تستأثر زيارة يائير لبيد، وزير الخارجية الإسرائيلي، باهتمام خبراء إسرائيليين، أجمعوا على أهمية الزيارة والدور الذي ستلعبه إعادة العلاقات الدبلوماسية مع المملكة على المستوى الإقليمي وأيضا على القضية الفلسطينية. وأكد الخبراء الإسرائيليون أن العلاقات مع المغرب لها أهمية خاصة؛ فعلى الرغم من أنها كانت مقطوعة على المستوى الرسمي، فإن السنوات الماضية كلها شهدت تشكيل العلاقات الثقافية والمدنية والهوياتية والحفاظ عليها. وأوضح أغلب المتحدثين في تصريحات نقلها موقع "زمان" الإسرائيلي أن العلاقات بين المملكة المغربية وإسرائيل تنبني على أسس "الثقافة والهوية" التي تكتسي أهمية في إعادة تشكيل "قصة إسرائيل"، خاصة في محيطها الشرق أوسطي. وقال روي كيبريك، مدير الأبحاث بالمعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية، إنه "على مر السنوات الفارطة، حافظت إسرائيل على علاقات مع كل من مصر والأردن؛ وهي شراكة لها أبعاد إستراتيجية وأمنية واقتصادية. ومع ذلك، فإن هذا الشعور بالشراكة لا يتغلغل في المجتمعين المصري والأردني؛ بل على العكس فإن مشاعر مناهضة التطبيع هي التي تجد تعبيرا أكبر". وفي المقابل، تحدث كيبريك عن حالة العلاقات مع المغرب التي رأى أن الصورة بشأنها مختلفة، قائلا إن "العلاقات المدنية استمرت حتى عندما انقطعت العلاقات السياسية". واعتبر مدير الأبحاث بالمعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية أن "الثقافة والهوية أساس العلاقات الحميمة مع المغرب"، قائلا إنه "حتى قبل تجديد العلاقات السياسية كانت العلاقات بين الإسرائيليين والمغاربة قائمة، حيث يعيش أقل بقليل من مليون مواطن مغربي في إسرائيل. إنها ثاني أكبر جالية مغربية في العالم، بعد فرنسا". وتابع: "زار سائحون إسرائيليون المغرب، وقدم فنانون وأوركسترا إسرائيليون حفلات وعزفوا في مهرجانات في المغرب، وتم إنتاج الأفلام بشكل مشترك، وروج المغرب للاعتراف بالثقافة اليهودية كجزء من تراث البلاد وأظهر استعدادا للمشاركة في ذكرى الهولوكوست". وأكد الخبير الإسرائيلي أن وزارة خارجية بلاده أمامهما مهمة بناء البنية التحتية الرسمية والتنظيمية التي ستمكن المواطنين الإسرائيليين والمغاربة من تكوين أفضل العلاقات المدنية والثقافية والاقتصادية، قائلا: "على وزارة الخارجية بناء وتقديم قصة العلاقات المدنية والثقافية باعتبارها المشهد الرئيسي للعلاقات مع المغرب وكقصة محتملة للعلاقات بين اليهود والمسلمين في الشرق الأوسط". من جانبه، قال نمرود غورن، الرئيس المؤسس للمعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية، إن العلاقات الإسرائيلية المغربية "تتمتع بتاريخ أطول بكثير من التفاعلات الإيجابية، وعقود من التعاون الإستراتيجي وراء الكواليس، وسنوات من العلاقات السياسية الرسمية والمفتوحة، والعلاقات المستمرة بين الشعوب على أساس الجذور والتراث وثقافة وسياحة اقتصادية ومدنية". وقال غورن إن "إسرائيل، التي اعتادت منذ عقود على رؤية نفسها معزولة وطورت عقلية جزيرة محاطة بالأعداء، لم تتكيف بعد مع الوضع الجديد ولم تصوغ بعد أهدافا سياسية فيما يتعلق بانتمائها الإقليمي المنشود". وأكد المحاضر في دراسات الشرق الأوسط في الجامعة العبرية أن التطبيع مع الدول العربية، بما في ذلك المغرب، "يسمح لإسرائيل ليس فقط بالاستفادة من العلاقات مع دولة معينة لصالح تعزيز العلاقات مع منطقة معينة تقع فيها؛ ولكن أيضا مساعدة وتحريض شبكة الاتصالات الإسرائيلية المتوسعة من أجل إنتاج تعاون إقليمي"، متحدثا عن ما أسماه ب"أفق جديد للدبلوماسية الإسرائيلية". وأضاف المتحدث ذاته: "يمكن للعلاقات المطورة بين إسرائيل والمغرب أن يكون لها تأثير إيجابي على علاقات إسرائيل في الشرق الأوسط. يمكن للمغرب، بما أن القضية الفلسطينية قريبة من قلبه وبصفته رئيس لجنة الدولة الإسلامية لشؤون القدس، أن يلعب دورا في تهدئة التوترات الإسرائيلية الفلسطينية حول الأماكن المقدسة في القدس والمساعدة في تعزيز واستضافة وعودة قنوات الحوار بين كبار المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين".