عادت قضية الإجهاض لتطرح من جديد على ساحة النقاش العام، وهذه المرة من وجهة نظر الإسلاميين المحافظين. ومناسبة إثارة هذا الموضوع جاءت في ندوة حول “قضية الإجهاض في المجتمع المغربي” نظمها، مساء يوم الخميس، بالرباط، “مركز المقاصد للدراسات والبحوث”، المقرب من حركة “التوحيد والإصلاح ” الدراع الإيديولوجي لحزب “العدالة والتنمية” الذي يقود الحكومة.
وخلال الندوة ناقش المشاركون فيها موضوع الإجهاض بين مطالب الإباحة والتجريم، وأجمعوا على “ضرورة تجريم الإجهاض وعدم فسح المجال أمامه دون وضع حدود أو ضوابط له باعتباره جريمة في حق إنسان كامل التكوين والحقوق”. قال المحامي والنائب البرلماني عن حزب “العدالة والتنمية”، نجيب البقالي، أنه من غير المعقول أن تطالب بعض التيارات بإلغاء عقوبة الإعدام وفي نفس الوقت المطالبة بإباحة الإجهاض. واعتبر البقالي في مداخلته أن الإجهاض إعدام للجنين قبل خروجه للحياة، مسائلا تيار الدعاة إلى إباحة الإجهاض، عن كيفية جمعهم لمطلبي إلغاء حكم الإعدام وإباحة الإجهاض، باعتبارهما شيئين سيان. وأضاف النائب البرلماني “الإسلامي”، في مداخلته، أن “الجنين ما هو إلا أمانة في رحم أمه، وأن هذه الأخيرة ليس لها حق تحديد إن كان سيعيش أم لا”. وقال البقالي، إن “الدين يعتبر الجنين إنسانا كامل الحقوق، ومنحه حقوقا توازي حقوق والديه، تبدأ باستحالة توزيع التركة قبل الولادة، لمنح الجنين والرضيع فيما بعد حقه كاملا ذكرا كان أم أنثى”. وأضاف المتحدث، أن من الصعب أن يقع توافق حول موضوع الاجهاض بين جميع التيارات، مشيرا إلى أن “اللجنة الملكية خلصت الى أن الشعب المغربي وقواه الحية تطالب بتجريم الاجهاض، فأكثر من 75 مذكرة قدمت الى اللجنة طالب أغلبها بتجريم الاجهاض، واباحتها في بعض الحالات عندما يشكل الحمل خطرا على حياة الأم، أو في حالة الخلل العقلي للأم، أو الحمل الناتج عن اغتصاب، أو حمل ناتج عن زنا محارم، أو في حالة وجود تشوهات خلقية الحادة عند الجنين”. ومن جهتها وصفت الطبيبة حنان الإدريسي، عضوة “الائتلاف الوطني للدفاع عن حق الجنين في الحياة”، المرأة التي تختار الإجهاض دون أي مبرر، بالمرأة “المتوحشة التي توجه توحشها ضد جنين لا حول ولا قوة ولا له، به روح يحس ويسمع وله حق الحياة كأي إنسان”. واتهمت المتحدثة في مداخلتها، التيارات النسائية بالتطرف، معتبرة أن دفاع هذه التيارات “على الحق في الإجهاض، تناسي وتهميش واعتداء على حق الجنين في الحياة، باعتباره انسانا كامل الحقوق، مستقل عن أمه يملك فصيلة دمه الخاصة ودقات قلبه الخاصة”. وشددت الإدريسي على ضرورة تجريم الإجهاض وعدم إباحته، مؤكدة على أنه” لا وجود لإجهاض آمن كيفما كانت الطريقة المستعملة لإجراءه”. يذكر أن يديره أحمد الريسوني، رئيس “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، والرئيس السابق لحركة “التوحيد والإصلاح” المعروف بأفكاره المحافظة وأحيانا المتزمتة خاصة عندما يتعلق الأمر بموضوع المرأة والحريات الفردية.