15 يناير, 2016 - 07:39:00 هن فتيات قاصرات، وضعتهن ظروفهن الدراسية في مواجهة وحش آدمي ليس إلا مدير مؤسسة تعليمية يفترض أن يربي أجيال المستقبل قبل تعليمهم. قبل 5 سنوات، لا حديث يعلو بين فضاءات ثانوية "خ.2"، عن قضية تحرش مدير المؤسسة بتلميذاته، لكن خوفا من الفضيحة والألسن وسط مجتمع يجلد كل من ارتبط اسمه أو اسمها بقضية، اضطرت معظمهن للخضوع للأمر الواقع. "فاطمة الزهراء. ن"، "ن. ر" و"س.ح" قررن الخروج عن صمتهن، ووقفن أمام قاضي التحقيق ليسردن معاناتهن، بعدما تنكرت لهن نيابة التعليم بمراكش، وطوت الملف في صمت رهيب. "لكم" توصلت عن طريق جمعيات حقوقية، بتقرير يتضمن شهادات الطفلات ويكشف ملابسات الملف حسب محاضر الضابطة القضائية، وشهادات الأسر. ترهيب واستغلال للنفوذ "فاطمة الزهراء. ن" تعيد شريط ذاكرتها إلى ذات يوم أربعاء على الساعة الرابعة زوالا قبل فترة الاستراحة بدقائق في منتصف سنة 2011، كان عندها مكلفة بإيصال ورقة الغياب إلى الحارس العام المكلف بشعبة العلوم حيث طرقت بابه دون مجيب، ليومأ إليها المدير مستفسرا بمكتبه وبابه المفتوح ويطلب منها بأن تلتحق به، وهو ما أذعنت إليه التلميذة، مغلقا الباب خلفها وفي غفلة منها دفعها على الحائط وحاول تقبيلها ولمس مؤخرتها، لكنها صدته، في رعب متوجهة إلى مستودع الملابس باكية متحسرة لتعاني ويل الإفصاح عن جرمه، مما جعله يستغل نفوذه في ترهيبها من قبل بعض الأساتذة المخدوعين فيه وإقصائها من المسابقات التي تجريها المؤسسة والتي كانت تفوز بجوائزها . وأفاد التقرير أن شهادة الأساتذة المعنيين أكدوا أن المدير اتصل بهم قصد طي الملف (رمي العار، الذبيحة) لكن والدها وصهرها الموكل إليه متابعة القضية رفضوا أي مساومة على عرض ابنتهما، وطلبهما دعم جمعية "ما تقيش ولدي" التي ستتابع الملف إلى جانب "جمعية النخيل" و"الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" التي تبنت الملف ونصبت نفسها طرفا مآزر في القضية، بالإضافة إلى عريضة وقعها التلامذة والأساتذة وجهت إلى الوزارة المعنية . من جهة ثانية، نفى المدير المنسوب إليه حسب ما جاء في الشكاية، واعتبر المسألة لا تتجاوز المعطى الكيدي، معتمدا على تفاصيل روتينية للعمل الإداري، كمطالبته الضحية بإثبات وتدقيق المادة التي تدرسها قبل مادة التربية المدنية وساعة وقوع الحادث باعتباره ساعة تضبط فيها الحراسة العامة مبرئا نفسه من أي هاجس انتقامي بسبب عدم تكتم الضحية على لحادثة. في هذا الصدد، أفادت أخت الضحية "ف. ن" في اتصال هاتفي مع موقع "لكم"، أن المحكمة الابتدائية بمراكش أجلت الملف إلى جلسة 16 فبراير المقبل، مطالبة ب "رد الاعتبار المعنوي للضحايا، اللواتي أصبحن يعانين مشاكل نفسية، مما أثر على مردودهن الدراسي". تحرش بأختين "ن. ر" هي الأخرى كانت تدرس في السنة الأولى من التعليم الثانوي، خلال الموسم الدراسي 2011، حسب محضر المواجهة، "يقول التقرير"، على الساعة الثامنة صباحا وهو توقيت شروع التلامذة في الالتحاق بأقسامهم، كانت تحمل بين يديها وزرتها البيضاء، مما دفع أستاذة مادة علوم الحياة والأرض إلى إخراجها من القسم وإحالتها على الإدارة، ليتصيد المدير فريسته، وقالت "ن. ر" "حتى عزلني في اليمين في زاوية محجوبة عن الرؤى عن ساحة المدرسة"، فعمل المدير بنفسه على إلباسها وزرتها وبينما كان يغلق أصدافها، أخذ يعبث بنهديها، مما جعلها نتيجة الصدمة تدفعه، ليدفعها هو الآخر إلى الحائط ممسكا بكتفها ومقبلا فمها، الشيء الذي جعلها تغادر المؤسسة وهي في حالة نفسية صعبة. ففي الوقت الذي نفى فيه المدير وجود أي حجرة محجوبة عن الأنظار، يقول التقرير "أظهر محضر المعاينة أنه عند مدخل الباب من الجهة اليمنى واليسرى، هناك زاويتان طول واحد منهما حوالي 40 سنتيم وعرضها 40 سنتيم، ومحجوبة الرؤية عن الساحة ويمكن لأي كان الاختباء فيها "وتفيد رواية الأم أن ابنتها الأخرى (ا. ر) قد توجهت يوما إلى الإدارة قصد تسلم شهادة مدرسية فتعرض لنفس التحرش من قبل نفس المدير. والتي بدورها ستؤكد انه استقبلها مستفسرا عن سبب قدومها للمؤسسة حيث شرع في ملاطفتها وتوجيه عبارات الإعجاب نحوها عارضا عليها مرافقته إلى إحدى المقاهي. تكرار للسيناريو نفسه أما "س.ح" فتعود قضية التحرش بها إلى 2010/2011، عندما كانت تدرس بالسنة الثانية باكلوريا شعبة آداب عصرية، أكدت أن الحادثة وقعت على الساعة العاشرة صباحا في احد أيام شهر ابريل، حيث كان الناظر والحارس العام يقومان بجولات تفقدية، توجهت إلى مكتب الحارس العام بهدف الحصول على ورقة تبرير غيابها عن إحدى الحصص الدراسية، حيث مر بها المدير وأمرها بالالتحاق به دون أن يستفسرها عن سبب وقوفها بالممر الإداري، وما أن دخلت مكتبه حتى اقفله، حيث دفعها إلى أن ارتطمت بالحائط، ثم وضع يده اليمنى فوق صدرها شالا بذلك حركتها محاولا نزع تنورتها من الخلف ورمى بها فوق الكرسي، حيث تمكن من تقبيلها على مستوى رقبتها من الجهة اليمنى، فقاومته ودفعته برجلها ولاذت بالفرار، واستشهدت بتلميذة حضرت الواقعة وبالتلميذ(ي. س) الذي وقف بنفسه على السلوكيات المشينة للمدير . مطالب بعقوبات زجرية في هذا الصدد، كشف ياسير بلهيبة منسق لجنة التضامن مع ضحايا التحرش، أن الضحايا وجهوا مراسلة كتابية، لرئيسة جميعة آباء وأولياء التلاميذ وقامت بدورها بمراسلة النيابة بشأن "الخروقات وتقصي حقيقة ادعاءات الضحايا"، مبرزا أن هذه اللجنة الموكول إليها كشف الخروقات قامت بالتستر على المدير، فيما رفضت نيابة التعليم بالمدينة الكشف عن مآل التحقيق". وأضاف بلهيبة أن "المدير قام بمحاولة تضليل المعطيات، وشرع في استعمال نفوذه الشخصي والإداري داخل المؤسسة، فبدل أن يترك القضاء ليقول كلمته، عمل على التشويش على الضحايا والفعاليات الجمعوية، بحضوره المادي والمعنوي واقتحام مؤسسات جمعوية تخرج عن دائرة اختصاصاته وتوجيه الوعيد، وبدل أن يحضر عون قضاء أو يخبر السلطات حسب ادعائه في حالة ثبوت خرق، عمد إلى استغلال التلاميذ وإحضارهم كشهود". في ذات السياق، طالبت لجنة التضامن مع ضحايا التحرش الجنسي بالمؤسسات التعليمية بمراكش، في "عريضة تضامنية" وزير العدل والحريات بإنصاف الضحايا وضمان المحاكمة العدالة وعدم الإفلات من العقاب. وشددت ذات اللجنة على إيجاد ترسانة قانونية رادعة تضمن عدم الإفلات من العقاب (عقوبات وغرامات زجرية )، وتخصيص جزء خاص لمثل هذه القضايا في القانون الجنائي، والعمل على تجميع النصوص المتفرقة في مدونة الجنسية ومدونة الأسرة والقانون الجنائي والمسطرة الجنائية واتفاقيات حقوق الطفل . وطالبت بضرورة تكثيف حملات التشهير بالإفلات من العقاب، والتحسيس بمخاطر الظاهرة، وإخراج ملف التحرش والاغتصاب والعنف من الطابوهات المسكوت عنها إلى حيز التداول والتعبئة العامة، إلى جانب المطالبة بتكثيف دور المراقبة والتشهير والفضح والضغط في كل الملابسات التي ترتبط بأشكال تنزيل الاتفاقيات الدولية حيز التنفيذ.