بواسطة الدرون.. الجيش المغربي يجهز على العناصر الانفصالية التي وجهت مقذوفات استهدفت محيط المينورسو بالسمارة    طنجة.. توقيف أربعة أشخاص متورطين في النصب والاحتيال والسرقة تحت التهديد باستعمال السلاح وترويج الكوكايين    رحيل كوثر بودراجة بعد صراع طويل مع المرض    صواريخ إيرانية تستهدف السمارة.. تصعيد خطير يكشف العلاقة بين "البوليساريو" وطهران    سقوط 4 مقذوفات قرب مقر المينورسو بالسمارة وسط اتهامات لعصابة البوليساريو الإرهابية    مشروع قانون أمريكي لتصنيف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية وفرض عقوبات عليها    الصين والمغرب يعززان الروابط الثقافية عبر بوابة ابن بطوطة.. بعثة صينية رفيعة من مقاطعة فوجيان في زيارة إلى جهة طنجة    المغرب يتصدر موردي الحمضيات للاتحاد الأوروبي بصادرات قياسية    بكين تؤكد التوصل إلى اتفاق تجاري مع واشنطن    "لبؤات الأطلس" تستعد لكأس أمم إفريقيا بمواجهة تنزانيا وديا    الوالي التازي يضع حدا للانتهازية والفوضى بملاعب القرب ويطلق برنامج "طنجة، ملاعب الخير"    برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس جمهورية جيبوتي بمناسبة عيد استقلال بلاده    زيدوح يؤكد بمالقا: الحوار بين شعوب الفضاء المتوسطي هو الحل الأمثل لمواجهة التوترات والتحديات    نشرة إنذارية تحذر من ارتفاع مخاطر اندلاع حرائق الغابات    توقيف مواطن أجنبي بمطار محمد الخامس مبحوث عنه من طرف السلطات القضائية بدولة الإمارات    ارتفاع مبيعات الإسمنت بنسبة 9,5%    الذهب يتراجع مع صعود الدولار    شاطئ هوارة بطنجة يلفظ دراجة مائية محملة بالمخدرات    الطالبي العلمي: المغرب يعتمد مقاربة إنسانية في معالجة الهجرة    الملياردير هشام أيت منا.. تاريخ من الفشل يلازم رجلا يعشق الأضواء وحب الظهور    مناورات عسكرية جوية مغربية-فرنسية بمدينة كلميم        الجزائر وصناعة الوهم الكبير في "غيتو تندوف" بين حصار الهوية وإستثمار المعاناة    بحضور الأميرة لمياء الصلح.. فوضى تنظيمية خلال حفل كاظم الساهر ومسرح محمد الخامس يتحول إلى "حمام بلدي"    "أولاد يزة 2" يفوز بالجائزة الثانية في مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    قتيلة وجرحى في غارة إسرائيلية بلبنان    موجة حر شديدة تجتاح منطقة البلقان مع تسجيل درجات قياسية    كاتس: خامنئي تفادى الاغتيال بالاختباء    ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    لماذا يخاف مغاربة المهجر من الاستثمار بالمغرب ويقتنون العقار فقط؟    سوريا ولبنان تستعدان للتطبيع مع "إسرائيل"    300 ألف طلب في ساعة على سيارة "شاومي" الكهربائية رباعية الدفع    محمد مدني: دستور 2011 نتاج وضعية سياسية توفيقية متناقضة    النصر السعودي يجدد عقد النجم البرتغالي رونالدو    مونديال الأندية.. الهلال يتأهل إلى دور ال16 والريال يتصدر بثلاثية نظيفة    توقعات طقس الجمعة بالمغرب    الوداد الرياضي ينهزم أمام العين الاماراتي    إعدام قاتل متسلسل في اليابان تصيّد ضحاياه عبر "تويتر"    النرويجي هالاند نجم مانشستر سيتي يبلغ مئويته الثالثة في زمن قياسي    الوراد يشخص إخفاق الوداد بالمونديال    المغرب يحقق "معجزة صناعية" مع الصين بالجرف الأصفر: مصنع مغربي-صيني يضع المملكة في قلب ثورة البطاريات العالمية    المغرب يعزز نموه الاقتصادي عبر 47 مشروعًا استثماريًا بقيمة 5.1 مليار دولار    حفل كاظم الساهر في "موازين" .. فوضى تنظيمية تسيء للفن والجماهير    كاظم الساهر في موازين: ليلة اهتز فيها التنظيم قبل الموسيقى -صور خاصة-    أكاديمية المملكة و"غاليمار" يسدلان ستار احتفالية كبرى بآداب إفريقيا    إصلاح شامل لقطاع السكن والتعمير في المغرب عبر وكالات جهوية متخصصة    دعم إقليمي متزايد لمغربية الصحراء من قلب أمريكا اللاتينية    حفل أسطوري لويل سميث في موازين 2025    مجلس الأمن يدين مجزرة الكنيسة بدمشق    ضجة الاستدلال على الاستبدال        طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطاب "الداعية السياسي"... وقضية المرجعية
نشر في هسبريس يوم 17 - 06 - 2013

في كثير من المراحل الدقيقة التي تتخلل مسارات العمل الإسلامي، تطفو على السطح إشكاليات تربك المنظرين والمناضلين الممارسين على حد سواء، من ذلك مثلا الجدل الذي انطلق مؤخرا، حول إشكالية الخطاب عند إسلاميينا الذين يؤثثون المشهد السياسي المغربي اليوم، من أبناء العدالة والتنمية، وغيرهم من السلفيين الملتحقين بالمشهد السياسي أخيرا، وبالتحديد حول مساحات إعلان الصدور عن المرجعية الإسلامية عند المشتغلين بالعمل العام منهم، من برلمانيين، وزراء، مسؤولين تنفيذيين، مستشارين محليين، مسؤولين حزبيين...
هذه المسألة، كانت وما تزال تمثل إحدى أبرز الرهانات التي تضع على المحك القدرة الاجتهادية التجديدية لدى المُنظّر الإسلامي، داخل المغرب وخارجه، على ابتكار الحلول الأكثر أصالة وإبداعا لهكذا إشكاليات، إذ يظل التغاضي عنها، وعدم بلورة إجابات حاسمة بخصوصها يُربِكان المراقب للعمل الإسلامي، بل يربكان الفاعل الإسلامي نفسَه.
خطاب السياسي وخطاب الداعية
في مقالين سابقين على موقع هسبريس، "بين الدعوة والدولة... وإعجاز الانجاز..." و "أذان في البرلمان..!!"، كنا قد لامسنا بعضا من التحديات التي بات يفرضها انكباب الإسلاميين اليوم على العمل السياسي، سواء عبر الهم التدبيري، أو من خلال المسؤوليات التمثيلية البرلمانية منها أو المحلية... وذلك من قبيل طبيعة الدور المطلوب من الفاعل السياسي الإسلامي الصاعد، ولغة الخطاب التي يجدر به أن يعبر من خلالها، وهي الإشكاليات التي على المُنظر الإسلامي الرائد في المرحلة الراهنة أن يبادر بالبث فيها من خلال فتح الحوارات الفكرية المعمقة، وتطوير الأفكار التأصيلية التي من شأنها أن تسعف الفاعل الإسلامي، الممارس على الأرض، في الوعي بطبيعة الأدوار المنوطة به اليوم، و نوعية اللباس الذي ينبغي أن تتسربل به اللغة التي يغرد بها داخل السرب السياسي التدبيري/التمثيلي الذي لا شك أن له خصوصيات وحدودا لا يمكن بحال التغاضي عنها.
فهل يمكن أن يكون خطاب السياسي الذي يسير حاليا الحكومات، الوزارات، المدن، البلديات... ويشتغل بالتدافع داخل المجالس التشريعية والمحلية مع باقي الفاعلين السياسيين ذوي المشارب الفكرية والسياسية المخالفة والمتعددة... هل يمكن أن يكون خطابه في تلك المحافل هو نفسه حين كان يشتغل بالدعوة المباشرة، ويدعو أبناء الوطن إلى العودة إلى الينابيع الصافية للمحجة البيضاء؟ أليس ذلك من اختصاص أولئك الذين نذروا أنفسهم للعمل الدعوي المباشر، من خلال المنابر التربوية والقنوات الدعوية، والدروس المنبرية؟ أليس حريا بالفاعل السياسي الإسلامي أن يطور آليات مقاله إلى ما يناسب مقام الحقل الذي يشتغل فيه؟ هل بالإستدلال بالنصوص الشرعية يمكن إفحام المخالفين سياسيا وفكريا، والمترصدين في كل زاوية وثغر، أم بلغة التاريخ، والمصلحة الوطنية، والأرقام والإحصائيات والدراسات؟ هل تتمثل انتظارات الجمهور من الفاعل السياسي الإسلامي المسؤول في تحقيق الإنجازات الحياتية على الأرض، أم في قوة الحجة الشرعية؟ هل معنى مواءمة الخطاب السياسي للإسلاميين المشتغلين بالسياسة لطبيعة الحقل النضالي الذي باتوا يناورون داخله أنهم قد تخلوا عن أصل مرجعيتهم الإسلامية؟ وهل إلى هذه الدرجة قد يختلط الأمر عند عموم المواطنين الذين يصوتون أو يتعاطفون مع الفاعل الإسلامي؟ أم يفترض في الجمهور، أو أغلبيته على الأقل، أنه يعي تماما طبيعة التحديات، والفوارق التواصلية التي تقتضيها الضرورة المجالية؟
أين ينتهي الديني ويبتدئ الدنيوي عند الخطاب السياسي الإسلامي؟
في المجتمعات ذات التيارات المتعددة المشارب الفكرية والسياسية، والتي تضج بلوبيات الفساد، والريع، والإفساد... يصعب كثيرا على "الداعية السياسي" أن يتحرك في مجال التدبير العمومي والنقاش الديمقراطي، و يظل - مع ذلك - رهين الخطاب الدعوي المحض، أو حتى أن يمزج بينه وبين الخطاب السياسي المعقلن، ذلك أن الخصم السياسي ها هنا يستغل الفرصة لغض الطرف عن كل الحجج العقلانية التي يسوقها الفاعل الإسلامي للدفاع عن رأيه الإصلاحي، والتي تلتقي غالبا مع الغايات المقاصدية للمرجعية الإسلامية، ووضع أصبع التنديد على مجرد الصدور عن الرجعية الإسلامية بدعوى التنبيه إلى خطورة ما يسميه الخصوم المغرضون ب "الخطر الظلامي الماحق"، والعودة بمكتسبات المجتمع إلى العقلية القروسطية، وسياسة "الأخونة"، أو "العدلنة"... إلى غير ذلك من أسطوانات الخندقة المشروخة التي يلوكها الطيف الإستئصالي، أو يستغلها الخصم الإيديولوجي، أو المحارب الإفسادي الرجعي، لرد مقولات الفاعل الإسلامي واجتهاداته الإصلاحية، وتحوير النقاش التدبيري أو التتشريعي إلى مساحات من المزايدة الفارغة، مما قد يضيع على الإسلاميين أوقاتا وفرصا للذهاب بمشروعاتهم التنموية والقانونية إلى مراحل متقدمة، وهدر طاقاتهم في السجالات السياسوية التي لا طائل من ورائها.
على المنظر والفاعل الإسلاميَين، كل من جهته، تطوير آليات ذكية للخطاب السياسي، ترقى إلى مستوى مصيريةِ وخصوصية اللحظة الراهنة، والتوصل إلى المعادلات الخِطابية الدقيقة التي تحفظ للمشروع الإسلامي الإصلاحي المتنور، من جهة، الخصوصيةَ التي تحول دونه والذوبان في بحر السياسة الأُجاج، ومن جهة أخرى، اللياقةَ المناوراتية التي تليق بالحقل السياسي - الحافل بالإكراهات والتربصات، والخصومات الفكرية مع فرقاء لا يحتكمون بالضرورة، مع الإسلاميين، إلى نفس المرجعية، حتى وإن كان دستور المملكة ينص صراحة في فصله الثالث على أن "الإسلام دين الدولة" - وتحفظ له مستوى العذوبة اللازمة لجعل القدرة الاقتراحية لديه أنفذ إلى حيز التطبيق، وأقل إثارة لصيحات التشويه التي لا تبتغي سوى وضع العصى في العجلة، وتعليق إخفاقاتها على مشاجب استفزازات المرجعية الإسلامية.
إذا حُقَّ للإسلاميين أن يصدروا عن عقيدة مرجعية تعتبر أن الإسلام منهاج شامل لكل مناحي الحياة، فالأحرى بهم أن يضربوا المثل من أنفسهم، بالوعي بالتعقيدات الدقيقة التي تحبل بها المنظومة الفكرية والسياسية في مجتمعاتهم، حتى وإن كانوا يؤمنون بميولات أغلبية المغاربة ذات الهوى المحافظ، المتمسك بأصوله الدينية، وهويته الثقافية، والتواضع مع شركائهم في الوطن على قواعد منصفة للّعب، تحفظ لكل حقه في التعبير الحر عن آرائه، و إرساء تقاليد سياسية ترسم بدقة إبداعية على مستوى الخطاب، حدود الديني المنطلق من المرجعية الإسلامية، والدنيوي المطروح للتباري بين المتنافسين من شتى المشارب، في ظل مجتمع متعدد بنخبه و جماهيره.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.