يعرف العالم المعاصر تغيرات ومستجدات سريعة اقتصاديا وتجاريا وتكنولوجيا ......فالتطورات المتسارعة التي عرفتها وتعرفها تكنولوجيا المعلومات و"الميديا" واستخداماتها في جل الأصعدة الاقتصادية، والاجتماعية، والعلمية.... وفر فرصا جديدة سمحت للشركات المتعددة الجنسيات أو العابرة للقارات في كل أنحاء العالم للاستفادة من خيرات البلدان المتاحة مقابل ضعف المقاولات والمؤسسسات الاقتصادية،والتجارية،والخدماتية الوطنية بتعددها واختلافها، وذلك نتيجة ضعف وهشاشة"بنيتها" والرعاية التي كانت تتلقاها من دوائر السلطة والقرار بهدف الاستمرار والبقاء والمساهمة في"تنمية"القاعدة الاقتصادية. مما يستوجب الاستناد على عمليات التخطيط باستخدام نماذج أو تقنيات صناعة القرار والعمل على زيادة الوعي بضرورة إتباع المنهج العلمي من أجل صناعة القرار وإقرار حكامة في التدبير و الإدارة، للمساهمة في استمرارية المؤسسات وإسهاماتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإدارية من جهة، وتحقيق فعاليتها بتقديم الأسس الكفيلة بمساعدة القائمين على الشأن بما يحتاجونه من هذه المناهج والأساليب العلمية لمساعدتهم في اتخاذ قراراتهم من جهة أخرى. ويعتبر التنبؤ من التقنيات والأساليب المساعدة في صنع القرارات،و حلقة وصل بين المؤسسة والمحيط الخارجي كذلك. تعرف نادرة أيوب، في نظرية القرارات الإدارية، التنبؤ:على أنه "التخطيط ووضع الافتراضات حول أحداث المستقبل باستخدام تقنيات خاصة عبر فترات زمنية مختلفة وبالتالي فهو العملية التي يعتمد عليه المديرون أو متخذو القرارات في تطوير الافتراضات حول أوضاع المستقبل". وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي يعرفها العالم والتي ألقت بضلالها على الوضع الاقتصادي بالمغرب و التي سيكون لها تداعيات على مستويات عدة، كان من المنتظر أن نسمع عن تنبؤات في شكل اقتراحات لتخفيف حدة الأزمة. لكن التنبؤات التي خرجت إلينا عبر بعض وسائل الإعلام، رغم اختلاف مشاربها، فإنها تتفق حول شئ واحد هو ستسقط الحكومة خلال..... الشئ الذي يدفعنا إلى طرح سؤال بسيط: ما هي الأساليب التي تم الاعتماد عليها في هذا التنبؤ؟ هل هي قائمة على أساس علمي أم أنه مجرد حدس أم أن الأمر شعوذة سياسية؟ ولماذا خانتهم تنبؤاتهم لحظة الحسم فيما سبق؟ إن اعتماد التنبؤ ومحاولة تطبيقه في شكله العلمي لاتخاذ القرارات، في نظر المتخصصين،تصادفه معيقات تؤثر في موضوعية القرار. وذلك لنقص المختصين في مجالات التقنيات الكمية بصفة عامة والتنبؤ بصفة خاصة ،وعدم وجود أنضمه خاصة بالمعلومات تحمل على عاتقها جمع البيانات ومعالجتها لتصل إلى معلومات دقيقة تستغلها في وقتها. ومنه فلا تغدو أن تكون هذه التنبؤات مجرد شعوذة سياسية تجعل العديد منا يشعر بالحسرة نتيجة تحول بعض من يحتلون المشهد السياسي إلى دجالين، وكذب الدجالون ولو صدقوا. إن السياسة اليوم تعتبر علما قائما بذاته، وينبغي مقاربته بما يتناسب مع مفهوم العلم من درجة من جهة ويستوجب تناول قضاياه باعتبار الممارسة السياسية في أحد أبعادها ظاهرة إنسانية تستلزم فهمها استنادا إلى ما توفره العلوم الإنسانية من خلاصات ومعارف بخصوصها . أما وأن تستمر الساحة السياسية مجالا للأهواء والمتمنيات الشخصية أو خاضعة لمصالح هذا الفريق أو ذاك، فان ذلك لن يزيد المجال إلا نفورا من قبل المواطنين، وسيضفي نوعا من الميوعة تضاف إلى ذلك السباق المحموم لاستهداف أعضاء الحكومة بشتى "أنواع الأسلحة" واعتماد منهجية الضرب تحت الحزام و فوقه لإلهائهم من جهة ولجرهم لميدان مواجهة أعد لهم ممن يتشاركون معهم نفس المرامي والغايات، وفي العديد من الوقائع، يتعدى النقد مستوى اللياقة التي ينبغي وأن يقف عندها النقاش السياسي وتضبط حدته. هؤلاء، سفراء النوايا غير الحسنة، يعلمون حد اليقين، طالما أن التاريخ لا يسعفهم للاستناد إليه، أن المشهد السياسي يشهد تغيرات جذرية تفرض حضور خطاب ثقة، والثقة ينبغي أن يمنحها السياسي للمواطن،في شكل تواصل شفاف، وليس العكس. هذا الشكل من التواصل يعتمد سنن متعارف عليها تقوم على أساس إبراء الذمة أمام هذا المواطن من المال الحرام واثبات نصاعة اليد من التطاول على المال العام، أو وجود اغتناء على حساب دافعي الضرائب.