الأحداث السياسية في المغرب تبين أن هناك أطرافا داخلية لا ترغب في أي تقارب مع الجزائر، وتريد استغلال الملفات العالقة كورقة لتحقيق مصالح سياسية ضيقة لا تخدم مصالح البلدين ولا الشعبين، خاصة وأن الشعب المغربي الذي صوت لحزب العدالة والتنمية، في آخر انتخابات نيابية يريد إحداث القطيعة مع زمور الفساد الذين يتاجرون بالمواقف الأخوية والتاريخية بين الجزائر و المغرب بمنطق عدائي. الفقرة أعلاه، هي قراءة لجريدة "الشروق" الجزائرية حول تطورات المشهد السياسي المغربي نهاية الأسبوع الماضي التي كان قرار "إنسحاب" حزب الاستقلال من التحالف الحكومي عنوانا بارزا له. حسين شوقي، صحفي اليومية الجزائرية عَنْوَنَ مقاله من باريس ب"حزب الاستقلال يبتز الملك لإشعال الحرب مع الجزائر". نسف العلاقات الشروق قالت أن كل المعطيات كانت تؤكد قرب توصل البلدين إلى حل الإشكال الخاص بفتح الحدود، خاصة بعد التصريحات الايجابية التي أطلقها وزير الداخلية الجزائري، دحو ولد قابلية، من المغرب على هامش اجتماع وزراء داخلية دول اتحاد المغرب العربي في الرباط، شهر أبريل الماضي، بخصوص ملف فتح الحدود البرية بين الجزائر والمغرب المغلقة منذ 1994. الجريدة الجزائرية و على لسان من وصفته بالمصدر من داخل حزب العدالة و التنمية أرجعت موقف حزب الاستقلال إلى "إيعاز" مصدره الديوان الملكي، الذي يبدو أنه غير راض عن آداء الحكومة برئاسة الإسلاميين، حسب اليومية، وخاصة تعاطيهم مع ملف العلاقات مع الجزائر، حيث انتهجت حكومة الاصلاحات المغربية سياسة تقارب وتبادل الزيارات بين كبار المسؤولين في البلدين، كان من أبرزها مشاركة الوفد المغربي برئاسة بن كيران، في تأبين الرئيس الراحل أحمد بن بلة، وأيضا اللقاءات المتكررة لرئيس الدبلوماسية المغربية سعد الدين العثماني، مع المسؤولين الجزائريين، وهو المعروف باتزانه ووسطيته السياسية وتفضيله لغة الحوار الهادئ مع الجزائ، تقول الشروق على لسان مصدرها من داخل حزب بنكيران الذي لم تكشف عنه. العلاقات بين البلدين عادت إلى نقطة الصفر و كل جهود التقارب تم نسفها، هذا ما تخلص له الجريدة و السبب حسب كاتب المقال هو التصريحات الغريبة والشاذة لحزب الاستقلال المغربي ضد الجزائر، ودعوته الحكومة إلى طرد السفير الجزائري والمطالبة بمنطقتي بشار وتندوف. لفت الأنظار بعيدا عن قراءة "الشروق" المباشرة للقرار الاستقلالي إلتجأت يومية "الخبر"، في عددها ليوم الاثنين، إلى المحلل السياسي المغربي، أحمد حبشي، الذي أجرت معه الجريد حوارا اعتبر فيه انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة محاولة لإعادة التموقع في المشهد السياسي المغربي، بعدما أثبتت المؤشرات تراجع شعبيته لصالح صعود حزب العدالة والتنمية. يومية "الخبر" و على غرار زميلتها "الشروق" إختارت نفس زاوية المعالجة التي ترتبط استعمال العلاقات الجزائرية من طرف حزب الاستقلال كورقة لإحراج الحكومة "نصف الملتحية". سؤال من قبيل "كيف يمكن تفسير قرار حزب الاستقلال، خاصة وأنه تزامن مع التصريحات النارية لرئيس الحزب التي تنسب أراضي جزائرية للمغرب؟"، يجيب عنه أحمد حبشي بوضع القرار وتصريحات رئيس حزب الاستقلال في إطار الأوضاع السياسية في المغرب، والتي تشير صراحة، حسب المحلل، إلى زيادة شعبية حزب بنكيران، على الرغم من انتقادات المعارضة السياسية، وعليه، يقول حبشي، ليس من مصلحة حزب الاستقلال البقاء في الحكومة لأنه بصدد فقدان شعبيته لصالح الحزب الإسلامي الذي يستمر في الاستفادة من الخطاب الشعبوي لبنكيران والذي يجعله قريبا من عامة الشعب. ضيف "الخبر" رأى أن الشارع مازال يطالب بمنح المزيد من الوقت لحكومة بنكيران لتجسيد برنامجها، وهو ما يدفع بالمحلل السياسي للإعتقاد أن قرار الانسحاب والتصريحات النارية بخصوص الجزائر تدخل في إطار رغبة حزب شباط في لفت الأنظار وإثارة الجدل من أجل التموقع وإيجاد مكانة له في الخريطة السياسية، لذلك يلجأ لكل الأوراق الممكنة والمتاحة أمامه لتحصيل شيء من الشعبية والدفاع عن وجوده. عداء متبادل "الشروق" و "الخبر" لم تكونا الجريدتين الوحيدتين في الجزائر اللتين تناولتا قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال من زاوية العلاقات البينية بين الجارين، لكنهما تبقيان كبرى الصحف الجزائرية التي لا تعكس وجهة نظر صحفية فقط بل أيضا تعطي إمكانية للإطلاع على المزاج الرسمي الجزائري اتجاه قضايا مرتبطة بالمغرب. الاستقلال لم يكن يوما حزب المواقف المرحب بها في قصر المرادية بالعاصمة الجزائر الا أن الجرعة "العدائية" التي أضافها حميد شباط لتصريحاته الأخيرة، خاصة منذ فاتح ماي الأخير، جعلت الصحف القريبة من القرار الرسمي الجزائري تبادل العداء بالعداء.