قال المؤرخ والمفكر المغربي عبد الله العروي، ان الكثير من الناس يقولون إنني كتبت كثيرا من الإنتاجات، إذن بالضرورة أنا متشائم وغير راض عن واقع المجتمعات العربية والإسلامية”، معلقا على هذا الرأي، ب ” أن هذا غير صحيح، لأن المجتمعات ستجد طريقها لحل المشاكل المطروحة، رغم ان هذه الحلول لا تطابق في الغالب، إرادة الكتاب والمثقفين، ولا الدولة، ولكن تطابق إرادة التيار الغالب، أي الشعب”. وجاء كلام العروي، خلال ندوة نظمتها جمعية البحث التاريخي والمعهد الوطني للبحث العلمي، اليوم الخميس، بالمكتبة الوطنية بالرباط، ساهم فيها متخصصون في التاريخ والسوسيولوجيا والانتروبولوجيا الدينية، وهي قراءة في كتاب “Abdallah Laroui : le penseur marocain” لطالبه المؤرخ عبد المجيد القدوري، الذي جاء ككتاب ضمن سلسلة أطلقتها مبادرة لمعهد العالم العربي بباريس، للتعريف بمثقفين كبار بالعالم العربي.
وأوضح العروي، أن السبب وراء رجوعه للوراء، وتفضيله عدم التعليق على مجريات ومستجدات الساحة الاجتماعية والسياسية في الغالب، هو “يقينه، بأنه رغم تلكؤ المسؤولين، ورغم الغشاوة التي تعمي أعين الكثير من المثقفين، فإن المجتمع سيجد طرقا لحل هذه المشاكل، في اتجاهات غير التي نتصورها جميعا، لهذا أنا لست متشائما في غالب الأحيان، بل متفائلا”. وأضاف المفكر المغربي:”أن كتابه الأول “الايديولوجيا العربية المعاصرة”، استقبل بسوء فهم من أبناء وطنه ومن الغرب أيضا، موضحا:” في الغرب وصفوني بالوطنية الثقافية، كمثقف متعصب لهويته الوطنية، وفي بلدي سموني بالغريب، وحتى التقدميين بالمغرب، وصفوني بالتحريفي أو الماركسي التحريفي، وهذه الصفة سوق لها الماركسي في القيادي في الحزب الشيوعي الفرنسي، جورج لابيكا الذي كان آنذاك مقيما بالجزائر. فسيئ فهمي في الشرق والغرب”. من جهته، قال عبد المجيد القدوري، صاحب الكتاب، انني كتبت لكي أصوّب أخطاء الكثيرين الذين قرؤوا العروي، وفهموه في تجزيء مشروعه الفكري، عكس الصواب، الذي يقتضي منا أن نقرأ الدكتور عبد الله العروي، في كليته، مؤرخا وفيلسوفا وسوسيولوجيا. وأردف القدوري موضحا:” بأن تجربة كتبه بتقنية التناص لمسار الرجل، أي استحضار نصوص العروي، لفهم وإفهام القارئ أفكار العروي، منحت القارئ عبر هذا الكتاب، إمكانية كشف أسرار الرجل التي كانت خفية عنا من قبل”. وفي تصريح للدكتور عبد الله العروي، لموقع “لكم”، على هامش اللقاء، بخصوص أزمة التعليم، قال العروي، بأنه لطالما نبّه إلى أن المغربي اليوم عليه أن يتحمل المسؤولية، وأن يكف عن رمي ما نسميه المخزن بتحمل كامل المسؤولية في ما آل إليه وضعنا التعليمي، مشيرا ان التاريخ أثبت أن الحركة الوطنية، لها ما لها من مسؤولية في وضعنا التعليمي، مستدلا على ذلك بأن الحركة الوطنية، كانت قد وعدت خريجي مدرسة ابن يوسف بمراكش وجامعة القرويين بفاس، بتوظيفهم في التعليم بعد جلاء الاستعمار، وهذا ما وقع، فكنا كما أوضح العروي في تصريحه:”أمام كارثة بامتياز، لأن خريج التعليم العتيق لا يعرف إلا الأجرومية، والفقه، فقط، بينما متطلبات بناء مغرب بعد الاستقلال، كانت تفرض تخريج أفواج من المدرسة العمومية، يفقهون القراءة والكتابة والحساب واللغات، وهذا ما لم يحصل بالضبط”. وكشف العروي في تصريحه ل “لكم”، أنه مقدم على إصدار آخر كتابات عمره، وهو كتاب حول عبد الرحمن ابن خلدون بالفرنسية “حقيقة وحقائق عن ابن خلدون”، الذي قال عبد الله العروي عنه، أنه قدوته في غالب الآراء وممارسته السياسية بالضبط، والواجب علينا معرفتها بالضبط، خاصة أن أمتنا تدافع عن التراث ليل نهار، وفي حقيقة الأمر، تبقى جاهلة بتراثها الحقيقي، والذي يعتبر ابن خلدون أبرزه. على حد قول المفكر المغربي.