لا يزال مشكل النقل الحضاري بالعديد من المدن المغربية، يشكل معاناة يومية للمواطنين، في ظل ضعف وسوء الخدمات، وتهالك أسطول الحافلات التي باتت توصف ب"صناديق الموت"، والتأخر المستمر عن المواعيد، والإهانة التي يتعرض لها الركاب في كثير من الأحيان. وتعتبر مراكش واحدة من أكثر المدن التي تعاني من أزمة النقل الحضاري، ورغم التنبيهات المتكررة والمطالب المتواصلة بالتدخل ومعالجة الوضع، وتوفير نقل يحفظ كرامة المواطنين، إلا أن الوضع لا يزال على حاله، ولا تزال حوادث الاحتراق أو فقدان السيطرة على الحافلات تتكرر، ومعها تتكر احتجاجات المواطنين.
وأكد فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش تدهور خدمات النقل الحضري والشبه الحضري بالمدينة، واعتماد أسطول متهالك، منتقدا ترويج الوعود لامتصاص واقع الأزمة وفشل السياسات العمومية. وقال حقوقيو مراكش في بلاغ إن الوضع المتردي الذي يطبع قطاع النقل الحضري والشبه الحضري بالمدينة، تنجم عنه انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان، لا سيما الحق في التنقل، والكرامة، والسلامة، والعيش في بيئة سليمة. وأضاف فرع الجمعية أنه ورغم مرور أكثر من عقدين على تفويت القطاع لشركة "ألزا" الإسبانية (منذ سنة 1999)، لم يواكب تمديد العقود المتكرر تحسن ملموس في جودة الخدمات، بل على العكس تزايدت شكايات المواطنين والمواطنات، وتفاقمت مظاهر الاختلال، من تهالك الأسطول، والأعطاب الميكانيكية المتكررة، وتأخر مواعيد الرحلات، إلى ضعف التغطية الترابية نتيجة غياب شبكة نقل ملائمة للتحولات العمرانية. ونبه البلاغ إلى أن هذا الواقع يدفع الساكنة إلى اللجوء لوسائل غير آمنة كالتريبورتورات والدراجات النارية، في ظل غياب بدائل مشروعة وذات كفاءة. وسجلت الجمعية بامتعاض شديد استمرار الجهات المفوضة في إطلاق وعود وتصريحات رسمية، خصوصا تلك الصادرة عن وزير الداخلية وعمدة المدينة بخصوص اقتناء حافلات جديدة وتحسين الخدمة، دون أن تجد هذه الوعود طريقها إلى التنفيذ، ما يجعل منها مجرد أدوات لتهدئة الأوضاع وامتصاص غضب الساكنة، في تعاط يفتقر إلى الجدية ويكرس المس بكرامة المواطنين. وأدانت الجمعية بشدة استمرار تردي خدمات النقل الحضري والشبه الحضري، واعتبرته إخلالا بمبادئ العدالة المجالية والانصاف الاجتماعي، وطالبت المجلس الجماعي، ووزارة الداخلية، ومجموعة الجماعات الترابية مراكش للنقل، بتحمل المسؤولية كاملة والكشف عن الامتيازات المالية الممنوحة لشركة "ألزا"، ومدى احترامها لدفتر التحملات. واستنكرت النهج القائم على الوعود الفارغة للجهات المسؤولة مركزيا ومحليا والهادفة لتمطيط آجال الأزمة، ودعت إلى وقف كل تمديد للعقد الحالي قبل إجراء افتحاص مالي وتقني مستقل وشفاف. وشددت الجمعية على ضرورة إرساء مخطط نقل حضري جديد ومستدام، يقوم على مقاربة تشاركية ويستجيب لحاجيات الساكنة وتوسعات المدينة، وأكدت أن استمرار الوضع الحالي يسيء إلى صورة المدينة ويشكل انتهاكا يوميا لحقوق المواطنين ومعاملة مهينة حاطة بالكرامة الإنسانية، ودعت إلى ضمان نقل عمومي يحترم كرامة الإنسان ويعزز العدالة الاجتماعية والمجالية.