دعا عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلى استعادة الثقة في العملية الديمقراطية، ومحذرا من استمرار الالتفاف على إرادة المواطنين. وفي كلمته، التي ألقاها خلال لقاء حزبي يوم الأحد 03 غشت الجاري، قال بنكيران: "نحن الآن ننطلق من إرادة ملكية لكي لا يُشار إلى المغرب بالبنان فيما يخص العملية الديمقراطية"، مضيفا أن هذه الفرصة لا يجب أن تضيع. بنكيران، الذي بدا متأثرا بما اعتبره تراجعات خطيرة بعد انتخابات 2021، وجه انتقادات واضحة لما سماه ب"اللعب" الذي طبع الحياة السياسية، معتبرا أن زمن المجاملة انتهى. وصرح قائلا: "جاء وقت الجد، وهذا هو الهم الأصلي. نحن نريد أن ننجح، نعم، ولكن ليس ذلك شرطا لدينا. نحن قانعون بالمكانة التي ستمنحنا إياها الانتخابات الديمقراطية".
وانتقد بنكيران ما أسماه "البلوكاج السياسي" بعد انتخابات 2016، معتبرا أن الطريقة التي تم بها تدبير الأمور منذ ذلك الحين "لم تعطِ نتيجة"، وأن "الدليل هو ما نراه ونسمعه اليوم". وأضاف: "إذا كانت الأمور طبيعية، على رئيس الحكومة أن يقدم استقالته أو أن يخرج لتوضيح الأمور ويقول لنا إن ما يقال غير صحيح". وفي لهجة تنم عن حزم واضح، دعا بنكيران وزارة الداخلية إلى أن تتحمل مسؤوليتها بصرامة تجاه ما سماه ب"الإفساد الانتخابي"، مبرزا أن المواطنين "أصبحوا في حالة تكاد تشبه اليأس من الديمقراطية، ومن الانتخابات، ومن الأحزاب السياسية"، مشيرا إلى أن هذا الأمر يجب أن يُؤخذ على محمل الجد. وأكد أن حزبه لا يسعى إلى "الانتقام"، معتبرا أن هذا السلوك "ليس من الأخلاق المحمودة"، مشددا في المقابل على أن "ما حصل في انتخابات 2021 لا يمكن أن يُفهم إلا بكونه خارج القواعد الطبيعية"، مشيرا إلى أنه حتى الأشخاص الذين أعدوا لذلك "تفاجؤوا بالنتائج". وأضاف: "قمنا بأخطاء، نعم، ولكن هذه الأخطاء لا تبرر تلك النتائج غير الطبيعية". وفي نقد صريح لواقع السياسة الحالية، قال بنكيران: "هذا البلد يبدو أحيانا وكأنه متخصص في الالتفاف على القضايا"، مستنكرا غياب التوضيحات حول ملفات مالية كبرى، ومضيفا: "قولوا لنا الحقيقة كما هي، ولا تكلفوا أولئك الذين يخرجون للتشويش"، داعيا إلى الوضوح والمصداقية باعتبارهما الأساس الذي يُبنى عليه كل شيء. وأشار بنكيران إلى أن الانتخابات المقبلة يجب أن تكون مختلفة، خالية من المال الفاسد ومن تدخلات رجال السلطة، مشددا على أهمية أن تكون العملية شفافة وتحت أنظار "أضواء الكاشفات"، على حد تعبيره. وأضاف: "نريد أن يأتي العالم ليراقب عندنا، لا أن نظل نلعب في الظل". كما حث حزبه على العمل الميداني لمحاربة العزوف الانتخابي قائلا: "إذا تكررت نسبة المشاركة المتدنية كما حصل في 2007، فلن يكون هناك لا حكومة ولا برلمان"، ودعا إلى العودة إلى سياسة "زنقة زنقة ودار دار"، للتواصل مع المواطنين وضمان تسجيلهم وتصويتهم. وواصل في لهجة مرحة مشوبة بالجدية: "لو استطاعوا تقسيم نائب برلماني على اثنين لفعلوا ذلك". كما شدد على أن "الثقة هي كل شيء"، مؤكدا أن "الدولة تُبنى على الثقة قبل الرجال وقبل المال"، وموجها دعوة صريحة للأطر الحزبية إلى تجنب التعقيد والتركيز على المطالب العملية الواقعية، مضيفا: "نحن لا نطلب أمورا خاصة، بل مطالب تقنية واضحة تُظهر حسن النية".