"العدالة والتنمية" يندد بدعوات إلى استقالة ابن كيران بعد خسارة انتخابات جزئية    فريق يوسفية برشيد يتعادل مع "الماط"    مدرب بركان يعلق على مواجهة الزمالك    "العدالة والتنمية" ينتقد حديث أخنوش عن الملك خلال عرض حصيلته منددا بتصريح عن "ولاية مقبلة"    بايتاس: ولوج المغاربة للعلاج بات سريعا بفضل "أمو تضامن" عكس "راميد"    كلمة هامة للأمين العام لحزب الاستقلال في الجلسة الختامية للمؤتمر    البطولة: المغرب التطواني يضمن البقاء ضمن فرق قسم الصفوة وبرشيد يضع قدمه الأولى في القسم الثاني    مرصد يندد بالإعدامات التعسفية في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف    مكناس.. اختتام فعاليات الدورة ال16 للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    طنجة تسجل أعلى نسبة من التساقطات المطرية خلال 24 ساعة الماضية    ماذا بعد استيراد أضاحي العيد؟!    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى لجلالة الملك للقفز على الحواجز    اتحاد العاصمة ما بغاوش يطلعو يديرو التسخينات قبل ماتش بركان.. واش ناويين ما يلعبوش    الدرهم يتراجع مقابل الأورو ويستقر أمام الدولار    تعميم المنظومتين الإلكترونييتن الخاصتين بتحديد المواعيد والتمبر الإلكتروني الموجهة لمغاربة العالم    أشرف حكيمي بطلا للدوري الفرنسي رفقة باريس سان جيرمان    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    حماس تنفي خروج بعض قادتها من غزة ضمن "صفقة الهدنة"    احتجاج أبيض.. أطباء مغاربة يطالبون بحماية الأطقم الصحية في غزة    جمباز الجزائر يرفض التنافس في مراكش    مقايس الامطار المسجلة بالحسيمة والناظور خلال 24 ساعة الماضية    طنجة.. توقيف شخص لتورطه في قضية تتعلق بالسرقة واعتراض السبيل وحيازة أقراص مخدرة    الأسير الفلسطيني باسم خندقجي يظفر بجائزة الرواية العربية في أبوظبي    بيدرو سانشيز، لا ترحل..    محكمة لاهاي تستعد لإصدار مذكرة اعتقال ضد نتنياهو وفقا لصحيفة اسرائيلية    "البيغ" ينتقد "الإنترنت": "غادي نظمو كأس العالم بهاد النيفو؟"    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    اتفاق جديد بين الحكومة والنقابات لزيادة الأجور: 1000 درهم وتخفيض ضريبي متوقع    اعتقال مئات الطلاب الجامعيين في الولايات المتحدة مع استمرار المظاهرات المنددة بحرب إسرائيل على غزة    بيع ساعة جَيب لأغنى ركاب "تايتانيك" ب1,46 مليون دولار    بلوكاج اللجنة التنفيذية فمؤتمر الاستقلال.. لائحة مهددة بالرفض غاتحط لأعضاء المجلس الوطني    نصف ماراطون جاكرتا للإناث: المغرب يسيطر على منصة التتويج    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على عزة ترتفع إلى 34454 شهيدا    توقيف مرشحة الرئاسة الأمريكية بسبب فلسطين    التاريخ الجهوي وأسئلة المنهج    طنجة "واحة حرية" جذبت كبار موسيقيي الجاز    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لفن الخطابة    الفكُّوس وبوستحمّي وأزيزا .. تمور المغرب تحظى بالإقبال في معرض الفلاحة    شبح حظر "تيك توك" في أمريكا يطارد صناع المحتوى وملايين الشركات الصغرى    المعرض الدولي للفلاحة 2024.. توزيع الجوائز على المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    نظام المطعمة بالمدارس العمومية، أية آفاق للدعم الاجتماعي بمنظومة التربية؟ -الجزء الأول-    خبراء "ديكريبطاج" يناقشون التضخم والحوار الاجتماعي ومشكل المحروقات مع الوزير بايتاس    مور انتخابو.. بركة: المسؤولية دبا هي نغيرو أسلوب العمل وحزبنا يتسع للجميع ومخصناش الحسابات الضيقة    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقعة "رحبة أمزاط" الشنيعة !
نشر في لكم يوم 06 - 08 - 2020

قبل حتى أن يستفيق المغاربة من آثار تلك الصدمة القوية التي أطلق عليها "ليلة الهروب الكبير"، جراء إقدام السلطات فجأة على إصدار قرار أهوج في بلاغ مشترك بين وزارتي الداخلية والصحة، يقضي بمنع التنقل من وإلى ثمانية مدن مغربية ابتداء من منتصف ليلة نفس يوم الأحد 26 يوليوز 2020 على بعد أربعة أيام فقط من حلول عيد الأضحى المبارك، دون إمهال المواطنات والمواطنين الذين اعتادوا قضاء العيد عند عائلاتهم خارج مدنهم في إعداد أغراضهم، ولا مراعاة مشاعرهم…
فإذا بهم فضلا عما بات يقلق راحتهم من تطور الحالة الوبائية بالبلاد من حيث الارتفاع المهول في الإصابات المؤكدة بجائحة "كوفيد -19" وتزايد أعداد الوفيات مباشرة بعد رفع الحجر الصحي، يفاجأون ثانية ليلة العيد بواقعة أخرى لا تقل وقعا عن الصدمة السابقة، تتمثل في انتشار مقاطع شريط مصور يوثق بالصوت والصورة لعملية سطو غريبة على عدد من رؤوس الأغنام، بسوق لبيع أضاحي العيد يدعى "رحبة أمزاط" الواقع بمنطقة الحي الحسني في الدار البيضاء.
ذلك أن نشطاء بالفضاء الأزرق سارعوا صباح يوم الخميس 30 يوليوز 2020 إلى ترويج مقاطع فيديو على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة منها "الفيسبوك" و"الواتساب"، تظهر بوضوح تام عشرات المواطنين ضمنهم مجموعة من القاصرين يتراكضون في كل الجهات وهم يجرون خرفانا، انتزعوها بالقوة من أصحابها وسط عراك شديد وفوضى عارمة أمام مرأى ومسمع من الجميع، في عملية إجرامية خطيرة غير مسبوقة ببلادنا.
والأخطر في الأمر ليس فقط ما عرفه الشريط من انتشار سريع وتحوله إلى مادة دسمة استغلتها بعض القنوات التلفزيونية الأجنبية، ولا في كون الواقعة جاءت بشكل عفوي من لدن فئة من المنحرفين، وإنما بدا وكأن القضية مدبر لها عن سبق إصرار وترصد، حيث انطلقت الأحداث بالاعتداء على بائعي الأغنام والتراشق بالحجارة، لم يستطع معه الباعة الصمود طويلا أمام وابل الحجارة المتساقطة على رؤوسهم والأعداد الغفيرة من المهاجمين، ليتم اجتياح إحدى الشاحنات المحملة بالخراف والشروع في سحب الواحد تلو الأخر…
والسرقة فعل مرفوض لكونه يتعارض وقيم مجتمعنا المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف، باعتبارها اعتداء صريح على ممتلكات الغير بشتى السبل والوسائل، وعادة ما ترافقها حالات من العنف والتهديد بالسلاح الأبيض. وتحدث في الفضاء العام كما في الأماكن المعزولة من بيوت وغيرها. وهي كذلك فعل إجرامي تعاقب على ممارسته جميع قوانين بلدان العالم.
إذ يعتبرها القانون المغربي كباقي الجرائم الأخرى، شريطة أن تتوافر فيها الأركان المحددة قانونا، وهي الركن المادي والركن المعنوي: ويقصد من الركن المادي في وقائع الاختلاس، الاستيلاء على الشيء المنقول بغير رضا مالكه أو حائزه، ويقوم الاختلاس كركن مادي لجريمة السرقة على عنصرين: أ- سلب المال ونزع حيازة المالك له. وليتحقق معنى الاختلاس في جريمة السرقة، يتعين أن يؤدي إلى الاعتداء على حيازة منقول، وذلك بنقل هذه الحيازة نقلا غير مشروع من حوزة الشخص المجني عليه إلى حوزة المتهم بالسرقة. ب- انتفاء رضا الضحية، كأن يتم الاختلاس في نشاط يتمثل في استيلاء الفاعل على الشيء المسروق بالإكراه، وأحيانا يتم خلسة دون علم المجني عليه.
أما فيما يرتبط بالركن المعنوي، فيعتبر السرقة من الجرائم العمدية التي يتخذ فيها هذا الركن صورة القصد الجنائي، الذي يتكون من عنصرين هما العلم والإرادة. وهو في جريمة السرقة يتضمن العلم بعناصر الجريمة، أي يجب أن يعلم الجاني بأنه يستولي على منقول مملوك للغير بدون رضاه. وأن تتجه إرادته إلى فعل الأخذ أو الاختلاس، أي الاستحواذ الكامل. وبالإضافة إلى القصد، فإنه يجب توافر قصد خاص في جريمة السرقة الذي هو نية التملك.
وقد نص المشرع المغربي على عقوبات جريمة السرقة في مجموعة من الفصول: من 505 إلى 510 من القانون الجنائي، إذ نجد مثلا أن الفصل 505 ينص على: " يعد سارقا كل من اختلس عمدا مالا مملوكا للغير، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم".
وليست واقعة "رحبة أمزاط" هي السرقة الأولى، ولكنها الأخطر، ونخشى أن يكون لها ما بعدها. فطالما سجلنا بامتعاض شديد مشاهد إجرامية شبه مماثلة في منصات التواصل الاجتماعي، ونحن نرى كيف يتجمع المواطنون على العربات والشاحنات عند انقلابها في حوادث سير مميتة وشروعهم في نهب البضائع وغيرها، دون اكتراث بمصير الضحايا الذين يصارعون الموت.
وليس كافيا أن تبادر مصالح الأمن بفتح تحقيقات والقبض على المشتبه في تورطهم خلال الانفلاتات الأمنية الخطيرة، بل إن الأمر أعمق من ذلك بكثير ويستدعي دراسة علمية مستفيضة لمعرفة الأسباب الثاوية خلف هذه النزعة الإجرامية المقيتة.
ذلك أن ظاهرة السرقة وبصرف النظر عن كونها انحرافا اجتماعيا ومرضا خطيرا، تعود إلى عوامل عديدة منها سوء التربية وما تعانيه بلادنا من إخلالات اجتماعية واقتصادية وتراجع القيم الأخلاقية، وغيرها مما يمكن لذوي الاختصاص التفصيل فيها، فإنها أصبحت تهدد أمن المواطنين وسلامتهم الجسدية والنفسية في غياب السلطات أحيانا وتقاعسها في أخرى، علما أن الدستور يضمن حق الحماية الجسدية والتنقل الآمن للأفراد. فهلا تتضافر جهود جميع فعاليات المجتمع من أجل الانخراط في تنشئة اجتماعية سليمة والحد من هذه الظواهر الاجتماعية الفظيعة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.