قال قطاع التعليم للحزب الاشتراكي الموحد إن الأوضاع المقلقة التي طبعت الموسم الدراسي المنقضي، كشفت مجددا عن العمق البنيوي للأزمة التعليمية بالمغرب، وتأسفت لكون الاتفاقات المبرة في العقدين الأخيرين لم تجد طريقها للتفعيل. وانتقدت اللجنة الوطنية لقطاع التعليم بالاشتراكي الموحد في بلاغ بمناسبة نهاية الموسم الدراسي، استمرار السياسات الحكومية اللاشعبية واللاديموقراطية، التي تستهدف ضرب المدرسة العمومية وتقويض مكتسبات نساء ورجال التعليم.
وتوقفت على تراكم عدد من الاتفاقات المبرمة مع الشركاء الاجتماعيين، منذ ما يقارب عقدين من الزمن، دون تفعيلها بشكل شامل وملموس، لتتحول إلى غاية في حد ذاتها، بدل أن تكون وسيلة لحل الملفات العالقة وتجاوز أسباب الاحتقان المستمر. ونبهت إلى أن اتفاقات سابقة، من قبيل اتفاق 26 أبريل 2011، ظلت دون تنفيذ كامل، وهو ما انضاف إليه اتفاقا 10 و 26 دجنبر 2022، واللذان لم يفعلا بدورهما بالشكل الكامل، حيث لا تزال عدة ملفات تنتظر التنزيل. واعتبر البلاغ أن هذا النهج القائم على التراكم والتسويف، ونسخ الاتفاقات السابقة بأخرى لاحقة دون الوفاء بأي منها، لا يؤدي سوى إلى مزيد من الأزمات، ويكرس الإحباط ويحقق فقدان الثقة في إرادة الدولة، مما يؤكد غياب رؤية سياسية حقيقية لإصلاح المنظومة التعليمية. وأضاف أن هذا السلوك ثابت في تعاطي الحكومات المتعاقبة، بما فيها الحكومة الحالية، وهو ما يستوجب القطع معه بشكل جذري، من أجل تصحيح المسار وإنصاف الأطر التربوية والإدارية المختلفة في القطاع. وحملت اللجنة الحكومة المسؤولية السياسية الكاملة عن الوضع الكارثي الذي تعيشه المنظومة التعليمية، باعتباره نتيجة مباشرة لاختيارات نيوليبرالية تقشفية تفرغ التعليم العمومي من مضمونه الوطني والديمقراطي. وتأسف ذات المصدر لحادثة الانتحار الأليمة المتزامنة مع نهاية الموسم والتي راح ضحيتها الأستاذ معاذ بلحمرة، والتي تعد نتيجة مأساوية لتراكم الضغوط النفسية والإدارية، ومؤشرا خطيرا على غياب شروط الدعم النفسي والمواكبة المهنية داخل المؤسسات التربوية، في ظل سيادة منطق الزجر والتعسف الإداري، وطالبت بفتح تحقيق مستقل ونزيه في ظروف وملابسات الوفاة، وترتيب الجزاءات، وعبرت عن إدانتها لقرار التوقيف الاحترازي الذي طال الفقيد. ومن جهة أخرى، استنكرت الهيئة برمجة تكوينات خلال شهر يوليوز، في ظروف مناخية قاسية، وفي انتهاك لحق الأطر التربوية في الراحة السنوية، ما يعكس فشل التدبير التقني البيروقراطي، وغياب أي بعد إنساني أو تربوي في التخطيط الوزاري، واعتبرت على أن هذه التكوينات فرضت دون إشراك حقيقي، وخارج مقتضيات المقرر التنظيمي، مما أدى إلى ممارسات تمييزية بين المؤسسات، وضرب لمبدأ تكافؤ الفرص. وشددت اللجنة على أن أي إصلاح حقيقي للتعليم لن يتحقق إلا بوجود إرادة سياسية واضحة، تعيد الاعتبار للمدرسة العمومية، وتضمن حق أبناء الشعب في تعليم مجاني، ديمقراطي، وذي جودة، باعتباره شرطا أساسيا لبناء مغرب الكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية.