تلقى محمد بنعلي، الرئيس المعزول للمجلس العلمي المحلي لفكيك، قرار إعفائه من مهامه بما وصفه ب"الفتح الرباني"، مؤكدا أنه لن يعود إلى المنصب "ولو عُرض علي العودة بعرض يوثق بالأيمان الغليظة، ويوقر بملء الأرض ذهبا"، معلنا طي صفحة العمل الرسمي وبدء مرحلة جديدة من "الأداء العلمي الحر خارج المؤسسة الرسمية، والرؤية الرسمية، والمواقف الرسمية، التي جردتني من استقلال فكري ومشاعري ومواقفي". وفي 31 يوليوز الماضي، أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بناء على قرار رسمي، إنهاء مهام محمد بنعلي كرئيس للمجلس العلمي المحلي بفكيك. وتجد الإشارة إلى أن تدوينات بنعلي على موقع فيسبوك، خاصة تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وفي مقدمتها منشور حمل عنوان "كلنا متواطئون في إبادة غزة" كانت قد أثارت جدلا واسعا، واعتُبرت من قِبل بعض المراقبين سببا محتملا لتسريع قرار الإعفاء.
وفي تفاعله مع موجة التضامن التي رافقت قرار إعفائه، نشر بنعلي رسالة عبر فيها عن امتنانه العميق لمن ساندوه، وخص بالذكر التفاعل مع تدوينته حول غزة، معتبرا أن "تركيزكم على تدوينتي الغزاوية، وتفاعلكم الصادق معها، هو شهادة حية على وجود أحرار في أمتنا، ودليلٌ على عمق المحبة والتقدير لكل من يختار الاصطفاف إلى جانب الحق في زمن الصمت والذلة والصغار والخذلان". وكشف بنعلي أن إحساسا داخليا راوده فجر يوم الجمعة دفعه إلى الإكثار من الصلاة على النبي، راجيا من الله "أن يفتح لي بابَ خيرٍ لا أتوقعه في هذا اليوم المبارك". وأضاف: "حينما تسلمت وثيقة الإعفاء، ارتاح قلبي واستيقنتُ أن هذا هو الفتح الذي كنت فيه راغبا". وأوضح أن قرار الإعفاء جاء دون توضيح رسمي لأسبابه، وأنه قبِله دون اعتراض أو نقاش، احتراما لمن سلمه القرار، قائلا: "فضلت أن أملأ فمي بماء نزار حتى لا أنطق بما قد يتكدر له، أو يبرد حرارة علاقتي به". بالمقابل، أوضح مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق وعضو المجلس العلمي الأعلى، في تصريح خص به موقع "هسبريس"، أن قرار الإعفاء صدر بناء على عملية تفتيش ميدانية همت ثمانية مجالس علمية بالجهة الشرقية، وأجرتها لجنة أوفدها المجلس العلمي الأعلى ضمت عضوين من الرباط، إلى جانب رئيس المجلس العلمي بمراكش ومسؤول مالي من المجلس العلمي بوجدة. وأوضح بنحمزة أن اللجنة حلت بمقر المجلس المحلي لفكيك صباح 2 يونيو، ولم تجد عند حلولها سوى موظف واحد وحارس، فيما التحق موظف آخر بعد مرور ثلاث ساعات، مما أثار استغراب اللجنة، ودفعها إلى مباشرة التفتيش والاطلاع على الوثائق قبل رفع تقريرها النهائي. وشدد على أن "المجالس العلمية ليست عملا رمزيا أو شرفيا، بل كتلة كبيرة من المشتغلين والأجور التي تُصرف، ويجب أن يكون في ذلك مقابل للأداء والمردودية". وأكد أن قرار الإعفاء لم يكن استثنائيا ولا يستهدف شخصا بعينه، بل جاء في سياق تقييم الأداء، مضيفا: "لا نريد أن يفتح الإنسان ذهنه للتوهمات، لأن هذا ليس سليما، والإنسان حينما يتحدث يجب أن يتأكد، لأن الكلمة مسؤولية"، داعيا بذلك إلى التعامل المتزن مع المؤسسات وعدم إلزام الناس بما لا يلزم.