولى، ومن ثمة تبرز الهوة المنشئة لفراغ في نفسانيتهم.
ما الذي يتعين القيام به لتفادي تلك الاضطرابات؟
أريد أن أبلغ اليوم الإقناع بضرورة الاحتفاظ بمعلومات حول الأم البيولوجية، حتى نستطيع في لحظة الجمود تلك، أن نلج إلى الملف، فأنا أرى أنه على الطفل أن يتمكن بطريقة سرية من الدخول في اتصال مع أمه التي ينبغي أن يطرح عليها السؤال، والإجابة عن السؤال قد تجعل الحياة أكثر سهولة بالنسبة إلى أولئك الأطفال، فيما قد يفتح الرفض شهيتهم للانتقام، وذلك عبر الانتقام من العائلات المبتبنية أو من المجتمع قاطبةً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.